ما التداعيات السياسية لوصول السفينة التركية إلى شرق المتوسط؟

time reading iconدقائق القراءة - 6
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يلقي كلمة أمام سفينة التنقيب التركية الجديدة "عبد الحميد خان" - 9 أغسطس 2022 - AFP
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يلقي كلمة أمام سفينة التنقيب التركية الجديدة "عبد الحميد خان" - 9 أغسطس 2022 - AFP
إسطنبول -آلاء جول

وصلت سفينة التنقيب التركية المسماة "عبد الحميد خان" إلى بئر "يوروكلير1" والذي يبعد 55 كيلومتراً قبالة الساحل الجنوبي لتركيا، لتستأنف أنشطة التنقيب عن موارد الطاقة في البحر المتوسط، وذلك عقب عامين من تعليقها، في خطوة يتوقع أن تعيد التوتر بين أنقرة من جهة والاتحاد الأوروبي وقبرص واليونان من جهة أخرى.

ويفترض أن تستكمل السفينة أنشطة التنقيب في غضون 45 إلى 60 يوماً وفقاً لما أكده وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي فاتح دونماز في تصريحات مؤخراً، مضيفاً أن السفن التركية أجرت 8 أنشطة تنقيب في مياهها الإقليمية شرق المتوسط حتى الآن.

إعلان تركيا عن استئناف عمليات التنقيب، يأتي بالتزامن مع انهيار مساعي إصلاح العلاقات مع اليونان، عقب سنوات من التوتر بشأن عدة قضايا، أهمها قضية جزيرة قبرص، والنزاع على الحدود البحرية شرق المتوسط، والمجال الجوي، ومسألة تدفق اللاجئين من الطرف التركي إلى اليونان، وتسليح الجزر غير العسكرية في بحر "إيجه"، التابعة لليونان والقريبة من تركيا. 

التداعيات المحتملة

وعن التداعيات المحتملة للخطوة التركية، توقع مراد يشيل تاش دكتور العلاقات الدولية والمتخصص في الصراعات المسلحة والجيوسياسية "عدم تصاعد التوترات إذا بقيت أنشطة تركيا ضمن مياهها الإقليمية".

وأضاف لـ"الشرق" أن "بدء السفينة أنشطتها الاستكشافية في المياه الإقليمية لتركيا يظهر أن أنقرة تتبع حالياً سياسة دبلوماسية أكثر اعتدالاً من السياسات التي كانت تتبعها سابقاً".

وفي سؤاله عن تداعيات بدء عملية التنقيب على علاقات تركيا باليونان والغرب بشكل عام، اعتبر يشيل تاش أن العلاقات بين أنقرة والغرب "جيدة الآن خاصة بعد أن لعبت دوراً مهماً في الوساطة بين أوكرانيا وروسيا".

وأشار الخبير التركي إلى أن العلاقات تعززت كذلك "عقب التوقيع على اتفاقية الحبوب الأوكرانية" والتي سمحت بتدفق الحبوب الأوكرانية إلى الأسواق العالمية ما خفف من مخاطر أزمة غذاء عالمية تلوح في الأفق، لكنه أضاف أن "من الصعب غض الطرف عن التوتر الموجود بين أنقرة وأثينا مؤخراً، إذ تأزمت العلاقات الثنائية عقب تصريحات رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس المعادية لتركيا في مجلس الشيوخ الأميركي".

وكان ميتسوتاكيس طالب، في مايو الماضي، الكونجرس الأميركي بأن "يأخذ بعين الاعتبار الوضع في شرق البحر المتوسط في ما يتعلق بمبيعات الأسلحة المحتملة لتركيا"، وهو ما أثار غضب تركيا.

وتوقع تاش "عدم التصعيد في البحر المتوسط على المدى القريب"، لكنه أكد أنه "إذا غيرت تركيا سياستها بهذا الخصوص في الأشهر القليلة المقبلة، وقامت بتوسيع مجال أبحاثها في المنطقة، ونقّبت بمحاذاة اليونان، فحينها ستشهد المنطقة تصعيداً بين تركيا من جهة واليونان والغرب من جهة أخرى".

انتكاسة كبيرة

وتمتد انعكاسات عودة تركيا للتنقيب شرق المتوسط، من زيادة احتمالية تقويض مساعي التهدئة بين تركيا واليونان، وصولاً إلى التسبب بانتكاسة لجهود الاتحاد الأوروبي في البحث عن مصادر بديلة للطاقة الروسية، بحسب ما ذكره محمود علوش الباحث في العلاقات الدولية.

وأوضح علوش لـ"الشرق" أن "المخاطر المحتملة لعودة التوتر تزداد بشكل أكبر في ظل الاضطرابات الجيوسياسية العالمية الناجمة عن الصراع الروسي الغربي، والذي ينعكس بشكل مباشر على ديناميكية التنافس الإقليمي في البحر المتوسط".

وعلى صعيد آخر، يبدو أن استراتيجية تركيا في شرق المتوسط باتت أكثر ارتباطاً بالتموضع الجديد لها في علاقاتها بين روسيا والغرب وميلها إلى تعزيز الشراكة مع موسكو التي أضحت خصماً لليونان، التي أدرجت في قائمة الدول غير الصديقة لروسيا. 

وبذلك توفر تصرفات روسيا ضد اليونان فرصة لتركيا لتغيير التوازن في شرق البحر الأبيض المتوسط وبحر إيجة.  

وبدا واضحاً أن أردوغان "يعوّل" على اكتشاف الغاز الطبيعي لاستمالة كفة ميزان القوى لطرف تركيا، إذ قال مؤخراً إن "اليونان أبدت انزعاجها من سفينة عبد الحميد خان.. لكن سترون كيف ستتغير الموازين في اللحظة التي سنستخرج فيها الغاز الطبيعي".

الصحافي التركي مصطفى آردامول توقع "ألا تتصاعد التوترات بين تركيا والغرب إذا بقيت أنشطة أنقرة محصورة ضمن نطاقها الإقليمي"، مرجحاً لـ"الشرق" عدم فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على تركيا، لكنه أضاف "في حال فرض تلك عقوبات لن تتأثر الأخيرة بها كثيراً".

وكاد الاتحاد الأوروبي أن يفرض عقوبات على أنقرة في عام 2020، بعدما أرسلت سفينة استكشافية إلى مياه متنازع عليها في شرق المتوسط، بحثاً عن ثروات غاز محتملة.

وهدأت أزمة 2020 بعدما سحبت تركيا سفينتها الاستكشافية من المنطقة الغنية بموارد الطاقة، وأوقفت عمليات التنقيب قرب الجزيرة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات