ماكرون يزور الجزائر لتهدئة "خلافات الذاكرة" وإحياء التعاون

time reading iconدقائق القراءة - 5
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحافي في الجزائر. 6 ديسمبر 2017 - REUTERS
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحافي في الجزائر. 6 ديسمبر 2017 - REUTERS
باريس - أ ف ب

أعلن قصر الإليزيه، السبت، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيزور الجزائر، الخميس المقبل 25 أغسطس لمدة 3 أيام، بهدف إعادة إحياء الشراكة بين البلدين بعد شهور من التوتر.

وأفادت الرئاسة الفرنسية في بيان أصدرته بعد اتصال هاتفي بين ماكرون ونظيره الجزائري عبد المجيد تبّون، بأن الزيارة المذكورة "ستسهم في تعميق العلاقات الثنائية المتطلعة نحو المستقبل لصالح شعبي البلدين"، و"لتعزيز التعاون الفرنسي-الجزائري في مواجهة القضايا الإقليمية، ومواصلة العمل لتهدئة (خلافات) الذاكرة" المرتبطة بفترة الاستعمار (1830-1962).

وتراجعت العلاقات بين البلدين إلى أدنى مستوياتها في أكتوبر الماضي، عندما صرّح ماكرون بأنّ الجزائر تأسّست بعد استقلالها على "ريع ذاكرة" يقف خلفه "نظام سياسي عسكري"، ما أثار غضب الجزائر. كما شكك ماكرون في وجود "أمة جزائرية" قبل الاستعمار الفرنسي.

واستدعت الجزائر سفيرها في فرنسا حينذاك، ليعود لاحقاً، في ظل سعي البلدين إلى إعادة ترميم العلاقات.

وشهد التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين تراجعاً في السنوات الأخيرة، مقابل بروز استثمارات دول أخرى (في الجزائر)، خصوصاً الصين وإيطاليا وتركيا.

ومنذ وصول تبون إلى الحكم في عام 2019، فسخت الجزائر عدة عقود مع شركات خدمات فرنسية، كشركة "سيال" التي ظلت تسير توزيع المياه لأكثرمن 15 عاماً، وشركة "مترو باريس" التي سيرت "مترو الجزائر" لمدة 10 سنوات، كما تم إلزام شركة "لافارج" بالتوجه نحو تصدير الإسمنت، بالإضافة إلى مراجعة شروط استيراد القمح الذي تحتكر فرنسا تدفقه نحو الجزائر بقرابة 1.6 مليار دولار سنوياً.

كما أفشلت الجزائر أيضاً في 2019، صفقة بين شركتي الطاقة الفرنسية "توتال" و"أوكسيدونتال" الأميركية، لاستحواذ الشركة الفرنسية على أصول شركة "أناداركو" الأميركية (التي استحوذت عليها أوكسيدونتال) في الجزائر، والتي تنتج نحو ثلث النفط الجزائري.

تحسن تدريجي

وتحسنت العلاقات بين الجزائر وباريس تدريجياً في الأشهر الماضية، وأعرب ماكرون ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون في مكالمة هاتفية في 18 يونيو، عن رغبتهما في "تعميقها".

وفي نهاية أبريل، هنّأ تبون ماكرون على إعادة انتخابه، ودعاه إلى زيارة الجزائر.

وفي يوليو الماضي، بعث الرئيس الفرنسي إلى نظيره الجزائري رسالة هنّأه فيها بمرور 60 عاماً على استقلال الجزائر عن فرنسا، وأعرب عن أمله في "تعزيز العلاقات القوية أساساً" بين البلدين.

وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان حينها، إن "الذكرى الـ60 لاستقلال الجزائر، في 5 يوليو 2022، تشكّل فرصة لرئيس الجمهورية ليرسل إلى الرئيس تبّون رسالة يعبّر فيها عن تمنياته للشعب الجزائري، ويبدي أمله بمواصلة تعزيز العلاقات القوية أصلاً بين فرنسا والجزائر".

ونقل البيان عن ماكرون تأكيد "التزامه مجدّداً بمواصلة عملية الاعتراف بالحقيقة والمصالحة لذاكرتي الشعبين الجزائري والفرنسي". 

"مسؤولية فرنسا الاستعمارية"

وانتزعت الجزائر الاستقلال في عام 1962 بعد 7 سنوات ونصف من حرب دامية، ما جعلها المستعمرة الفرنسية السابقة الوحيدة في إفريقيا التي تحرّرت بالمقاومة المسلحة عن فرنسا في ستينات القرن الماضي، علماً أن فرنسا احتلت الجزائر في عام 1832.

وبعد سنوات الحرب بين الثوار الجزائريين والجيش الفرنسي، توقف القتال إثر توقيع اتفاقيات "إيفيان" التاريخية في 18 مارس 1962 التي مهّدت الطريق لإعلان استقلال الجزائر في 5 يوليو من العام ذاته. 

وبعد مرور عقود على نهاية الاستعمار، لم تندمل الجراح في الجزائر، رغم أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، سعى منذ انتخابه إلى تهدئة الذاكرة بسلسلة من المبادرات الرمزية، التي لم تصل إلى حدّ تقديم "اعتذار". 

وردّاً على هذه المبادرات، قال رئيس مجلس الأمة الجزائري وأحد قادة حرب الاستقلال، صالح قوجيل: "لا يمكن أن ننسى أو نمحي، لأي إجراء كان، مسؤولية فرنسا الاستعمارية عن الإبادة الإنسانية (التي تعرّض لها الشعب الجزائري) والإبادة الثقافية وإبادة هويته".

وكان الرئيس عبد المجيد تبون أكد في مارس الماضي، أن "جرائم الاستعمار" الفرنسي في الجزائر لن تسقط بالتقادم، داعياً إلى "معالجة منصفة ونزيهة لملف الذاكرة والتاريخ في أَجواء المصارحة والثقة".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات