
قال مصدر أميركي إن القرار النهائي بشأن زيارة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي المقررة الشهر المقبل لتايوان، "لم يتخذ بعد"، لكن قد يُقر بعد أيام من مكالمة هاتفية مرتقبة بين الرئيسين الأميركي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينج.
ونقلت "بلومبرغ" عن المصدر قوله إن "القرار النهائي بشأن زيارة بيلوسي لتايوان أثناء رحلة إلى آسيا الشهر المقبل، لم يتخذ بعد، لكن إذا حدث ذلك، فسيكون في غضون أيام من مكالمة بايدن ونظيره الصيني"، إلّا أن موظفي مكتب بيلوسي ومسؤوليها الأمنيين "استبعدوا زيارة بيلوسي لتايوان".
الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان، قال في وقت سابق، إن الصين "تستعد بجديّة للرد على هذه الزيارة"، مشيراً إلى تعهدات سابقة باتخاذ "تدابير حاسمة وقوية لحماية سيادة ووحدة الأراضي الصينية".
وبرزت تايوان كواحدة من أهم القضايا التي أدت إلى توتر العلاقات بين الولايات المتحدة والصين إلى جانب التجارة، واتهامات العمالة القسرية، والإبادة الجماعية، على خلفية معاملة بكين لأقلية الإيجور في منطقة شينجيانج، وإحجام الصين عن الضغط على روسيا بشأن حربها في أوكرانيا.
وإضافة إلى هذه الاتهامات، جاء قرار بايدن بأن الولايات المتحدة ستتعامل "عسكرياً" للدفاع عن الجزيرة، حال تعرضها للهجوم، ليقلب سياسة "الغموض الاستراتيجي" التاريخية، التي انتهجتها واشنطن في تعاملها مع قضية تايوان، رأساً على عقب، رغم تأكيد مساعدي الرئيس في وقت لاحق أن السياسة الأميركية تجاه تايوان "لم يطرأ عليها أي تغيير".
صراع عسكري محتمل
وفي السنوات الماضية، زار مسؤولون أميركيون تايوان، بينهم أعضاء في الكونجرس، ووزيرا الخارجية والدفاع في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، مارك إسبر ومايك بومبيو، لكن زيارة بيلوسي، بوصفها ثالث أعلى مسؤول أميركي بعد بايدن ونائبته كامالا هاريس، من شأنها أن تثير مزيداً من الغضب في بكين.
هو شيجين، رئيس التحرير السابق لصحيفة "جلوبال تايمز" الصينية، رأى أن بيلوسي "ستتحمل المسؤولية التاريخية عن اندلاع صراع عسكري محتمل في مضيق تايوان".
وبينما يبدو أن من غير المرجح أن تثني التهديدات الصينية المسؤولين الأميركيين، وبينهم بيلوسي عن زيارة تايبيه، أثار توقيت هذه الزيارة رسائل متضاربة من داخل إدارة بايدن، حيث أشار الرئيس الأميركي، الأسبوع الماضي، إلى أن الزيارة "ليست فكرة جيدة حالياً".
والاثنين، قالت الناطقة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، إنها لا تريد أن "تستبق" أي إعلان عن خطط سفر رئيسة مجلس النواب الأميركي.
وأضافت أن "الإدارة تمد أعضاء الكونجرس، بصورة منتظمة، بالمعلومات الخاصة بالرحلة المحتملة، والسياق الذي ستتم فيه، بما في ذلك الاعتبارات الجيوسياسية والأمنية"، لافتة إلى أن "أعضاء الكونجرس سيتخذون قراراتهم بأنفسهم".
خلاف سياسي
يأتي هذا النقاش، بعد أن اضطرت بيلوسي، التي لم يؤكد مكتبها هذه الرحلة أو ينفيها لاعتبارات أمنية، إلى إلغاء رحلة إلى تايوان كانت مقررة في الربيع الماضي، لإصابتها بفيروس كورونا.
وبحسب "بلومبرغ"، فإن القرار بشأن القيام بهذه الرحلة تحوّل إلى "نقطة خلاف سياسي"، إذ أكد الجمهوريون أن التراجع الآن سيكون "علامة ضعف".
وحتى لو تسببت هذه الزيارة في زيادة توتر العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، فإنه ليس من الواضح ما يمكن أن تحققه المكالمة الهاتفية التي سيجريها بايدن مع شي في وقت حساس سياسياً لكلا الزعيمين.
ولفتت "بلومبرغ" إلى أن الرئيس الصيني على بعد أشهر فقط من مؤتمر رفيع المستوى للحزب الشيوعي، والذي يُتوقع أن يؤمن فيه فترة رئاسية ثالثة، كما أنه يواجه تحديات اقتصادية جسيمة، بما في ذلك تدشين حملة اختبارات جماعية موسعة في المدن الرئيسية لمواجهة الفيروس، فيما تتعرض استراتيجية "صفر كوفيد" التي ينتهجها شي جين بينج لهجوم.
أما الرئيس الأميركي، فإنه يكافح من أجل الحصول على دعم، إذ لا يريد أن يقال إنه "ضعيف من ناحية الصين" قبل انطلاق سباق انتخابات التجديد النصفي المقررة نوفمبر المقبل، والتي قد تسلم السيطرة على الكونجرس للجمهوريين.
وبينما يختلف الزعيمان على مجموعة من القضايا، بدءاً من التجارة ووصولاً إلى حقوق الإنسان، إلا أن تايوان، هي الأكثر استعصاءً على الحل.
وقال ريان هاس، المدير السابق لمجلس الأمن القومي الأميركي لشؤون الصين وتايوان ومنجوليا، والباحث في معهد بروكينجز، لـ"بلومبرغ" إن "هذا قد يدفع الرئيس الصيني إلى إرسال القوات الجوية لجيش التحرير الشعبي إلى منطقة الدفاع الجوي التايوانية لإظهار المعارضة الصينية القوية لزيارة مسؤول أميركي رفيع للجزيرة".
وأضاف: "فيما يتعلق بالتوقيت، فإن زيارة بيلوسي أوائل أغسطس ستثير ردة فعل صينية قصوى".
وكانت الصين حذرت بيلوسي من زيارة تايوان، الجزيرة الخاضعة للحكم الذاتي، والتي تعتبرها الصين جزءاً من أراضيها، إذ تعد زيارتها حال تمت، الأبرز بعد زيارة أجراها الرئيس الجمهوري السابق لمجلس النواب نيوت جينجريتش العام 1997.