
بينما تركز وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) على أوروبا الشرقية، والحضور الصيني في المحيط الهادئ، تعيد قوات مشاة البحرية في الشرق الأوسط تنظيم وإعداد نفسها، مع التركيز على إيران.
جاء ذلك وفقاً لما قاله قائد القيادة المركزية لقوات مشاة البحرية، الميجور جنرال بول روك في مقابلة مع موقع "ديفينس وان" الأميركي.
ولفت إلى أنه في حين أن انتشار مشاة البحرية في المنطقة قد انخفض بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، فإن قواتنا تدرك "أن هناك فرصة عادلة بأننا لم نر نهاية الأزمة أو الطوارئ في هذه المنطقة، وتريد (القوات) أن تكون مستعدة لمثل هذا الاحتمال".
وتابع روك: "من كان يظن، على سبيل المثال في القيادة الأوروبية الأميركية قبل ستة أو ثمانية أشهر أننا سنكون في هذا الموقف الآن؟"، في إشارة إلى الغزو الروسي لأوكرانيا. مضيفاً: "علينا أن نكون مستعدين للرد حيثما كان".
وكشف روك أن القيادة المركزية لقوات مشاة البحرية تعمل على تحديث شبكات الاتصالات حتى تتمكن القوات من الوصول إلى أي مكان لتكون جاهزة على الفور، ووضع المعدات مسبقاً في المسرح لتقليل متطلبات الانتقال الاستراتيجي.
وأشار إلى أنها تعمل أيضاً مع الشركاء في المنطقة، وهو "الأمر الذي لا يحسن العلاقات واستعداد مشاة البحرية الأميركية فحسب، بل يعزز أيضاً قدرة جيوش المنطقة الأخرى، وكل ذلك يساعد على الردع، ويساعد تلك الدول في الحفاظ على استقرار المنطقة وأمنها من خلال ردع إيران".
واعتبر روك أن "إيران لاعب انتهازي يتغذى على الضعف، ويستغله في سعيه لتوسيع نفوذه" وفق تعبيره، لذا فإن تحسين قدرات القوات الشريكة "يساعد على تقوية المنطقة، وتحسين استقرارها ضد الأنشطة الإيرانية".
"مهارة حاسمة"
وأوضح أن مثل هذه الاستعدادات تساعد مشاة البحرية في الشرق الأوسط على التدرب على جلب وحدات من الولايات المتحدة أو أي مكان آخر، معتبراً ذلك مهارة حاسمة، لأن القيادة المركزية لمشاة البحرية لم يعد لديها قوة دائمة من نحو 2200 فرد من مشاة البحرية والبحارة الذين يستطيعون العمل كفرق جوية وبرية في الوقت نفسه.
وبحسب "ديفينس نيوز"، كان سلاح مشاة البحرية قد أنشأ مجموعة من فرق العمل الجوية - البرية التابعة للأغراض الخاصة للاستجابة للأزمات والطوارئ بعد الهجوم على السفارة الأميركية في بنغازي بليبيا.
إحدى هذه الوحدات كانت متمركزة في منطقة القيادة المركزية، وكانت تعتبر مستقبل سلاح مشاة البحرية في ذلك الوقت. وكانت جزءاً لا يتجزأ من عملية الإجلاء التي جرت في أغسطس الماضي من كابول، لكن تم إنهاء عملها بعد فترة وجيزة من تلك المهمة، تاركة سلاح مشاة البحرية مع وحدة صغيرة فقط موجودة في البحرين، في إطار الوجود الدائم في المنطقة التي تضم 21 دولة.
وقال روك إنه حتى قبل توليه القيادة في يوليو "كان من الواضح أنَّ القيادة المركزية تمر بفترة انتقالية وكذلك الكثير من مشاة البحرية والقوة المشتركة" مع انتقالها من فترة صراع واسع النطاق في مسرحين داخل المنطقة، إلى لا شيء.
وأشار إلى أن قيادته تكيّفت مع تلك التغييرات في هيكل القوة والتمويل "من خلال تحويل ثقل جهودنا لتصبح مقراً يركز على المنافسة والتخطيط، ومستعداً وقادراً على الانتقال السريع لدعم الاستجابة للأزمات وعمليات الطوارئ".
ردع إيران
وبدأ روك أيضاً سلسلة من التدريبات، تسمى "إنتريبد ميفن"، كفرصة ربع سنوية لجلب قوات من الولايات المتحدة للتدريب مع القوات الشريكة في المنطقة. والأول كان في فبراير مع الأردن، والثاني سيكون مع الكويت.
وقال روك إنه "في كل واحدة من (هذه التدريبات)، نبني علاقات، ونعمل على تحسين جاهزية كل من قواتنا والقوات الشريكة لنا. وكل ذلك يساعد على تقوية المنطقة وتحسين استقرارها ضد الأنشطة الإيرانية".
وأضاف روك أن "ردع إيران وأنشطتها الخبيثة وأنشطة وكلائها يدعم الكثير مما نقوم به على أساس مستمر".
"جوهرة التاج"
وقال روك إنه بينما لم يعد لدى القيادة المركزية لقوات مشاة البحرية فريق عمل بحري - أرضي - جوي خاص بها، إلا أنها تمتلك ما أسماه "جوهرة التاج"، وهي فرقة عمل مشتركة بين البحرية ومشاة البحرية، وهي الوحيدة من نوعها.
وأوضح أن "فرقة العمل 51 لواء الاستطلاع البحري الخامس"، أو ما يعرف اختصاراً بـ (51/5)، هي وحدة دائمة مقرها البحرين، يقودها أحد أفراد مشاة البحرية، وتتألف من مشاة البحرية والبحارة، والوحدة هي مقر الاستجابة للأزمات التابع للقيادة المركزية الأميركية. وقال روك إنها قادرة على توفير القيادة والسيطرة من البر أو البحر أو عبر الأفق.
وأشار إلى أنه خلال عملية الإجلاء من أفغانستان، وفرت فرقة العمل (51/5) القيادة والسيطرة على الأرض في مطار حامد كرزاي الدولي، وكانت مستعدة للمساعدة في عمليتي إجلاء أخريين غير قتاليتين في الأشهر القليلة الماضية، في السودان وآسيا الوسطى.
وأضاف: "إنها مستعدة للتحرك في غضون مهلة قصيرة جداً، وقد أثبتت فاعليتها مراراً، وبالتالي فإنها تشكل مساهمة لدينا في متناول اليد تقطع شوطاً طويلاً نحو تحسين استجابتنا".
وفي نوفمبر، قادت هذه الفرقة مشاركة الولايات المتحدة في مناورات برمائية تابعة للبحرية مع الجيش الإسرائيلي، ثم في أواخر مارس، عمل عناصر من مشاة البحرية تحت إشراف فرقة العمل 51/5 مع مشاة البحرية الملكية البريطانية في تدريب شمل الصعود إلى سفينة وتفتيشها والاستيلاء عليها.
وقال روك: "لا يوجد مثال أفضل على التكامل البحري من فرقة العمل 51/5، التي تجمع نقاط القوة بين قوات القيادة والسيطرة"، مضيفاً أنه يبحث عن طرق "للبناء على هذا النموذج" على مستوى القيادة المركزية للقوات البحرية "للتأكد من أننا ننظر إلى الأشياء من منظور متكامل".
وأضاف روك أن منطقة القيادة المركزية هي "في الأساس مسرح بحري، مع نقاط الاختناق الاستراتيجية الدولية الرئيسية، من قناة السويس إلى باب المندب إلى مضيق هرمز".
وعلى الرغم من أن ما يسمى بـ "تهديد السرعة" للجيش الأميركي هو الصين في غرب المحيط الهادئ، إلا أن روك قال إن الفرقة لديها أيضاً "خصائص عالمية"، مضيفاً: "لذلك، لا تزال القدرة على الاستجابة السريعة للأزمات مهمة جداً لسلاح مشاة البحرية. وبالنسبة لهذا الأمر، فهو جزء كبير من الطريقة التي نوجه بها أنفسنا ونحن نتطلع إلى الأمام".




