تشهد ولاية بنسلفانيا الأميركية معركة بشأن تعديل دستوري لحظر الإجهاض، قد تشمل تداعياته الولايات المتحدة بأكملها، إذا ألغت المحكمة العليا قرارها التاريخي الذي يتيح الإجهاض.
واستخدم الحاكم الديمقراطي لبنسلفانيا، توم وولف، حق النقض ثلاث مرات ضد مشاريع قوانين مناهضة الإجهاض، أقرّها المجلس التشريعي الذي يسيطر عليه الجمهوريون في الولاية، وتعهد بالدفاع عن حقوق الإجهاض، طالما بقي في منصبه، حسبما نقلت "بلومبرغ".
لكن وولف سيتنحى عن منصبه في يناير المقبل، وتُعدّ المعركة لخلافته من بين الأكثر احتداماً في السباق لاختيار 36 حاكماً في كل أنحاء الولايات المتحدة، خلال انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، في نوفمبر المقبل.
وبنسلفانيا هي واحدة من 12 ولاية تنقسم فيها السيطرة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، حيث يمكن لحاكم جمهوري أن يتمتع بالتأثير الأكثر مباشرة في قوانين الإجهاض، إذا اعتبرت المحكمة العليا الأميركية أن قرار "رو ضد وايد" التاريخي لعام 1973، الذي يكرّس الحق في الإجهاض، كان "خطأ صارخاً منذ البداية"، كما ورد في مسوّدة قرار للمحكمة، نشرتها مجلة "بوليتيكو" قبل أيام.
كذلك تُعتبر بنسلفانيا من أبرز الولايات التي ستشهد معارك خلال انتخابات التجديد النصفي، إذ يمكن أن يؤدي التنافس على المقاعد في مجلسَي النواب والشيوخ إلى تغيير في ميزان القوى، ربما نتيجة قانون الإجهاض في واشنطن، بحسب "بلومبرغ".
تبادل أدوار بين الديمقراطيين والجمهوريين
وقبل أيام من الانتخابات التمهيدية في بنسلفانيا، المرتقبة في 17 مايو، شهدت استطلاعات الرأي انقلاباً بشأن مقدار تأثير الإجهاض في أذهان الناخبين هذا العام. ففي استطلاع سريع أعدّته مؤسسة Morning Consult، أبرز 42% من الناخبين الأميركيين الذين يميلون إلى الديمقراطيين، أهمية التصويت لمرشح يتبنّى موقفهم من الإجهاض، ولو اختلفوا معه في ملفات أخرى. هذه النسبة لم تتجاوز 31% لدى الجمهوريين، علماً أن أكثر من عقد من الاستطلاعات أظهر أن مسألة الإجهاض تشكّل دافعاً أكبر بالنسبة إلى الجمهوريين، بحسب "بلومبرغ".
وقالت سيني إسبينوزا، المديرة التنفيذية لمنظمة Planned Parenthood Pennsylvania Advocates، المعنية بالصحة الجنسية في الولاية، إن المنظمة تلقّت أكثر من 300 رسالة إلكترونية من مؤيدين، بعد ساعات على تسريب قرار المحكمة العليا، وردت في كثير منها عروض للتطوّع أو التبرّع. وأضافت: "الناس مستعدون وقلقون ويدركون أن الأخطار ضخمة".
وأصدرت لجنة تابعة لمجلس الشيوخ في الولاية الشهر الماضي تعديلاً دستورياً يحظر الإجهاض، حتى في حالات الاغتصاب أو سفاح القربى أو الظروف التي تهدد حياة المرأة.
ملاذ آمن للإجهاض
وما يحدث في بنسلفانيا يمسّ كل أنحاء الولايات المتحدة، إذ إنها أقرب ولاية لإجراء عملية إجهاض، من بين مجموعة كبيرة من ولايات الغرب الأوسط، مثل أوهايو وميشيجان ووست فرجينيا وكنتاكي، حيث ستُطبّق القيود على الإجهاض، إذا ألغت المحكمة العليا قرار "رو ضد وايد".
وإذا فُرض حظر في هذه الولايات على إجهاض النساء الحوامل منذ 15 أسبوعاً، فإن عدد النساء اللواتي سيرين في بنسلفانيا أقرب ملاذ لهنّ سوف يرتفع إلى 2.4 مليون من 330 ألفاً، بحسب "معهد جوتماشر" الذي يدرس اتجاهات الإجهاض.
ويسمح قانون بنسلفانيا بالإجهاض حتى الأسبوع الرابع والعشرين، ولكن فُرضت قيود على ذلك في السنوات الأخيرة، ما يعكس وجهات نظر ناخبي الولاية الذين قد لا يدعمون فرض حظر شامل على ذلك، ولكنهم يساندون غالباً فرض حواجز حماية أكثر صرامة، بحسب "بلومبرغ".
وعلى المرأة التي تريد الإجهاض الحصول على المشورة والانتظار لمدة 24 ساعة، قبل إجراء العملية.
وعلى الفتيات القاصرات الحصول على موافقة الوالدين. وفي الولاية أقل من 45 منشأة تتيح الإجهاض، ما يعني أن لا عيادة قريبة بالنسبة إلى 85% من مقاطعات بنسلفانيا التي تضم نحو نصف سكانها، بحسب "معهد جوتماشر".
تناوب على منصب الحاكم
اعتبرت روكسان سوتوكي، مديرة المشاركة المجتمعية في "مراكز النساء" التي تدير عيادات في بنسلفانيا ونيوجيرسي وكونيتيكت وجورجيا، أن بنسلفانيا "معادية" لحرية الوصول إلى الإجهاض، رغم أنه قانوني في الولاية. وقالت إن الكثير من "القيود الشائعة بدأت في بنسلفانيا".
يرى 8 من كل 10 ناخبين في بنسلفانيا أن الإجهاض يجب أن يكون قانونياً. لكن 31% منهم فقط يعتقدون بوجوب أن يكون قانونياً في كل الظروف، فيما يعتبر 53% أن الإجهاض يجب أن يكون قانونياً في ظروف معيّنة، وفقاً لاستطلاع أعدّته "كلية فرانكلين ومارشال" الشهر الماضي.
خلال أكثر من 50 عاماً، كان ناخبو بنسلفانيا يتيحون تناوباً على منصب الحاكم. وبهذا المقياس، يجب أن يكون الحاكم المقبل جمهورياً. كما أن سكان الولاية مستاؤون من الرئيس الديمقراطي جو بايدن، إذ اعتبر واحد من كل ثلاثة منهم، أنه يؤدي عملاً جيداً، وفقاً لاستطلاع أعدّته "كلية فرانكلين ومارشال".
وهذا لا يبشر بالخير بالنسبة إلى المرشحين الديمقراطيين الأربعة الذين يسعون إلى الفوز بمقعد في مجلس الشيوخ، خلفاً للجمهوري المتقاعد بات تومي، أو بالنسبة إلى السيناتور بوب كيسي الذي لن يخوض الانتخابات قبل عام 2024، ولكنه الديمقراطي الوحيد المناهض للإجهاض في مجلس الشيوخ، بخلاف السيناتور الديمقراطي جو مانشين.
بعد تسريب قرار المحكمة العليا بشأن الإجهاض، سيكون هذا الأمر من بين الملفات التي ستشملها استطلاعات الرأي في بنسلفانيا الأسبوع المقبل، علماً أنها تستقطب عدداً كبيراً من المرشحين لشغل مقعد تومي الذي اعتبرته منظمة Planned Parenthood Pennsylvania Advocates "أحد أكثر أعضاء مجلس الشيوخ المعادين للإجهاض، والمناهضين لصحة المرأة في الكونجرس".
اقرأ أيضاً: