العراق.. أزمة الجفاف تتفاقم بعد فشل المحادثات مع إيران

time reading iconدقائق القراءة - 6
بستان طاله الجفاف بسبب نقص المياه في محافظة ديالى شرق العراق- 27 يونيو 2021 - REUTERS
بستان طاله الجفاف بسبب نقص المياه في محافظة ديالى شرق العراق- 27 يونيو 2021 - REUTERS
بغداد- الشرق

أدى قطع إيران للروافد المائية الرئيسية المغذية لشرق العراق قبل عامين إلى تدهور الزراعة بمحافظة ديالى التي كانت تسمى يوماً "سلة غذاء العراق"، لتصبح دون زراعة للعام الثاني على التوالي، فيما يهدد الجفاف بساتينها وهجر المزارعون أرضهم.

وخاض العراق مفاوضات عسيرة مع طهران لحل الأزمة، لكن مسؤولاً عراقياً قال لـ"الشرق"، إن المفاوضات مع طهران "لم تُفضِ إلى أي حل".

وتبعد ديالى التي كان يطلق عليها لقب "أم البرتقال"، في إشارة لغزارة الزراعة فيها، نحو 60 كيلو متراً شرق العاصمة العراقية بغداد.

ويُعد نهرا سيروان والوند الرافدين المائيين الرئيسيين للمحافظة، إذ ينبع النهران من إيران ويصبا في نهر ديالى الذي يغذي سدي دربندخان وحمرين، ويصب في نهر دجلة إلى الجنوب من بغداد.

محصول الحنطة والشعير "صفر"

المتحدث باسم وزارة الزراعة العراقية حميد النايف، قال لـ"الشرق"، إنه لا تقدم في المفاوضات مع إيران التي قطعت روافد ديالى المائية وحولتها إلى الداخل الإيراني بحجة "شح المياه".

وأشار إلى أن تعثر المفاوضات أجبر وزارة الزراعة على إخراج ديالى من الخطة الزراعية الصيفية لعامين متتالين.

وأوضح النايف أن موافقات الري في ديالى تقتصر حالياً على البساتين ومياه الشرب فقط، إذ لا تستطيع الوزارة منح أي موافقات زراعية دون الرجوع إلى وزارة الموارد المائية.

وأضاف أن وزارة الزراعة تعمل على معالجة مشكلة المياه في المحافظة من خلال حفر الآبار، غير أن ذلك يحتاج إلى تكاليف كبيرة، إلى جانب أن الجهات المعنية غير قادرة على حفر الآبار الكافية لإنعاش المحافظة.

وأصبحت المياه الجوفية المورد الرئيسي للمياه بعد قطع الروافد من قبل إيران، بحسب النايف.

وتابع: "كانت ديالى تزرع في الأعوام الماضية أكثر من 30 ألف دونم من الحنطة والشعير، لكن الإنتاج بات حالياً صفر، وانخفضت كميات المحاصيل الأخرى من الحمضيات والفواكه إلى النصف تقريباً بعد أن كانت المحافظة تُصنف من المحافظات البستنية (المختصة بتخزين الثمار وحفظها).

هجرة المزارعين إلى المدينة

انعكس إخراج ديالى من الخطة الزراعية الصيفية بشكل مباشر على حياة المزارعين في المحافظة، فبدأ البعض منهم في هجر أرضه والتوجه نحو المدينة بحثاً عن ظروف حياة أفضل.

أحمد ياسر الكروي وهو أحد المزارعين العراقيين الذين تضرروا من شح المياه، ويقطن في قضاء بعقوبة ضمن ديالى، قال لـ"الشرق"، إنه كان يداوم على زراعة الحنطة والشعير والذرة الصفراء وحتى الشلب أحياناً في كل عام، غير أنه لم يعد قادراً على الزراعة بسبب النقص الحاد في المياه.

وأشار الكروي إلى أن الماء عادة ما كان وفيراً، ولا سيما في موسم ذوبان الثلوج في الربيع، إلا أنه انحسر بشكل كبير حالياً. 

واعتبر الكروي أن قرار وزارة الزراعة العراقية إخراج ديالى من الخطة الزراعية الصيفية للعام الثاني قاسياً بالنسبة للمزارعين، لافتاً إلى أن هذا الأمر سيدفعهم إلى الهجرة نحو المدينة، خاصة إذا ما بقي الحال على ما هو عليه.

وأشار إلى أن الكثير من المزارعين في المنطقة اضطروا لترك أراضيهم والهجرة إلى المدينة، وهو ما لا يرغب فيه، كونه ورث أرضه عن آبائه ونشأ وترعرع فيها.

حلول ممكنة لكن مكلفة

يقول الكروي إنه حاول بمشاركة عدد من المزارعين حفر آبار في مزارعهم لاحتواء الأزمة، لكن الكلفة تجاوزت مقدرتهم، إضافة إلى أن عملية إخراج المياه تحتاج إلى مضخات تعمل بالوقود، وهو ما يصعب توفيره في الوقت الحالي نسبة إلى ارتفاع أسعاره.

فضلاً عن أن كمية المياه المستخرجة تكون قليلة في العادة ولا تكفي الاستعمال اليومي، ولا تفيد في الزراعة التي تحتاج إلى كمية كبيرة من المياه، خاصةً وأن المزارعين يعتمدون على الري بالسيح. 

وأشار المزارع العراقي خلال حديثه لـ"الشرق"، إلى أنهم طالبوا وزارتي الزراعة والموارد المائية بتزويدهم بمنظومات الري الحديثة مثل التقطير والرش، لكن مطالبهم لم تلق اهتماماً يذكر، وفق قوله.

وأوضح أن السلطات المعنية أخبرتهم بـ"عدم وجود مخصصات لتلك البنود حالياً". وتترافق صعوبة إنعاش الوضع المائي في ديالى، مع عدم وجود بدائل إذ أن نهر دجلة بعيد عنها ومن الصعب إيصال المياه إليها إلا من الجانب الإيراني.

ورغم تلويح العراق بتدويل قضية المياه، إلا أن السلطات في طهران لم تستجب لمطالب العراق، ولا تزال ترفض إطلاق الحصص المائية الخاصة بالعراق.

فشل المفاوضات مع إيران

وزير الموارد المائية العراقي مهدي رشيد الحمداني، ذكر أن المفاوضات بشأن المياه المشتركة، فشلت بسبب عدم استجابة الجانب الإيراني للمطالبات والخطابات الرسمية الموجهة من العراق.

ولفت إلى أن العراق توصل إلى تفاهمات متقدمة مع الجانب التركي بشأن الحصص المائية في نهري دجلة والفرات، إلا أن إيران "لم تبد أي تعاون في هذا المجال".

وشدد الحمداني، على أن العراق "لن يتراجع عن الدعوة التي أقامها ضد إيران في محكمة العدل الدولية"، مضيفاً أن فرص بلاده في الفوز بها كبيرة كون الجانب الإيراني قام بتحويل مجرى 41 رافداً إلى داخل الأراضي الإيرانية وقطعها بشكل كامل عن العراق. 

وفيما يتعلق بالمفاوضات مع تركيا يترقب العراق زيارة وفد برئاسة ممثل الرئيس التركي وزير الغابات والمياه فيصل أوغلو لبحث قضية المياه، في وقت تقول فيه وزارة الموارد المائية العراقية إن هذه الزيارة ستكون تتويجاً للمباحثات التي خاضتها بغداد مع أنقرة في وقت سابق، بحيث سيحدد فيها موضوع خطة التشغيل الصيفية للسدود والخزانات وحجم خطة زراعة الشلب والذرة الخضراء.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات