فرار قوات أفغانية إلى إيران يثير مخاوف من إفشاء أسرار عسكرية أميركية

time reading iconدقائق القراءة - 10
قوات خاصة أفغانية تتجه إلى منطقة جورباند بمقاطعة باروان شمال شرقي أفغانستان- 29 يونيو 2021 - REUTERS
قوات خاصة أفغانية تتجه إلى منطقة جورباند بمقاطعة باروان شمال شرقي أفغانستان- 29 يونيو 2021 - REUTERS
دبي-الشرق

كشف تحقيق أجراه مشرّع جمهوري أميركي، أنّ آلاف الجنود في أفغانستان بينهم عدد من عناصر النخبة في القوات الخاصة الذين درّبتهم الولايات المتحدة، اضطروا إلى الفرار إلى إيران، محذراً من أن بإمكانهم "إفشاء أسرار" بشأن تدريبات عسكرية أميركية ومعلومات استخباراتية حساسة لطهران.

وقالت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، إنّ مصير عناصر القوات الخاصة الذين اضطروا للهرب إلى إيران، واحد من مسائل عدة أوردها تقرير يتضمن نتائج تحقيق النائب مايكل ماكول، كبير الجمهوريين في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، بشأن الأيام الأخيرة من الحرب في أفغانستان، والانسحاب الفوضوي منها بعد سيطرة حركة "طالبان" على البلاد منذ عام.

وأفاد التقرير بأن الخارجية الأميركية "كانت غير مستعدة للانهيار السريع للحكومة الأفغانية في أغسطس 2021، وغير مؤهلة للمساعدة" في إدارة عمليات إجلاء جوية ضخمة خلال الفوضى التي أعقبت ذلك. 

وقال ماكول في مقابلة مع "فورين بوليسي": "اليوم، ما زلنا نعاني من الأضرار التي حدثت في أغسطس، بما في ذلك تشجيع خصومنا الأجانب وتمكينهم".

وأشار التقرير المؤلف من 120 صفحة، والذي صدر الثلاثاء، إلى أن ما يقدر بنحو 3 آلاف من قوات الأمن الأفغانية، بينهم عدد من كبار الضباط، وقائدي العمليات الخاصة الأفغان الذين دربتهم الولايات المتحدة، "أجبروا على الفرار إلى إيران". 

وخلص التقرير إلى أنهّ خلال الجهود الأميركية لتوفير إجلاء آمن للأفغان الذين ساعدوا الحكومة الأميركية "لم يُمنح حتى الآن أي وضع أولوية خاص، لأي عسكري أفغاني سابق على الرغم من المخاطر الأمنية التي أبرزتها وزارة الخارجية التابعة لإدارة (الرئيس جو) بايدن".

وحذّر التقرير من أن "العسكريين الأفغان المهمين يمتلكون معرفة فريدة بتكتيكات وتقنيات الجيش الأميركي وإجراءاته، وبالتالي يمكن أن يشكلوا خطراً أمنياً على أميركا إذا أمكن حملهم على إفشاء معلوماتهم إلى عدو للولايات المتحدة".

ونقل التقرير عن مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية قوله في 16 فبراير الماضي، إن "مسألة إجلاء القوات الخاصة الأفغانية سيجري مناقشتها بين الوكالات المشتركة، ولا يزال الأمر كله قيد المناقشة والبت"، لكن البيت الأبيض لم يتخذ قراراً حتى يوليو، بحسب التقرير.

"معلومات حساسة"

وأكد 4 مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين تفاصيل تقرير ماكول عن قائدي عمليات خاصة أفغان، وأيدوا استنتاجات التقرير، الذي حذرّ من أنهما قادران على نقل معرفتهم المؤسسية بمعلومات عسكرية أميركية حساسة، بما في ذلك تكتيكات القوات الخاصة، وجمع المعلومات الاستخبارية الحساسة إلى الحكومة الإيرانية، إما طوعاً أو بالإكراه.

ونقلت المجلة عن ميك مولروي، نائب مساعد وزير الدفاع السابق، وأحد ضباط وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) قوله: "أعتقد أن معظم الأفغان الذين كانوا في القوات الخاصة، والوحدات الخاصة الأخرى كانوا مقربين حقاً من الأميركيين". 

وأضاف: "لكن إذا لم يكن لديك خيار، والمكان الوحيد الذي يمكنك الذهاب إليه للهروب من طالبان هو إيران، وهم الذين سيسدون فواتيرك، ويمكنهم رعاية أسرتك، فسيكون من الصعب عليك عدم اغتنام هذه الفرصة، لأنه ليس لديك حقاً أي خيارات".

وقال مير حيدر أفضالي، الرئيس السابق للجنة الدفاع في البرلمان الأفغاني، إن إيران منحت أفراد القوات الخاصة الأفغانية الذين فروا إلى البلاد تأشيرات إقامة لمدة 7 أشهر للبقاء، مقابل أن يثبتوا للسلطات الإيرانية أنهم اعتادوا الخدمة في الجيش الأفغاني، متوقعاً أن تجدد إيران التصاريح لفترة غير محددة.

وقال المسؤولون الحاليون والسابقون الذين تحدثوا إلى "فورين بوليسي"، إنّهم لم يرصدوا جهوداً منسقة من جانب إيران لتنظيم أو الحصول على معلومات استخباراتية من قائدي العمليات الخاصة الأفغان السابقين، لكنهم حذّروا من أنه سيكون من الصعب معرفة ما إذا كانت طهران قد فعلت ذلك بناءً على المعلومات المتاحة علناً.

ولدى سؤاله بشأن القوات الخاصة الأفغانية الفارين إلى إيران وما إذا كانت هناك أي خطط جارية في الولايات المتحدة لنقلهم إلى أماكن آمنة، كتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن "قوات الأمن الوطني الأفغانية لم تستمر فترة طويلة كما توقع الجميع. كانت هذه لحظة مؤلمة للأفغان ومئات الآلاف من الأميركيين الذين خدموا في أفغانستان لدعم الشعب الأفغاني".

وأضاف المتحدث: "بعد مرور عام أصبحنا في وضع استراتيجي أقوى بفضل قرار الرئيس (بايدن) بالانسحاب من أفغانستان. لأول مرة منذ ما يقرب من 20 عاماً، قواتنا ليست في مواجهة الخطر في أفغانستان، ونحن نركز بشكل كامل على التحديات والفرص التي تحدد القرن الحادي والعشرين"، فيما لم ترد وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) على طلب للتعليق.

وتابع: "عندما تسلمنا السلطة، كانت طالبان في أقوى مكانة عسكرية لها منذ عام 2001، وكان لدينا أقل عدد من القوات الأميركية على الأرض". 

وأكد أنّ "إنهاء أطول حرب في التاريخ الأميركي لم يكن أمراً سهلاً على الإطلاق. اثنان من الرؤساء السابقين (باراك أوباما ودونالد ترمب) أرادا إنهائها ولم يتمكنا من ذلك. لكن الرئيس بايدن كان عازماً على تجنب تسليم حرب أبدية لخليفته".

"استهداف"طالبان و"تجنيد" بإيران

ووفقاً للمجلة، صعدت حركة "طالبان" حملة استهداف وقتل أفراد سابقين في الجيش الأفغاني خلال الأشهر الأخيرة، أثناء قتال جيوب المقاومة ضد حكمها في أجزاء من المحافظات الشرقية والجنوبية من البلاد. 

وقال مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون، إن أفراد القوات الخاصة الأفغانية السابقين معرضون بشكل خاص لعمليات مطاردة وقتل تنفذها طالبان، وهو ما دفع البعض إلى الفرار إلى إيران.

مع ذلك، يبدو أن العديد من قادة العمليات الخاصة السابقين الذين وصلوا إلى إيران، فرض عليهم العمل في أشغال شاقة أو أصحاب متاجر، كما تظهر مقاطع فيديو على موقع التواصل الاجتماعي.

ولفتت المجلة إلى أن "سي آي إيه" قامت بإجلاء آلاف الأفغان بشكل منفصل، بما في ذلك قائدي العمليات الخاصة لمكافحة الإرهاب الذين دربتهم أجهزة الاستخبارات الأميركية، من مجمع آمن يسمى "قاعدة النسر" في الأيام الأخيرة من الانسحاب الأميركي من البلاد، لكن مسؤولين سابقين مطلعين قالوا إن هناك عدداً أكبر من القوات الخاصة الأفغانية الحالية والسابقة الذين طلبوا الإجلاء.

ووفقاً للمجلة، فإن إيران، التي تشترك في حدود بطول 600 ميل (965 كيلومتراً) مع أفغانستان، لديها تاريخ في تجنيد واستخدام وكلاء أفغان في القتال. وطهران دعمت في ما مضى قوات "التحالف الشمالي" (بقيادة أحمد شاه مسعود) ضد حركة "طالبان" في التسعينيات، ودربت وحدة "فيلق القدس" التابعة لـ"الحرس الثوري" الإيراني وجندت ما يسمى "لواء فاطميون"، وهو فصيل أفغاني، لقتال فصائل المعارضة السورية بداية من عام 2013. ووفقاً لباحثين، في مرحلة ما كان يقدر قوام "لواء فاطميون" بنحو 20 ألف مقاتل.

تعزيز الأمن" 

تجدر الإشارة إلى أن البيت الأبيض قرر الرد على التقرير الجمهوري، بمذكرة جديدة تدافع عن قرار بايدن القاضي بسحب القوات الأميركية من أفغانستان، وتدعي أن هذه الخطوة عزّزت أمن الولايات المتحدة القومي، من خلال تحرير عملاء عسكريين واستخباراتيين مهمين، حسبما أفاد "أكسيوس".

وذكر الموقع الأميركي أنه تمت كتابة المذكرة من قبل المتحدث باسم مجلس الأمن القومي أدريان واتسون، الذي قال في بيان أُرسل إلى "أكسيوس"، إن تقرير الجمهوريين "مليء بالتوصيفات غير الدقيقة والادعاءات الكاذبة"، مضيفاً: "قمنا بتخطيط طوارئ مكثف طوال ربيع وصيف عام 2021، كما نشرنا قواتنا بشكل مسبق في المنطقة، ما تمكننا من تسهيل إجلاء أكثر من 120 ألف شخص".

ورأى الموقع أن هذه الوثائق تشير إلى الانقسام الذي سيظهر خلال الأيام المقبلة، بشأن الروايات المتباينة الخاصة بالجمهوريين والديمقراطيين، لما حدث خلال الانسحاب من كابول. 

ويحرص الديمقراطيون والبيت الأبيض على تصوير الانسحاب كخطوة ضرورية حافظت على سلامة القوات الأميركية، وأنهت الحرب التي استمرت 20 عاماً، فيما يأمل الجمهوريون إعادة فحص الأخطاء التي ارتكبتها الإدارة في الفترة التي سبقت الإجلاء وبعده، ويخططون لجعل أفغانستان محوراً رئيساً للتحقيقات في حال استعادوا السلطة في الكونجرس.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات