إسرائيل.. عودة نتنياهو تخيّم على المشهد وبينيت يرفض الاستسلام

time reading iconدقائق القراءة - 8
بنيامين نتنياهو ونفتالي بينيت خلال اجتماع للحكومة الإسرائيلية- 30 أغسطس 2016.  - REUTERS
بنيامين نتنياهو ونفتالي بينيت خلال اجتماع للحكومة الإسرائيلية- 30 أغسطس 2016. - REUTERS
دبي-الشرق

حذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، ممّا وصفه بحملة تشنّها "آلة سمّ وأكاذيب" ضد حكومته الائتلافية، مؤكداً رفضه "الاستسلام" وأن "مستقبل إسرائيل على المحك"، بحسب تعبيره، فيما قالت النائبة غيداء ريناوي الزعبي، إنها لا ترغب في عودة، بنيامين نتنياهو، رئيساً للوزراء، معتبرة أنه "البديل الأكثر سوءاً".

والخميس، أعلنت عضو الكنيست غيداء الزعبي، استقالتها من حزب "ميرتس" اليساري، ما يجعل قبضة بينيت أقل إحكاماً على السلطة، خصوصاً أنه فقد الأكثرية الضئيلة التي كانت لديه، ما يعني إمكانية سقوط الحكومة عند أول استحقاق.

وسارعت المعارضة برئاسة بنيامين نتنياهو إلى توجيه سهامها إلى الحكومة، وقدمت اقتراحاً بحل الكنيست يفترض أن يطرح للتصويت الأربعاء، وهو ما يعني التوجه إلى انتخابات خامسة في 40 شهراً. 

"تأبين سابق لأوانه"

ومع استقالة الزعبي تقلّصت أغلبية الحكومة إلى 59 من المقاعد الـ120 في الكنيست، بعدما أعلنت النائبة اليمينية عديت سليمان انسحابها أبريل الماضي، مبرّرة قرارها بأسباب "دينية". 

ويرأس بينيت منذ سنة ائتلافاً من 8 أحزاب يضم اليسار والوسط واليمين وأحزاب عربية اجتمعت بشكل رئيسي على رغبتها بالإطاحة برئيس الوزراء السابق، لتنهي بذلك المدة القياسية التي أمضاها نتنياهو في رئاسة الحكومة، والتي استمرت 12 عاماً. 

وفي الوقت ذاته، اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لَبيد، أن "تأبين الحكومة سابق لأوانه"، بعدما بات الائتلاف يحظى بأقلية برلمانية.

ووجهت الزعبي رسالة إلى بينيت ولبيد، تقول فيها إن "قادة الائتلاف اختاروا الحفاظ على جناحه اليميني وتعزيزه في الأشهر الماضية، من منطلق اعتبارات سياسية ضيقة"، واتهمته بتبنّي "مواقف متشددة" بشأن ملفات تمسّ المجتمع العربي في إسرائيل.

"لا أريد عودة نتنياهو"

وأعربت الزعبي عن خيبة أمل كبرى من زملائها في الائتلاف، مشددة على أن "العودة إلى نتنياهو ليست خياراً بالنسبة إليّ". وقالت لصحيفة "هآرتس": "ربما وضعته (بينيت) تحت ضغط خارجي، وذلك لكي تبدأ الحكومة بالتعامل بجدية مع القضية الفلسطينية.. ومطالب المجتمع العربي".

وانتقدت زملاءها في حزب "ميرتس"، قائلة: "أردتُ من الحزب أن يدين سلوك الشرطة خلال تشييع شيرين أبو عاقلة (مراسلة قناة الجزيرة)، لكن هذه الإدانة لم تصدر".

وأضافت: "أولئك الأشخاص الذين يُفترض أن يمثلوا ميرتس، هذا هو المهم؟ أن تكون في الحكومة بأيّ ثمن؟ يُذهلني في كل مرة يريد فيها اليسار اليهودي الإسرائيلي أن ننقذهم نحن العرب من نتنياهو، ولكن بعد ذلك يوجّهون أصابع الاتهام إلينا ويقولون: افعلوا ما نريد من دون أن يكون لديكم رأي خاص. هذه ليست الطريقة التي تنجح بها شراكة حقيقية. إذا عاد نتنياهو، فالمسؤولية تقع على (وزير الدفاع بيني) جانتس و(وزيرة الداخلية أيليت) شاكيد".

ولفتت الزعبي إلى أنها "لا تعرف ما يخبّئه المستقبل"، عندما يتعلّق الأمر بمغادرة الكنيست نهائياً، مشيرة إلى أنها لا تزال مترددة بشأن احتمال التصويت على حلّ الكنيست الأسبوع المقبل.

"حكومة يمينية متطرفة"

والجمعة، استقبلت الزعبي، رئيس "القائمة العربية الموحّدة" منصور عباس، وقالت: "طلب أن يأتي إليّ لتسوية الأمور.. تحدثنا عن إحباطنا من جنوح الحكومة يميناً، وتحوّل ائتلاف الشراكة إلى حكومة يمينية متطرفة.. اتفق معي على أن الأمر صعب جداً عليهم".

وأبلغت الزعبي لَبيد رغبتها "في التمسك بقرار الانسحاب من الائتلاف". مشيرة إلى أنها "لن تصوّت تلقائياً ضد الائتلاف في الكنيست، وأنها ستنظر في كل مشروع قانون على حدة"، معتبرة أن "بعضها مفيد للجمهور العربي" في إسرائيل.

وأقرّت أيضاً، بأن بينيت في مأزق، مستدركة أنها تتوقّع منه أن يجتهد للحفاظ على علاقاته مع الجناح اليساري في الائتلاف. وقالت: "دخل في شراكة مع اليسار واليمين، وكان يجب أن يدرك ذلك في وقت سابق".

"آلة سمّ وأكاذيب"

وعلّق بينيت على الأزمة عبر "فيسبوك" بأن الفكرة وراء تشكيل حكومة الوحدة كانت "بسيطة": "أنا رجل يميني ولن أغيّر معتقداتي.. سأشكّل حكومة مع صديقي لَبيد، تضمّ أفراداً من الوسط واليمين واليسار، وكذلك مع منصور عباس.. علينا جميعاً، وأنا أيضاً، تقديم تنازلات".

وشكا من أن حكومته تواجه "آلة سمّ وأكاذيب، تصوّرنا كأننا خونة"، مضيفاً: "هذه الآلة تحمّل الحكومة مسؤولية كل هجوم إرهابي".

وأشار إلى أن زوجته وابنه تلقيا "تهديدات مع رصاصات، من امرأة.. تعتقد بأن هدفي هو تسليم الدولة لحماس من أجل الاحتفاظ بالسلطة، وبأن عليها إنقاذ البلاد من الدمار". وأضاف: "يجب ألا نستسلم.. ليست لدينا دولة أخرى. إن مستقبلنا على المحك".

"لا نعتزم الاستسلام"

أما لَبيد فشدد على أن "هذه الحكومة هي الأمر الصحيح بالنسبة إلى إسرائيل وشعبها". وكتب على "فيسبوك": "لا نعتزم الرضوخ أو الاستسلام.. ليست لدينا أيّ نية للسماح لنتنياهو أو (النائب اليميني المتطرف إيتمار) بن غفير بتدمير البلاد.. سنستمرّ في فعل ما كنا نفعله: سنجلس، وسنُصلح ما يجب إصلاحه".

وأضاف: "جرى تأبين (الحكومة) 5 مرات، من خلال نشرات إخبارية خاصة، وعدنا. الآن يقول هؤلاء الأشخاص أنفسهم إن كل شيء انتهى، لم ينتهِ الأمر، ما زلنا هنا".

عودة نتنياهو؟

فيما اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الائتلاف الحاكم في إسرائيل ينهار، مّا قد يؤدي إلى تنظيم انتخابات جديدة، يمكن أن تعيد نتنياهو إلى الحكم، متزعّماً تحالفاً يعتقد محللون بأنه سيكون من الأكثر يمينية في تاريخ الدولة العبرية.

ولفتت إلى أن 4 انتخابات سابقة، نُظمت بين عامَي 2019 و2021، انتهت دون فائز واضح، مشيرة إلى أن انتخابات جديدة محتملة قد تخرج بنتيجة مشابهة، ولم تستبعد أن تشكّل المعارضة حكومة لا يرأسها نتنياهو.

ولفتت إلى أن نتنياهو لا يزال أقرب إلى العودة للحكم من أيّ وقت، منذ خسارته الصيف الماضي، علماً أن الادّعاء طلب تغيير صياغة لائحة اتهام في محاكمته بشأن مزاعم فساد والتي قد ترغمه على تجميد نشاطه السياسي لسنوات.

ونقلت الصحيفة عن أنشيل فايفر، معدّ كتاب "بيبي" الذي يتناول السيرة الذاتية لنتنياهو، قوله: "نتنياهو مستعد دوماً للعودة. إسرائيل لم تتغيّر، إنها لا تزال منقسمة بين مؤيّديه ومنتقديه، لذلك فإن (تنظيم) انتخابات أخرى ليس سوى رمية أخرى من النرد لمعرفة ما إذا كان في إمكانه أخيراً انتزاع أغلبيته المراوغة".

"حريق نتنياهو"

"نيويورك تايمز" نسبت إلى محللين أن نتنياهو وحزبه اليميني، الليكود، أوصلا إسرائيل خلال العام الماضي إلى حافة انتخابات جديدة، من خلال استراتيجية تذكّر بتلك التي ينتهجها الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة، إذ هاجم بلا هوادة شرعية الحكومة، من خلال اتهامها بالاحتيال على الناخبين، كما قوّض قدرتها على العمل، من خلال رفض العمل معها على أيّ تشريع جديد، ولو في المسائل ذات الاهتمام المشترك.

نتنياهو لم يبلغ حد اتهام بينيت بسرقة الانتخابات، لكنه اعتبر أنه خدع الشعب الإسرائيلي، إذ ترشّح عن اليمين ثم شكّل ائتلافاً مع اليسار.

وقال ميتشل باراك، وهو مساعد سابق لنتنياهو: "هناك مقارنة مع (الرئيس الأميركي السابق دونالد) ترمب. لا يوجد شيء اسمه (التآلف بين) الحزبين بالنسبة إلى نتنياهو، عند محاولة إسقاط هذه الحكومة".

النائب البارز في حزب الليكود، ميكي زوهار، ذكر أن الحزب يعتمد "استراتيجية بسيطة جداً"، مفادها: "نحاول أن نفعل كل ما في وسعنا لإقناع الناس في هذا الائتلاف بالانسحاب منه. نريد أن نطلب دعم الشعب لمنحنا الأغلبية من أجل الحكم اليهودي في إسرائيل".

لكن المعلّق الإسرائيلي آري شافيت، كتب في صحيفة "ماكور ريشون" اليمينية: "على المدى البعيد، سيكتشف نتنياهو أن الطريق الذي اختار أن يسلكه سيقوده إلى مأزق. كثيرون من ناخبي يمين الوسط سيرون في قوميته المتشددة أنانية بلا حدود. قوميته المتعصبة ستخيف مئات الآلاف. عندما يتضح أن بيبي لم يعُد قادراً على السيطرة على الحريق الذي أشعله، فسيحترق".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات