تستعرض الصين قوتها بشكل متزايد على الساحة الدولية أخيراً في ظل رئاسة شي جين بينج، ما يصعّد المخاوف من أن تشن هجوماً عسكرياً على جزيرة تايوان، التي تستعد "لأسوأ السيناريوهات".
وتعتبر بكين أن تايوان جزء من أراضيها، وتقول إنها عازمة على "استعادة السيطرة ولو بالقوّة" على الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي، والبالغ عدد سكانها حوالى 23 مليون نسمة.
لكن تنفيذ غزو واسع النطاق ليس بأي حال من الأحوال الخيار الوحيد أمام الصين لإجبار تايوان على الخضوع إليها. حيث توجد 4 سيناريوهات يمكن أن تنفذها بكين، بحسب وكالة "فرانس برس".
ضمّ جزر بعيدة
يُمكن للصين أن تغزو بعض أو كل جزر تايوان البعيدة عن الجزيرة الأساسية، حيث تقع كل من جزيرتي "كينمن"، و"ماتسو" على بعد نحو 10 كيلومترات قبالة ساحل الصين الرئيسي، وتعرضتا لقصف مدفعي مستمر في العقود التي تلت نهاية الحرب الأهلية الصينية.
ويمكن أن تستهدف بكين أيضاً، مصالح تايوانية أخرى في بحر الصين الجنوبي، مثل جزيرة "براتاس" المرجانية، أو حتى "تايبينج" الواقعة في سلسلة جزر "سبراتلي" البعيدة.
وإذا أرادت التصعيد أكثر يمكنها الاستيلاء على أرخبيل "بينجو" الأقرب إلى تايوان، الذي يقع على بعد نحو 50 كيلومتراً من الجزيرة الرئيسية.
في هذا الإطار، قال الأدميرال المتقاعد لي هسي مين الذي كان قائداً للقوات المسلحة التايوانية حتى عام 2019، إن "أهمية بينجو الاستراتيجية تفوق أهمية الجزر الأخرى".
وأضاف: "إذا احتل جيش التحرير الشعبي بينجو، فسيشكل ذلك موطئ قدم لهجمات قصيرة المدى وتحقيق تفوق جوي".
وذكر تقرير للكلية الحربية البحرية الأميركية، أنّ هناك "عدداً من المزايا المهمة" لاستراتيجية انتزاع جزر تكون قاعدة لهجمات أخرى، وتبدأ من الجزر التايوانية النائية.
لكن يمكن لبكين أيضاً أن تختار عدم مهاجمة الجزيرة الرئيسية، واستخدام عمليات الضم للضغط الدبلوماسي والنفسي على تايبيه.
إغلاق جمركي
يمكن للصين أيضاً أنّ تفرض "إغلاقاً جمركياً"، أي السيطرة بشكل فعال على الحدود الجوية والبحرية لتايوان، ومعاينة السفن والطائرات الآتية والسماح بمرور المركبات "البريئة" وتحويل "المشبوهة" إلى الموانئ الصينية.
وأشار تقرير لمجلس العلاقات الخارجية نُشر عام 2021، إلى أنّه وفق هذا السيناريو "ستسمح الحكومة الصينية لشعب تايوان بإدارة شؤونه الخاصة في الجزيرة لبعض الوقت على الأقل مع إظهار أنها تسيطر على ما يدخل (وربما ما يخرج)".
كما سيظل مسموحاً إدخال واردات الغذاء والطاقة، وكذلك حركة الركاب عبر العبّارات اليومية مثلاً.
ويذكر التقرير أن "الهدف هو إجبار تايوان على قبول فقدانها السيطرة، وقطع تايوان على الأقل عن عمليات نقل المعدات العسكرية، والخبراء الأجانب المرتبطين بها".
حصار مستمر
ربما تختار بكين أيضاً فرض حصار كامل على مضيق تايوان، ما يمنع إدخال وإخراج أي شيء.
وزارة الدفاع التايوانية ذكرت في تقرير نشرته عام 2021 أنّه "في الوقت الحاضر، يستطيع جيش التحرير الشعبي فرض حصار محلي على موانئنا الحيوية ومطاراتنا ومسارات رحلاتنا الخارجية، لقطع خطوط اتصالاتنا الجوية والبحرية والتأثير على تدفق إمداداتنا العسكرية ومواردنا اللوجستية وكذلك استدامة العمليات".
وقال ضابط الاستخبارات الأميركي المتقاعد لوني هينلي للجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية الأميركية الصينية في فبراير 2021، إن الصين ستكون قادرة على مواصلة حصارها "إلى أجل غير مسمى"، حتى باستعمال قدر محدود جداً من القوة.
حملة قصف
يمكن لجيش التحرير الشعبي أن يمتنع عن تنفيذ غزو بري كامل، ويلجأ بدلاً من ذلك إلى الضربات الجوية والصاروخية، لتدمير البنية التحتية العسكرية والمدنية الرئيسية، ما سيؤدي إلى شلّ دفاعات تايوان. ويمكن أن تستخدم الصين الحرب الإلكترونية لتحقيق الهدف نفسه.
في هذا الإطار، قال المحلل الأمني والمسؤول السابق في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) أندرو كريبينفيتش لصحيفة "تلجراف" البريطانية، إنه "إذا تصرف جيش التحرير الشعبي وفقاً لعقيدته، فمن المحتمل أن نشهد هجوماً إلكترونياً هائلاً مدعوماً بتشويش على نطاق واسع، وأشكال أخرى من الحرب الإلكترونية على الجزيرة لتعطيل البنية التحتية الحيوية وروابط القيادة العسكرية".
ويمكن للصين أيضاً أن تختار قصف تايوان لإخضاعها، مستغلة تفوقها الجوي لترويع سكان الجزيرة.
لكن الباحث في معهد "إس. راجاراتنام" للدراسات الدولية بسنغافورة جيمس شار، يعتقد أنّ احتمال التسبب بـ"إراقة دماء ودمار لدى من يسمونهم إخوانهم الصينيين"، من شأنه أنّ يحول دون اتخاذ هذا القرار.
قلق أميركي
في واشنطن أثارت تعليقات مسؤولين عسكريين صينيين بشأن الوضع القانوني لمضيق تايوان قلق إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.
وخلال الأشهر الأخيرة، أكد مسؤولون عسكريون صينيون مراراً أن مضيق تايوان ليس مياهاً دولية، خلال اجتماعات مع نظرائهم الأميركيين، وفق ما نقلته "بلومبرغ" الأميركية عن مصدر مطلع.
وتقول الولايات المتحدة وحلفاؤها الرئيسيون إن معظم أجزاء المضيق تشكل مياهاً دولية، وهم يرسلون بشكل روتيني سفناً بحرية عبر الممر المائي، كجزء من تدريبات حرية الملاحة.
وعلى الجانب الآخر، لطالما أكدت الصين أن مضيق تايوان جزء من منطقتها الاقتصادية الخالصة، وترى أن هناك حدوداً لأنشطة السفن العسكرية الأجنبية في تلك المياه.
اقرأ أيضاً: