أعرب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، الثلاثاء، أمام مجلس الأمن الدولي، عن أسفه لـ"تراجع" تعاون السلطات السودانية، مشيراً إلى أن السودانيين "سئموا الوعود ويتوقون إلى العدالة".
ويقوم كريم أسد خان حالياً بزيارة إلى السودان حيث التقى نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي" الثلاثاء، على أن يجتمع الأربعاء برئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان.
وخلال زيارته الميدانية إلى دارفور، حيث تفقد 3 مخيمات للنازحين بما في ذلك مخيم كلمة، أعرب له اللاجئون عن امتنانهم، وقال بدوره خلال مداخلة عبر الفيديو "هذا الامتنان غير متكافئ مع ما فعلناه".
وأشار خان إلى التقدم المحرز مع بدء محاكمة زعيم سابق لميليشيا الجنجويد، وهو أول شخص يُحاكم أمام المحكمة الجنائية الدولية على الفظائع التي ارتكبت في دارفور قبل نحو 20 عاماً.
ودعا إلى "تسريع التحرك"، مشدداً على أن "كابوس الآلاف من سكان دارفور لم ينته جزئياً بسبب غياب العدالة، والعدالة تتطلب أفعالاً وليس أقوالاً. لقد سئموا الوعود".
كما حثّ المدعي العام في تقريره نصف السنوي السلطات السودانية على توفير حرية الاطلاع على الوثائق التي تخدم تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية والشهود الرئيسيين، ودعا مجلس الأمن إلى زيارة السودان.
وقال: "فرصة تعلم المزيد والاستماع إلى بعض الناجين وبعض سكان دارفور الذين يعيشون في المخيمات الذين يحترمونكم ويعلقون الكثير من الآمال عليكم ستساعدنا على إحياء التزاماتنا تجاه الإنسانية والتزاماتكم كعضو في مجلس الأمن".
وشهدت دارفور حرباً أهلية بدأت عام 2003 بين نظام الرئيس السابق عمر البشير والمتمردين المنبثقين من أقليات عرقية تُندد بالتمييز.
وأُطيح بالبشير عام 2019 ثم أودع السجن ولا يزال يخضع لمذكرة توقيف أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية شأنه شأن شخصيات أخرى في النظام القديم بتهمة ارتكاب "جرائم ضد الإنسانية" و"إبادة جماعية" في دارفور.
وبحسب وكالة الأنباء السودانية "سونا"، من المتوقع أن يرفع كريم خان خلال اليومين المقبلين تقريراً إلى مجلس الأمن الدولي بشأن زيارته إلى السودان ولقائه المسؤولين هناك.
وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية وصل السبت إلى الخرطوم في زيارة رسمية تستمر 5 أيام، تشمل إقليم دارفور.
وتطالب المحكمة بتسليمها الرئيس السوداني السابق عمر البشير، واثنين من مساعديه، وأحد قادة المجموعات التي حملت السلاح، بعد اتهامهم بارتكاب جرائم إبادة جماعية وضد الإنسانية وجرائم حرب أثناء النزاع في إقليم دارفور الذي بدأ عام 2003.
واندلع النزاع في دارفور عندما حملت السلاح مجموعات تنتمي إلى أقليات إفريقية ضد الحكومة المركزية احتجاجاً على تهميش الإقليم سياسياً واقتصادياً.
ووقعت المحكمة الجنائية الدولية في أغسطس 2021 مذكرة تعاون مع الحكومة المدنية الانتقالية التي أطاح بها قائد الجيش عبدالفتاح البرهان في 25 أكتوبر من العام الماضي.
ووفق بيانات للأمم المتحدة، قضى في دارفور 300 ألف شخص، وشُرد 2.5 مليون عن منازلهم، وانتهى النزاع بتوقيع الحكومة الانتقالية اتفاق سلام مع عدد من الحركات المتمردة في الإقليم، لكن مجموعة رئيسة هي "حركة تحرير السودان" بزعامة عبد الواحد نور، لم توقع على اتفاق السلام في عاصمة جنوب السودان جوبا خلال أكتوبر 2020.
وفي 2009، أصدرت الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق البشير الذي اتهمته بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال النزاع المسلح في دارفور، الذي اندلع في 2003، وقضى خلاله أكثر من 300 ألف شخص.
كما أصدرت مذكرتي توقيف في حق اثنين من مساعديه، وهما عبد الرحيم محمد حسين وأحمد هارون المحبوسان في سجن كوبر أيضاً.
وكان هارون قد طلب في مطلع مايو إحالته إلى المحكمة الجنائية الدولية، عقب مثوله أمام لجنة تحقيق حكومية.
ووعد مجلس السيادة الانتقالي، أعلى سلطة في السودان ويضم مدنيين وعسكريين لدى تسلمه الحكم في فبراير 2020، بمثول البشير أمام المحكمة الجنائية الدولية، علماً بأن الرئيس السابق يحاكم أمام قضاء بلاده بتهمة أخرى، هي تنفيذ انقلاب عسكري على النظام في يونيو 1989.