احتشد عشرات الآلاف من المتظاهرين في الولايات المتحدة، السبت، مجددين دعوتهم إلى اتخاذ تدابير للحد من انتشار الأسلحة، بعد عمليات إطلاق نار جماعي أوقعت ضحايا في مدن أميركية في الآونة الأخيرة، ويأمل نشطاء أن تُرغم تلك الاحتجاجات الكونجرس على التحرك.
وقالت رئيسة بلدية مقاطعة كولومبيا، موريل بوزر، خلال "مسيرة من أجل حياتنا" التي نُظمت للمرة الثانية في مدينتها: "هذا يكفي. أتحدث بصفتي رئيسة بلدية وأماً، وباسم ملايين الأميركيين ورؤساء بلديات في أميركا يطالبون الكونجرس بأداء وظيفته التي تتمثل في حمايتنا وحماية أطفالنا من عنف السلاح".
ودعا متحدثون خلال المسيرة أعضاء مجلس الشيوخ، الذين يُعتبرون عائقاً أساسياً أمام تمرير تشريع في هذا الصدد، إلى التصرف أو مواجهة تصويت مناهض لهم في انتخابات التجديد للكونجرس، المرتقبة في نوفمبر المقبل، نظراً إلى الصدمة التي أحدثها مصرع 19 طفلاً ومدرّسَين داخل مدرسة روب الابتدائية في أوفالدي بتاريخ 24 مايو الماضي، كما أفادت وكالة "أسوشيتد برس".
"تغيير مَن هم في الحكومة"
قال ديفيد هوج، وهو ناجٍ من حادث إطلاق نار في عام 2018، أسفر عن مصرع 17 طالباً وموظفاً في مدرسة مارجوري ستونمان دوجلاس الثانوية في باركلاند بولاية فلوريدا: "إذا لم تستطع حكومتنا فعل أي شيء لمنع مصرع 19 طفلاً وذبحهم في مدرستهم وقطع رؤوسهم، فقد حان الوقت لتغيير مَن هم في الحكومة".
وحضّت ناجية أخرى من مجزرة باركلاند، وهي مؤسِسة مشاركة لـ"مسيرة من أجل حياتنا"، إكس جونزاليس، الكونجرس على التغيير، قائلة: "إننا نُقتل".
أما يولاندا كينج، حفيدة ناشط الحقوق المدنية مارتن لوثر كينج جونيور، فقالت: "هذه المرة مختلفة لأن الأمر لا يتعلّق بالسياسة، بل بالأخلاق. ليس اليمين واليسار، ولكن الصواب والخطأ، وهذا لا يعني فقط الأفكار والصلوات. إن هذا يعني الشجاعة والعمل".
ودعا مانويل أوليفر، الذي سقط ابنه خواكين بإطلاق نار في باركلاند، الطلاب إلى "تجنّب العودة إلى المدرسة حتى يتوقف قادتنا المنتخبون عن تجنّب أزمة العنف المسلح في أميركا، ويبدأوا العمل لإنقاذ حياتنا".
"الجمعية الوطنية للبنادق"
تجمّع المئات في مدرج في باركلاند، حيث أشارت ديبرا هيكسون، التي سقط زوجها كريس هيكسون مدير الألعاب الرياضية في المدرسة الثانوية خلال إطلاق النار، إلى أن دخول الشبان المتاجر وشراء الأسلحة "سهل جداً". وأضافت: "العودة إلى المنزل إلى سرير فارغ ومقعد فارغ على الطاولة، هو تذكير دائم برحيله. لم نكن قد انتهينا من صنع الذكريات ومشاركة الأحلام والعيش معاً. العنف المسلّح حرم عائلتي من ذلك".
في سان أنطونيو التي تبعد 136 كيلومتراً شرق أوفالدي، هتف متظاهرون بوجوب "رحيل الجمعية الوطنية للبنادق"، أبرز لوبي مؤيد لاقتناء السلاح في الولايات المتحدة.
ودعا فرانك رويز الذي قال إنه ساهم في تنظيم المسيرة إلى إقرار قوانين لإصلاح امتلاك السلاح، مشابهة لتلك التي سُنَّت في فلوريدا بعد إطلاق النار في باركلاند، والتي ركّزت على رفع السنّ اللازمة لشراء أسلحة نارية معيّنة، والإبلاغ عن الذين يعانون من مشكلات في الصحة العقلية.
الكونجرس والعنف المسلّح
أقرّ مجلس النواب الأميركي مشاريع قوانين لرفع الحدّ الأدنى للعمر اللازم لشراء أسلحة نصف آلية، ويأمل أعضاء في مجلس الشيوخ من الحزبين التوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع حول إطار عمل لمعالجة هذه المسألة، وعقدوا محادثات الجمعة، ولكن لم يتم الإعلان عن أي اتفاق، بحسب "أسوشيتد برس".
قال الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي كان في كاليفورنيا لدى بدء التجمّع في واشنطن، إن رسالته إلى المتظاهرين تتمثل بوجوب "الاستمرار في (تنظيم) مسيرات"، مضيفاً أنه "متفائل إلى حدّ ما" بشأن المفاوضات في الكونجرس للتصدي للعنف المسلّح، علماً أنه دعا أخيراً إلى اتخاذ عدة خطوات في هذا الصدد، بما في ذلك رفع الحدّ الأدنى لعمر الساعين إلى شراء أسلحة هجومية.
في نيويورك، انضم رئيس البلدية إريك آدامز، الذي نظم حملة لكبح العنف في أكبر مدينة أميركية، إلى المدعية العامة في الولاية ليتيسيا جيمس التي تقاضي "الجمعية الوطنية للبنادق"، في قيادة ناشطين عبر جسر بروكلين، قائلاً: "لا شيء يحدث في هذا البلد حتى ينهض الشبان لا الساسة".
واحتشد مئات الأشخاص في حديقة خارج مبنى المحكمة في بورتلاند بولاية مين، وهتفوا "الجمعية الوطنية للبنادق، كم عدد الأطفال الذين قتلتهم اليوم؟".
"العيش في خوف"
وسار مئات المتظاهرين في ميلووكي، حيث أُصيب الشهر الماضي 21 شخصاً في إطلاق نار خلال مباراة في الدوري الأميركي للمحترفين لكرة السلة، خاضها نادي ميلووكي باكس. وقالت منظمة المسيرة، تاتيانا واشنطن، التي قُتلت عمتها أثناء عنف مسلّح في عام 2017: "لا يزال الكثير منا يفكرون بشدة في إطلاق النار الجماعي الذي حدث بعد مباراة باكس. يجب ألا نخاف من الذهاب لمشاهدة فريقنا... وألا نعيش في خوف من إطلاق النار علينا".
كان المنظمون يأملون أن تجذب المسيرة الثانية 50 ألف شخص إلى النصب التذكاري في واشنطن، ولكن الحشد بدا أقرب إلى 30 ألفاً، بحسب "أسوشيتد برس". هذا الحدث جذب أكثر من 200 ألف شخص في عام 2018، غير أن التركيز هذه المرة كان على مسيرات أقلّ حجماً في نحو 300 موقع.
أدلى ناجون من إطلاق نار جماعي وحوادث أخرى للعنف المسلّح في الولايات المتحدة بشهاداتهم في الكابيتول هيل هذا الأسبوع، من أجل الضغط على المشرّعين. وكان من بينهم ميا سيريللو، وهي فتاة عمرها 11 عاماً نجت من إطلاق النار في مدرسة روب الابتدائية. ووصفت للمشرّعين كيف غطّت نفسها بدماء زميل لها في الصف لتتجنّب إطلاق النار عليها.
اقرأ أيضاً: