للمرة الأولى منذ 19 سنة، أشارت اليابان إلى "احتلال روسي غير شرعي" لجزر متنازع عليها، في تقريرها الدبلوماسي السنوي الذي تزامن مع توتر متزايد في العلاقات بين الدولتين الجارتين، بعد غزو موسكو لأوكرانيا، كما أفادت وكالة "بلومبرغ".
وثمة نزاع بين البلدين منذ أكثر من 75 سنة، بشأن جزر معروفة باسم "الكوريل الجنوبية" في روسيا، و"الأراضي الشمالية" في اليابان، بعدما استولى الاتحاد السوفيتي عليها في الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، وطرد آلافاً من سكانها اليابانيين.
وورد في "الكتاب الأزرق الدبلوماسي لعام 2022" الذي أصدرته وزارة الخارجية اليابانية: "الأراضي الشمالية هي جزر تخضع لسيادة اليابان، وجزء لا يتجزأ من أراضينا، وتخضع الآن لاحتلال غير شرعي من روسيا".
وأشارت الوزارة إلى أن وصف الجزر بأنها "جزء لا يتجزأ" من أراضي اليابان، لم يُعتمد في "الكتاب الأزرق" منذ عام 2011، فيما أن الحديث عن "احتلال غير شرعي" هو الأول منذ تقرير عام 2003.
"فظاعة" غزو أوكرانيا
وفي سياق متصل، وصف التقرير الغزو الروسي لأوكرانيا، بأنه "فظاعة تقوّض أسس النظام الدولي، ليس فقط في أوروبا ولكن أيضاً في آسيا"، معتبراً أن الظروف الحالية تجعل احتمالات التوصّل إلى نتيجة في المحادثات مع موسكو بشأن الجزر، غير مؤكدة، كما أفادت وكالة "كيودو" اليابانية للأنباء.
وقلّلت اليابان من شأن مزاعمها بشأن الجزر، في العقدين الماضيين، في محاولة لتعزيز علاقاتها مع روسيا وإبرام معاهدة سلام تنهي الأعمال العدائية رسمياً بينهما، بحسب "بلومبرغ".
ولكن منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، اتبعت طوكيو نهج واشنطن بشأن العقوبات المفروضة على موسكو، وطرد دبلوماسيين روس. كما جمّدت اليابان أصولاً مالية لحوالى 500 روسي، إضافة إلى منظمات ومؤسسات مالية، بما في ذلك مصرف "سبيربنك".
وتعهد رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، حظر واردات الفحم الروسي، من دون تحديد جدول زمني لتحقيق ذلك، علماً أن طوكيو تستورد أيضاً النفط والغاز من موسكو.
في المقابل، أدرجت روسيا اليابان على لائحة لدول "غير صديقة"، وأنهت محادثات بشأن الجزر مع طوكيو، اعتبر الرئيس الروسي السابق، ديمتري ميدفيديف، أنها لم تكن أكثر من "طقوس".
التحالف الياباني - الأميركي
تقرير الوزارة أعرب أيضاً عن قلق شديد من تكثيف النشاط العسكري المشترك بين روسيا والصين، في المنطقة المحيطة باليابان، كما بثت هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية "إن إتش كاي".
واعتبر أن "العالم دخل عصر التنافس بين الولايات المتحدة والصين"، منذ دعمت واشنطن الاستقرار والازدهار في العالم، من خلال "قوة سياسية واقتصادية وعسكرية هائلة"، في إشارة إلى تعزيز حضور الدول الناشئة والنامية.
وأضاف أن التحالف بين اليابان والولايات المتحدة بات "أقوى من أيّ وقت في التاريخ"، علماً أن البلدين عقدا 8 قمم و15 محادثة بين وزيرَي الخارجية بحلول أواخر فبراير 2020، بعد تنصيب الرئيس الأميركي جو بايدن في يناير 2021، بحسب "كيودو".
قلق من الصين
وفي وصفه للوضع في آسيا، أشار التقرير إلى "الصين ومنغوليا ودول أخرى"، قبل "شبه الجزيرة الكورية"، للمرة الأولى منذ عام 2002، ممّا يُظهر اهتماماً قوياً بنفوذ متنامٍ لبكين في المنطقة.
وتابع أن النشاطات العسكرية المتزايدة للصين باتت "مصدر قلق شديد من جهة الأمن، بالنسبة إلى المجتمع الدولي ومناطق، بما في ذلك اليابان".
واعتبر التقرير أن "المحاولات الأحادية (التي تبذلها) بكين لتغيير الوضع الراهن" في المياه القريبة من جزر "سينكاكو"، التي تديرها طوكيو وتطالب بها بكين في بحر الصين الشرقي، "ليست مقبولة إطلاقاً".
لكنه دعا الدولتين إلى بذل جهود لبناء "علاقات بنّاءة ومستقرة بين اليابان والصين"، مشيراً إلى أنها مهمة "ليس فقط بالنسبة إلى البلدين، ولكن من أجل السلام والازدهار في المنطقة والمجتمع الدولي".
الكوريتان
وندّد التقرير بإطلاق كوريا الشمالية صواريخ، واصفاً ذلك بأنه "غير مقبول إطلاقاً"، ولافتاً إلى أنها تطلق صواريخ "بوتيرة عالية جداً وبأشكال جديدة"، منذ بداية العام، بما في ذلك إطلاقها للمرة الأولى صاروخاً باليستياً عابراً للقارات في مارس الماضي، للمرة الأولى منذ نوفمبر 2017.
ونبّه إلى أن علاقات اليابان مع كوريا الجنوبية في "وضع خطر جداً"، مستشهداً بخلافات بشأن تعويض كوريات أُرغمن على العمل في ظروف قهرية مخصّصة للجيش الياباني، والعاملين بالسخرة خلال الحرب العالمية الثانية.
تقرير العام الماضي، أفاد بأن الوضع "بقي غير مقبول بالنسبة إلى اليابان"، فيما ورد في التقرير الأخير أن هذه الحالة "لا يمكن أن تبقى كما هي".
جاء ذلك بعد انتخاب مرشّح المعارضة المحافظة، يون سوك يول، رئيساً لكوريا الجنوبية الشهر الماضي، معرباً عن استعداده لتحسين العلاقات المتوترة مع طوكيو.
اقرأ أيضاً: