
يستعد الاتحاد الأوروبي لضم كرواتيا إلى منطقة "شنجن"، التي لا يحتاج الانتقال بين دولها إلى جوازات سفر، وذلك فيما يعز التكتل صفوفه وسط الغزو الروسي لأوكرانيا.
ومنذ ما يقرب من عقد من الزمن، انضمت كرواتيا إلى الاتحاد الأوروبي، لكنها تقف الآن على أعتاب الانضمام لمنطقة "شنجن" التي تمتد من ساحل القطب الشمالي النرويجي إلى ساحل المحيط الأطلسي بإسبانيا والجزر اليونانية في بحر إيجة.
وأشارت "بلومبرغ"، إلى أن انضمام كرواتيا يجعل الاتحاد الأوروبي "يعمق التزامه تجاه منطقة البلقان التي اجتاحتها الاضطرابات في السابق"، بعد ما سلطت الحرب في أوكرانيا الضوء على المخاطر الناجمة عن أي فشل في القرارات داخل التكتل.
وتأمل كرواتيا في الحصول على الموافقة حتى تتمكن من إزالة معابرها الحدودية إلى الاتحاد الأوروبي، عندما تنضم أيضاً إلى منطقة اليورو في أول يناير.
وفي هذا السياق قال جايل فيسيير، السفير الفرنسي في العاصمة الكرواتية زغرب لـ"بلومبرغ"، إن "الحرب الروسية في أوكرانيا تدعونا نحن الأوروبيين إلى أن نكون أكثر اتحاداً من قبل"، مضيفاً أن "شنجن ستصبح أكثر قوة بانضمام كرواتيا إلى صفوفها، بدلاً من بقائها خارجها".
مخاطر
"بلومبرغ" أشارت إلى أن هذا القرار "ينطوي على مخاطر"، فبينما يهدف إلى تعزيز الوحدة في الاتحاد الأوروبي، إلا أنه سيجعل كرواتيا تقفز على عضوتين أخريين، وهما رومانيا وبلغاريا، اللتان كانتا تتهافتان على دخول منطقة "شنجن" منذ انضمامهما إلى الكتلة في 2007، ولكن تم منعهما بسبب مخاوف تتعلق بالفساد وقدرتيهما على تأمين حدودهما.
وأضافت "بلومبرغ" أنه توجد أيضاً مخاوف لدى بعض دول الاتحاد الأوروبي من أن كرواتيا "ستعاني" من أجل حماية حدودها الممتدة على طول 1000 كيلومتر (621 ميلاً) مع البوسنة والهرسك التي تصنف كواحدة من أكثر دول أوروبا فقراً وفساداً، فضلاً عن أنها تقع على طريق رئيسي يسلكه المهاجرون من دول الشرق الأوسط وإفريقيا إلى أوروبا الغربية.
ويتفاقم القلق في جميع أنحاء المنطقة بعد منح أوكرانيا مكانة المرشح، على الرغم من الطامحين، مثل مقدونيا الشمالية وألبانيا، من بدء مفاوضات العضوية.
وتوقفت جهود صربيا والجبل الأسود المرشحتين للانضمام إلى الاتحاد للمضي قدماً في استكمال إجراءات العضوية الخاصة بهما، ما أعطى الفرصة لموسكو وبكين اللتين تستثمران بقوة في المنطقة.
وقالت فيدرانا بريبيسيفيتش، كبيرة المحاضرين في كلية زغرب للاقتصاد والإدارة لـ "بلومبرغ"، إن "الهدف الاستراتيجي لروسيا هو زعزعة الاستقرار في هذا الجزء من البلقان"، مضيفة أن "الاتحاد الأوروبي لديه فرصة لربط هذه الدول به بقوة أكبر ومنع الصراعات التي تختمر في المنطقة".
وأثارت بعض الدول الأعضاء في "شنجن" مثل هولندا، مخاوف بشأن جهوزية كرواتيا للسيطرة على حدودها، وفيما تدعم سلوفينيا دخول كرواتيا، إلا أنها أشارت إلى ضرورة إجراء بعض الإصلاحات، بما في ذلك تلك الخاصة بمشكلات السيطرة على الحدود الداخلية، والتي عاودت الظهور خلال فترة تفشي الوباء، قبل قبول عضويات جديدة.
مميزات انضمام كرواتيا
ونقلت "بلومبرغ" عن رئيس الوزراء الكرواتي، أندريه بلينكوفيتش، قوله إن زعماء الاتحاد الأوروبي قد يتخذون قرارهم النهائي بشأن أن تصبح بلاده العضو الـ27 في منطقة "شنجن" في "وقت ما في الخريف المقبل".
وقال بلينكوفيتش للمشرعين في البرلمان الأوروبي، الأربعاء: "لقد عملنا بكامل طاقتنا للوفاء بالمعايير"، مضيفاً: "يجب أن نحظى بهذا الاندماج الأعمق في 1 يناير".
وبمجرد حصولها على الموافقة، سيسهل انضمام كرواتيا إلى "شنجن" مرور أكثر من 10 ملايين أوروبي إلى شواطئ البحر الأدرياتيكي في كرواتيا لقضاء العطلات سنوياً، ما يعزز اقتصاد البلاد.
وستقدم فرنسا الاقتراح قبل انتهاء فترة رئاستها الدورية للاتحاد في 30 يونيو، وفقاً لما نقلته "بلومبرغ" عن مسؤول فرنسي طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية النقاشات.
وبالإضافة إلى انضمام 3.9 مليون كرواتي إلى أكثر من 400 مليون سائح يمكنهم السفر فعلياً بحرية في منطقة "شنجن".
و"شنجن"، التي أخذت تسميتها من البلدة التي تأسست فيها في لوكسمبورج، سيفيد الاقتصاد الكرواتي بدرجة كبيرة، إذ سيجعل كرواتيا أكثر جاذبية للمستثمرين، فضلاً عن أنه سيزيد حركة السياحة التي تشكل حوالي خُمس الاقتصاد الكرواتي.
وبمجرد دخولهم منطقة "شنجن"، يستطيع الزوار غير الأوروبيين عبور الحدود من دون توقف، فيما سيواجه الأوروبيون صعوبات أقل في الوصول إلى الشواطئ.
وقال جوران سارافانيا، كبير الاقتصاديين في الغرفة التجارية الكرواتية، الأسبوع الماضي، إن "مكاسب انضمام كرواتيا إلى (شنجن) ستتجاوز السياحة"، مضيفاً: "أن تكون جزءاً من (شنجن) من شأنه أن يزيد الاستثمار في المقاطعات الحدودية، ويقلل تكاليف الانتقال، ويجعل الحياة بوجه عام أكثر سهولة".