تقرير: الولايات المتحدة تتخلى عن "سياسة الغموض" مع الصين

time reading iconدقائق القراءة - 6
الرئيس الأميركي جو بايدن في اتصال "عبر الفيديو" مع نظيره الصيني شي جين بينج - 18 مارس 2022 - REUTERS
الرئيس الأميركي جو بايدن في اتصال "عبر الفيديو" مع نظيره الصيني شي جين بينج - 18 مارس 2022 - REUTERS
دبي -الشرق

خلال زيارته إلى اليابان وكوريا الجنوبية في جولته الآسيوية الأولى، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن، في مايو الماضي أن بلاده "ستتدخل عسكرياً"، إذا حاولت الصين غزو تايوان، فيما بدا أن تكرار تحذيره يمثل تخلياً عن سياسة "الغموض الاستراتيجي" التي تتبعها واشنطن منذ فترة طويلة.

وقال الرئيس الأميركي في اليابان إن بلاده التزمت في الماضي بدعم سياسة "الصين الواحدة"، وأن بكين "ليس لديها صلاحية دخول تايوان واستخدام القوة للسيطرة عليها".

وقارن بايدن الغزو الروسي لأوكرانيا بما يشاع عن وجود نية صينية بالتدخل في تايوان وحذر الرئيس الأميركي من أنه سيؤدي ذلك لـ"زعزعة استقرار المنطقة بأكملها"، مؤكداً أن "الصين مثل روسيا ستدفع ثمن أفعالها على المدى الطويل".

وقالت مجلة "ناشيونال إنترست" الأميركية، إن رسالة بايدن تفيد بشكل واضح للغاية بأن الولايات المتحدة ستقوم بعمل عسكري للدفاع عن تايوان ضد الصين وذلك أقوى مما فعلت مع أوكرانيا في حربها ضد روسيا.

"الوضوح الاستراتيجي"

وأضافت "ناشيونال إنترست" أن ظهور سياسة "الوضوح الاستراتيجي" التي يتبعها بايدن من سياسة الغموض الاستراتيجي يمثل جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية الردع، والتي تحدث عنها إلبريدج كولبي، نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي في عهد دونالد ترمب، في كتابه "استراتيجية الإنكار: الدفاع الأميركي في عصر صراع القوى العظمى".

وقال كولبي في كتابه، إن الولايات المتحدة يجب أن تدافع عن تايوان مع حلفائها مثل اليابان وكوريا الجنوبية، وإن واشنطن قادرة على الانتصار في الحرب أو منعها. 

الكاتبة الأميركية جيسيكا ماثيوز قالت في نقدها للكتاب في مجلة "فورين أفيرز"، إن افتراضات كولبي وتخميناته المتقلبة تُضعف هذا الرأي.

وفي مقال بعنوان "العش المكسور: ردع الصين عن غزو تايوان" نشرته مجلة "باراميترز" التي تصدرها الكلية الحربية الأميركية، قال جاريد ماكيني، الباحث في مجال العلاقات الدولية، وبيتر هاريس، أستاذ مساعد في العلوم السياسية بجامعة كولورادو، إن أي "سياسة ردع تحول تايوان إلى منطقة غير مرغوبة، بحيث يكون استيلاء الصين على مقاطعة منفصلة أمر غير منطقي".

وتضمنت التوصيات الأربعة التي قدمها ماكيني وهاريس "التهديد بتدمير شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة"، وهي شركة عالمية متخصصة في صناعة الرقائق وتُعد أهم مورد للصين.

تكلفة ضبط النفس

ويرى الكاتبان أن تدمير شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات سيُصيب الصناعات عالية التقنية الصينية بالشلل في الوقت الذي تتورط فيه الدولة في جهود حربية ضخمة، مشيران إلى أن التكاليف الاقتصادية ستستمر لسنوات بعد انتهاء الحرب، ما قد يضر بشرعية الحزب الشيوعي الصيني الحاكم.

وأوضح الكاتبان أن الدرس المستفاد من الغزو الروسي لأوكرانيا يتمثل في أن التهديدات المتكررة بفرض عقوبات اقتصادية، وفرض إجراءات حظر وحصار اقتصادي، والتدخلات العسكرية غير المباشرة للولايات المتحدة لم تمنع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من شن الحرب.

ويرى الكاتبان أن تقدم الصين سيقلل تكلفة الأعمال العسكرية ضد تايوان، بينما ستكون تكلفة ضبط النفس مرتفعة بسبب السياسات الداخلية المتبعة في تايوان مؤخراً، وفي هذه الحالة، لن يتمتع الجيش الأميركي بتفوق واضح في المنطقة.

 وقال ماكيني وهاريس إن السيناريو المستقبلي لتايوان سيكون إما أمراً واقعاً للصين أو تصعيداً لحرب قوة عظمى بين الصين والولايات المتحدة.

ونظراً للمخاطر والتكاليف الباهظة التي ينطوي عليها الردع عن طريق الإنكار، يرى ماكيني وهاريس، أن تايوان والولايات المتحدة يجب أن يرفعا تكلفة العمل العسكري الصيني من خلال التحول إلى استراتيجية بديلة، وهي استراتيجية "الردع بالعقاب"، عن طريق إقناع الصين بأن غزو تايوان سيضر بمصالحها الوطنية واستراتيجية التنمية المحلية.

واقترح الكاتبان أيضاً تأكيد الولايات المتحدة على استمرار "الغموض الاستراتيجي" لـ"تقليل تكلفة ضبط النفس، وذلك عن طريق التأكيد للصين على أن تخليها عن الغزو لن يعني خسارتها لتايوان، مع إقناع البلدين بأن الولايات المتحدة ملتزمة بالحفاظ على السلام في مضيق تايوان".

وقالت "ناشيونال إنترست" إن تحليلها للوضع يختلف عن استنتاجات ماكيني وهاريس، موضحةً أنه منذ عام 1949، لم تردع استراتيجية الغموض والتفوق العسكري الأميركي الجهود العسكرية والاقتصادية للصين في تغيير الوضع الراهن في مضيق تايوان، ولم يدفعا بكين للتخلي عن ما يشاع سعيها لغزو تايوان.

ولخص الكاتبان استراتيجية "العش المكسور" في أربعة عناصر هي تعزيز الدفاعات التايوانية، وحملة مقاومة مُخطط لها مسبقاً، والتدمير الثاني لشركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات، ورد إقليمي من حلفاء الولايات المتحدة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات