
حكم القضاء التركي، الاثنين، على الناشط ورجل الأعمال عثمان كافالا بالسجن مدى الحياة من دون إمكان تخفيض العقوبة، بعد إدانته بتهمة محاولة إسقاط الحكومة عبر تمويل احتجاجات عام 2013، في قضية قالت المحكمة العليا بأوروبا وحلفاء أنقرة الغربيون إن لها دوافع سياسية.
وكان كافالا البالغ من 64 عاماً قيد الاحتجاز في السجن منذ 4 سنوات ونصف بدون إدانة، وينفي التهم الموجهة إليه بشأن احتجاجات "جيزي" التي بدأت في شكل مظاهرات صغيرة في متنزه بإسطنبول في 2013 وتوسعت حتى أصبحت اضطرابات مناهضة للحكومة.
وقضت المحكمة أيضاً على 7 أشخاص آخرين بالسجن 18 عاماً بتهمة المساعدة في محاولة للإطاحة بالحكومة وأمرت باعتقالهم. وقالت المحكمة إنها قررت تبرئة كافالا من تهمة التجسس لعدم كفاية الأدلة.
واكتظت قاعة المحكمة بأكثر من 200 شخص، بينهم معارضون ونشطاء حقوقيون، وردد كثيرون هتافات أمام لجنة القضاة للتعبير عن الاحتجاج.
ومن سجن سيليفري وبواسطة تقنية الفيديو، تابع كافالا مرافعات محاميه ثم استمع إلى تلاوة الحكم الذي أرجئ من شهر إلى آخر.
وفي كلماته الأخيرة قبل النطق بالحكم، قال كافالا إن طلب المدعي العام بالسجن المؤبد يستند إلى "دليل لا معنى له" وإن الأمر يصل لأن يكون "جريمة اغتيال باستخدام القضاء".
وأكد محاموه الثلاثة أن القضاة لم يسألوه يوماً عن "مكان وجوده" عند حصول الوقائع المرتبطة بتوجيه الاتهام اليه، كما قال أحدهم "لم تحصل محاكمة. لم تطرحوا سؤالاً واحداً على عثمان كافالا".
وذكر محام آخر بأن "كافالا متهم بأداء دور في محاولة الانقلاب العام 2016، لكن أحداً لم يسأله عن مكان وجوده ليلة الانقلاب".
مطالب بالإفراج
وفي أول رد فعل على إدانة كافالا والـ7 الآخرين، قال نيلز موزنيكس مدير برنامج أوروبا في منظمة العفو الدولية: "شهدنا اليوم انحرافاً للعدالة عن مجراها بصورة مذهلة، فهذا الحكم ضربة قاصمة ليس فقط لعثمان كافالا والمتهمين الآخرين معه وعائلاتهم، ولكن لكل من يؤمن بالعدالة وحقوق الإنسان في تركيا وخارجها".
واعتبر مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في تغريدة على تويتر، أن الحكم المؤبد على عثمان بالإضافة المتهمين الأخرين "قسوة كبرى".
وأشار إلى "أنهم يتجاهلون قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان"، ومضيفاً أن "احترام الحقوق والحريات الأساسية أصبح اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى".
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في بيان: "ننتظر أن يتم الافراج فوراً عن كافالا"، مضيفة أن هذا الحكم "يتعارض بشكل صارخ مع معايير سيادة القانون والتعهدات الدولية التي التزمت بها تركيا كعضو في مجلس أوروبا ومرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي".
من جانبها دعت "الجمعية التركية للحقوقيين المعاصرين" المحامين إلى المشاركة في وقفة خارج قاعة المحكمة، الثلاثاء المقبل، للاحتجاج على الحكم.
تبرئة ثم توقيف
وخيّمت قضية كافالا المعروف بأعماله الخيرية والمولود في باريس على العلاقة بين تركيا وحلفائها في الغرب منذ توقيفه في أكتوبر 2017.
وعُرف الناشط كافالا كرجل أعمال استخدم جزءاً من ثروته لدعم مشاريع ثقافية وغيرها تهدف لمصالحة تركيا مع خصمتها أرمينيا، لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صوّره كعميل يساري للملياردير الأميركي المولود في المجر جورج سوروس الذي اتُهم باستخدام أموال أجنبية في محاولة للإطاحة بالدولة، بحسب وكالة "فرانس برس".
واتُهم بداية بتمويل موجة تظاهرات عام 2013 يرى بعض المحللين بأنها "خرجت نتيجة نزعة أردوغان الاستبدادية".
وبرّأته المحكمة من هذه التهمة وأطلقت سراحه في فبراير 2020، لتوقفه الشرطة مباشرة بعد القرار، حيث اتهمته محكمة أخرى لاحقاً بالضلوع في محاولة انقلاب 2016 الدامية التي أطلقت العنان لحملة أمنية استمرت سنوات وتم خلالها سجن عشرات آلاف الأشخاص أو تسريحهم من وظائفهم الحكومية.
ودفعت طريقة معاملته مجلس أوروبا لإطلاق إجراءات تأديبية نادرة من نوعها يمكن في نهاية المطاف أن تؤدي إلى تعليق عضوية تركيا في المجموعة الحقوقية الأكبر في القارة.