
بعد أن صوّت الكنيست الإسرائيلي في جلسة عاصفة وبأغلبية 92 صوتاً، صباح الخميس، على حلّ نفسه والتوجه إلى انتخابات برلمانية مبكرة في الأول من نوفمبر المقبل، هي الخامسة خلال 4 سنوات، تتزايد وتيرة الصراع بين ائتلاف الحكومة الحالي وائتلاف الليكود بزعامة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو.
وستُنقل رئاسة الحكومة في إسرائيل إلى وزير الخارجية يائير لبيد زعيم حزب "هناك مستقبل"، بناء على الاتفاق الائتلافي بين لبيد ونفتالي بينيت، الذي سيشغل منصب رئيس الحكومة البديل.
ووسط توقعات بأن تصوّت بالقراءات الثلاث المطلوبة تشريعياً، لإقرار الانتخابات المبكرة بعد خمسة أيام، تسعى المعارضة لتشكيل حكومة يمينية بديلة برئاسة بنيامين نتنياهو لتأخير عملية التصويت.
لترد أحزاب الائتلاف بالتهديد بتسريع تشريع قانون"المتهم"، الذي يمنع تكليف من قُدمت ضده لوائح اتهام من تشكيل الحكومة، ما يعني إقصاء نتنياهو نهائياً عن سدة الحكم.
واستمرت الخلافات بين أحزاب المعارضة والائتلاف على تشريع مجموعة من القوانين المتفق عليها بين الطرفين، حتى مساء الأربعاء، وبعد مغادرة أعضاء الكنيست، طُلب منهم العودة للتصويت على قانون حلّ الكنيست منتصف ليل الأربعاء- الخميس.
ثم تم تأجيل التصويت مرة أخرى إلى صباح الخميس، ما عكس حجم أزمة الثقة وخوف أحزاب الائتلاف من نجاح نتنياهو، بدلاً من حلّ الكنيست، وأظهر رغبة أحزاب المعارضة بمنح انطباع بأنها هي من تحدد الأجندة الداخلية في إسرائيل وليس الحكومة، فماذا بعد حلّ الكنيست؟
رئيس وزراء جديد
نص الاتفاق الائتلافي بين نفتالي بينت ويائير لبيد عند تشكيل حكومتهما المشتركة، على أنه في حال تم حلّ الكنيست والتوجه إلى انتخابات مبكرة، فإن هوية رئيس الحكومة الانتقالية ستُحدد وفق الجهة المسببة لحل الكنيست.
وقد شملت حكومة "بينيت - لبيد" على جناح يميني وآخر يساري، ووفق الاتفاق، فيما إذا تسبب الجناح اليساري بسقوط الحكومة فسيستمر بينيت برئاستها، فيما إذا تسبب الجناح اليميني في ذلك فستنتقل رئاسة الحكومة إلى لبيد، وهو ما حصل بعد أن تسبب أعضاء حزب يمينا (حزب بينيت) في سقوطها.
معركة انتخابية طويلة
وستجرى الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية المقبلة في الأول من نوفمبر، ما يعني أن إسرائيل ستخوض معركة انتخابية مدتها 4 أشهر تقريباً، يتوقع أن تكون الأكثر حدة من سابقاتها الأربع.
وحاولت أوساط في حزب "الليكود" ومعسكر نتنياهو، منع انتقال رئاسة الحكومة في الفترة الانتقالية إلى لبيد لعدة أسباب، أهمها إمكانية فشل إقامة حكومة جديدة بعد الانتخابات الخامسة والتوجه إلى انتخابات سادسة، ما يعني أن لبيد سيستمر على رأس الحكومة الانتقالية إلى حين تشكيل أخرى جديدة تحظى بثقة الكنيست بغض النظر عن عدد الجولات الانتخابية الممكنة.
سبب آخر دفع نتنياهو إلى منع لبيد من تولي المنصب، يرتبط بقوة المنصب الذي يعد الأرفع في النظام السياسي الإسرائيلي وبالمكانة الخاصة، لمن يشغر هذا المنصب، والانكشاف الإعلامي الواسع الذي يحظى فيه رئيس الحكومة، ما يعني أن لبيد سينافس نتنياهو رئيساً للحكومة وليس رئيساً عادياً لحزب ينافس على الفوز بتكليف لتشكيل الحكومة بعد الانتخابات.
وستنصب ملامح المعركة الانتخابية المقبلة، على إلغاء شرعية نتنياهو من قبل معسكر مناهضيه، وذلك من خلال ربطه بحليفه "بن غفير" من اليمين الأكثر تطرفاً، والذي يطرح أجندة دولة شريعة يهودية على حساب علمانية إسرائيل ومكانة الديمقراطية فيها، في حين ستنصب معركة معسكر نتنياهو على نزع شرعية لبيد ومعسكره من خلال ربطه بـ"حركة الإخوان المسلمين"، بعد أن ضم القائمة العربية الموحدة، الجناح السياسي للحركة الإسلامية الجنوبية في إسرائيل، إلى حكومته المنحلة مع بينيت وحافظ على علاقات طيبة مع القائمة العربية في البرلمان "القائمة المشتركة"، والتي بقيت في المعارضة خلال العام الماضي.
استطلاعات رأي
في السياق ذاته، أشارت كافة استطلاعات الرأي الإسرائيلية خلال الفترة الأخيرة، إلى أن تركيبة الكنيست القادمة ستكون "مطابقة تقريباً" إلى تركيبة الكنيست الحالية.
ما يعني تعزيز حالة الاستقطاب السياسي وتعميق الأزمة السياسية، خصوصاً مع عدم وجود أغلبية داخل الكنيست، تُمكن نتنياهو من العودة إلى رئاسة الحكومة، على الرغم من أن بعض الأوساط المقربة من "الليكود"، قالت إن أحزاب اليمين المناهضة لنتنياهو "ستضطر إلى الرضوخ بعد الانتخابات والمشاركة في حكومة يمينية برئاسته لمنع التوجه إلى انتخابات سادسة".
وبناءً على آخر استطلاع أجرته القناة الإسرائيلية الـ 12، مساء الأربعاء، وإعلان بينيت عدم مشاركته في الانتخابات، فإن الأحزاب المشاركة في حكومة "لبيد- بينيت" حصلت على 56 مقعداً، فيما حصل معسكر نتنياهو على 58 والقائمة المشتركة على 6 مقاعد.
ودلّت هذه النتائج مبدئياً على عدم استطاعة أي من المعسكرين تشكيل حكومة بعد الانتخابات القادمة، غير أن إعلان بينت عدم خوض الانتخابات ونقل زعامة يمينا إلى وزيرة الداخلية إيليت شاكيد صاحبة التوجهات الأكثر يمينية، قد ينقل الحزب بزعامتها من المعسكر المناهض لنتنياهو إلى معسكر الموالين له وفتح الباب أمامه لتشكيل حكومة برئاسته بعد الانتخابات.
إلا أن تجارب الانتخابات الإسرائيلية المتراكمة تشير إلى أن نتائج الاستطلاعات الأولى بعد حلّ الكنيست، تكون مختلفة بالعادة عن نتائج الانتخابات الفعلية، خاصة وأن عدم اجتياز أحد الأحزاب لنسبة الحسم قادر على قلب النتائج في اللحظة الأخيرة لصالح أحد المعسكرين.
من جهة أخرى ستلعب نسبة التصويت المتوقعة داخل المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل، دوراً في تحديد شكل السياسية الإسرائيلية بعد الانتخابات، إذ أشارت الاستطلاعات الأخيرة في المجتمع العربي إلى أن نسبة التصويت المتوقعة هي 41 % مقابل 70 % في الشارع اليهودي، ما يهدد عبور إحدى القوائم العربية في الانتخابات وإعطاء أفضلية تلقائية لمعسكر نتنياهو لتشكيل حكومة بعد الانتخابات.