توقع المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) الكولونيل دايف إستبرن، الجمعة، أن ينجح تنظيم "القاعدة" في استعادة قدرته على تنفيذ هجمات ضد الولايات المتحدة وشركائها خلال سنتين، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن إيران تمثل أكبر تهديد للاستقرار والأمن في منطقة الخليج، ومنبهاً إلى "تنامي محاولة استخدام الصين وروسيا لطهران ضد الغرب".
تصريحات إستبرن جاءت في حديث خاص لـ"الشرق" قال فيه إن تنظيم "داعش خراسان" يمثل تهديداً "متوسطاً إلى مرتفع" على "طالبان" والمدنيين في أفغانستان، ولكنه "قابل للارتفاع أكثر خلال الأشهر والسنوات المقبلة".
ولفت في هذا السياق إلى أنه نظراً إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والأزمة الإنسانية في أفغانستان واستمرار تدهور الأمن الغذائي، فمن المحتمل أن يصبح السكان الأكثر ضعفاً "عرضة للتجنيد من قبل داعش خراسان".
ورجح المتحدث باسم القيادة المركزية أن يظل "داعش خراسان" قادراً على شن هجمات في جميع أنحاء أفغانستان، وأن يسعى إلى زيادة التجنيد وتوسيع منطقة عملياته وتحدي سيطرة "طالبان"، مشيراً إلى مواصلة التنظيم استهداف "طالبان" والسكان الشيعة والمراكز الحضرية، والتوسع من مناطق عملياته التاريخية في شرق أفغانستان.
تنظيم "القاعدة"
كما رجح المتحدث باسم القيادة المركزية أن تستمر "القاعدة" على المدى القريب في الحفاظ على "مكانة متدنية" تحت ضغط من "طالبان" التي تسعى للحصول على شرعية دولية.
وقال إن القيادة المركزية الأميركية تقدّر أنه "نظراً لعلاقات القاعدة طويلة الأمد مع طالبان وشبكة حقاني، فإن بعض عناصر القاعدة لديهم حرية حركة محدودة في أفغانستان".
وتابع: "من المحتمل أن تنظيم القاعدة لا يزال يطمح إلى التجنيد والتدريب، وإذا نجح فإنه سيستعيد قدرته الهجومية ضد الولايات المتحدة وحلفائها في الخارج خلال 12 إلى 24 شهراً".
ولم يتطرق المتحدث باسم القيادة المركزية إلى تنامي التهديد ضد القوات الأميركية بعد عملية قتل زعيم القاعدة أيمن الظواهري، إلا أنه أشار إلى أن سلامة القوات الأميركية وأمن شركاء واشنطن وحلفائها في المنطقة واستقرار دولها "يمثل أولوية قصوى للقيادة المركزية الأميركية".
إيران.. التهديد الأكبر
وفي ما يتعلق بإيران، قال إيستبرن إنها تمثل "أكبر تهديد" للاستقرار والأمن في منطقة الخليج من خلال "تمويلها للإرهاب والتنظيمات الإرهابية".
وأضاف "إنهم (إيران) يدعمون نظام الأسد... يرسلون أسلحة متطورة إلى الحوثيين في اليمن، ويهاجمون ناقلات النفط الدولية في مضيق هرمز، والمصافي في المملكة العربية السعودية والقوات الأميركية في العراق".
وعن تحدي المسيّرات الإيرانية، قال إستبرن إن الولايات المتحدة على "ثقة تامة" بالقدرة الحالية للقوات الجوية الأميركية في المنطقة، وثقة أكبر بقابلية التشغيل البيني لقدرات القوات الأميركية وقوات الشركاء في المنطقة.
وكان قائد القيادة المركزية السابق الجنرال كينيث ماكنزي قال، في حديث خلال الربيع الماضي أمام الكونجرس، إنها المرة الأولى التي لا تتمتع فيها الولايات المتحدة بالتفوق الجوي منذ الحرب الكورية، وذلك في ظل تصاعد تهديد المسيّرات.
تعاون إيراني روسي
وتعليقاً على تزويد إيران لروسيا بطائرات من دون طيار، قال المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية، إن العالم شهد قيام روسيا بالانخراط مع إيران "لتعزيز مصالحها الخاصة، بينما تعمل ضد مصالح الولايات المتحدة".
وأضاف أن روسيا تأمل في أن تكون شريكاً اقتصادياً رئيسياً لإيران، إذ تتوقع تخفيف العقوبات وإعطاء الأولوية لعقود التنمية.
وكانت إيران أعلنت، في أكتوبر الماضي، أنها ستوقع شراكة استراتيجية مع روسيا على غرار الاتفاقية التي وقعتها مع الصين.
وقال إستبرن إن الاتفاقية التي وقعتها الصين وإيران ضمنت لبكين إمدادات طاقة موثوقة، والتحوط ضد أي محاولات أميركية لمنع مصادر أخرى للنفط، مشيراً إلى أن موسكو دعت في الوقت ذاته إلى "إعادة العمل بالاتفاق النووي مع العمل على مساعدة إيران على تطوير قدرات عسكرية تمكّن أنشطتها الإقليمية المزعزعة للاستقرار"، على حد تعبيره.
"اصطفاف بحدود"
وأشار إستبرن إلى أن واشنطن ترى أن الصين وروسيا لن "تصطفا بشكل وثيق مع إيران لدرجة قد تعرّض قدرتهما على جذب شركاء اقتصاديين وعسكريين آخرين في المنطقة للخطر، ولكن كلاً منهما ستستمر في استخدام طهران ضد الغرب وجني الفوائد الاقتصادية".
ولفت إستبرن إلى الضغط الذي تمارسه روسيا في سوريا لدفع واشنطن للانسحاب، وقال إن "روسيا أثبتت القدرة على اختبار أنظمة أسلحة جديدة، وأخلّت بشكل روتيني بعمليات التحالف الدولي لمواجهة داعش عبر الجو أو إلكترونياً أو من خلال التشويش على نظام تحديد المواقع".
الدفاع الجوي المتكامل
ورداً على سؤال عن الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل في الشرق الأوسط، قال المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية إن البيت الأبيض "كان واضحاً للغاية أنه يريد تعزيز التعاون بين هذه الدول لمواجهة التهديد، من خلال دمج قدرات الإنذار المبكر والاستخبارات والاعتراض".
وأشار إلى أن واشنطن ترى أن الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل في الشرق الأوسط "أمر مهم".
واعتبر إستبرن أن الوقت الحالي "حرج" بالنسبة للدول الـ21 التي تقع تحت مظلة القيادة المركزية، مشيراً إلى أن بيئات منطقة الشرق الأوسط ووسط جنوب آسيا لا تزال "معقدة وديناميكية".
وكان قائد القيادة المركزية، الجنرال مايكل كوريللا، قال سابقاً إن التحدي الأكبر الذي يواجهه هو "مواجهة الاعتقاد السائد بأن الولايات المتحدة ستغادر الشرق الأوسط".
وفي هذا السياق، شدد إستبرن على أن الولايات المتحدة "لا تزال منخرطة في الشرق الأوسط ووسط آسيا وجنوبها، ومدركة أن هذه المنطقة هي موطن للعديد من المصالح القومية الأميركية".
ونوه بالتمارين العسكرية العديدة التي تشارك فيها القوات الأميركية مع قوات دول المنطقة.
الدور الصيني
وعن تنامي الدور الصيني في منطقة القيادة المركزية، قال إستبرن إنه على مدار العام الماضي "انخرطت الصين مع كل دول المنطقة التي تقع تحت مظلة القيادة باستخدام التجارة، ومبادرة الحزام والطريق، ودبلوماسية كورونا وغيرها من المساعدات الإنسانية لدعم أهدافها الاستراتيجية وتوسيع نفوذها".
وقال إن الصين من خلال اتفاقيتها مع طهران، "عززت من تأثيرها (إيران)"، وذلك لأنها خففت من آثار العقوبات الدولية ووفرت شريان حياة اقتصادياً للنظام الإيراني.
كما أشار إلى قيام الصين بتعزيز مكانتها كمورد للأسلحة، ولفت إلى أنها "تجري مناورات عسكرية متعددة الأطراف في المنطقة"، وقال إن "بكين مستعدة لمزيد من التعاون، ويحتفظ جيشها بوجود مستمر ونشط في المنطقة، حيث يجري مجموعة واسعة من العمليات في وقت السلم لحماية تجارتها البحرية".
ولفت المتحدث باسم القيادة المركزية إلى أن الوجود الصيني في المنطقة يشمل فرقة عمل الحراسة البحرية التي تعمل في خليج عدن وتستخدم جيبوتي كمركز دعم. وتابع: "من هناك يمكن للصين أن تبرز بسرعة قوتها البحرية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن".