
قالت مصادر دبلوماسية سودانية لـ"الشرق" الجمعة، إن الإدارة الأميركية طالبت السودان بتقديم إيضاحات بشأن وجود قوات من مجموعة "فاجنر" الروسية في مناطق استخراج الذهب، فيما نفت مصادر عسكرية إنشاء قاعدة روسية بمدينة بورتسودان شرقي البلاد.
وأوضحت المصادر أن "الإدارة الأميركية استفسرت من السودان عن وجود قوات فاجنر الروسية بالمناطق والمدن التي تشتهر بإنتاج الذهب، كما أبلغت السودان تحفظاً على وجود القوات ببعض المناطق".
من جانبها، أفادت مصادر عسكرية سودانية "الشرق"، بأنه "لا اتجاه" لإنشاء قاعدة عسكرية روسية بمدينة بورتسودان شرق السودان.
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" نشرت مطلع الشهر الجاري تقريراً قالت فيه إن حليفاً مقرباً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يدير شركة للتنقيب عن الذهب في منجم شمال السودان ذي الموقع الاستراتيجي، ما يُشكل منصة لتوسيع عمليات مرتزقة المجموعة، التي "تقدم خدمات" للحكومات عبر إفريقيا.
امتيازات مربحة
وقالت الصحيفة آنذاك إن "فاجنر" حصلت على امتيازات تعدين سودانية مربحة تنتج سيلاً من الذهب، كما تظهر السجلات، يمكن أن يعزز مخزون الكرملين من المعدن الأصفر الذي تبلغ قيمته 130 مليار دولار، والذي يخشى مسؤولون أميركيون أنه يستخدم لتخفيف تأثير العقوبات الاقتصادية رداً على حرب أوكرانيا، من خلال دعم الروبل.
وأضافت في تحقيق مطوّل أعده كبير مراسليها بإفريقيا ديكلان والش، إن شركة التنقيب عن الذهب التي تعرف باسم "مروى جولد" (Meroe Gold) تقع في منجم ذهب بالعبيدية، وهي منطقة ذات صحراء صخرية غنية بالذهب بولاية "نهر النيل"، تبعد 200 ميل شمال العاصمة السودانية.
ويُسمي السكان المحليون شركة التنقيب بـ"الشركة الروسية"، وهي منشأة تخضع لحراسة مشددة ذات أبراج لامعة، في عمق الصحراء، تحوّل أكوام الخام المتربة إلى سبائك من الذهب شبه الخالص.
وفي الحقيقة، تُظهر سجلات الشركة والحكومة السودانية، أن منجم الذهب هو أحد المراكز العسكرية لمجموعة "فاجنر"، وهي شبكة غامضة من المرتزقة الروس، وشركات التعدين، وعمليات النفوذ السياسي، يسيطر عليها رجل الأعمال الروسي يفجيني بريجوجين، العنصر الرئيسي لقوات "فاجنر"، تنتشر بنشاط عبر مساحات شاسعة من إفريقيا.
قاعدة عسكرية
وفي شرق السودان، تدعم "فاجنر" مساعي الكرملين لبناء قاعدة بحرية على البحر الأحمر لاستضافة سفنها الحربية التي تعمل بالطاقة النووية. وفي غرب السودان، وجدت منصة انطلاق لعمليات مرتزقتها في البلدان المجاورة، ومصدراً محتملاً لليورانيوم.
ومنذ أن استولى الجيش السوداني على السلطة في أكتوبر الماضي، عززت المجموعة شراكتها مع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، لا سيما بعد زيارته على رأس وفد رفيع إلى موسكو عشية بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا.
في هذا الصدد، قال مسؤولون غربيون إن مجموعة "فاجنر"، قدمت "مساعدة عسكرية للجنرال حمدان، وساعدت قوات الأمن السودانية على قمع حركة شعبية هشة مؤيدة للديمقراطية".
ومجموعة "فاجنر" اشتهرت بأنها مورِّد للمرتزقة المأجورين، ولكنها تطوّرت خلال السنوات الأخيرة إلى أداة أوسع نطاقاً وأكثر تطوراً لسلطة الكرملين، وفقاً لخبراء ومسؤولين غربيين يرصدون انتشارها تحدث معظمهم عن بريجوجين، ومجموعته بشرط عدم الكشف عن هويتهم، مبررين ذلك بسرية عملهم أو في بعض الحالات، مخاوف على سلامتهم.