
طالبت السلطة الفلسطينية، ومنظمات صحية وحقوقية، إسرائيل بتحمل مسؤولياتها بصفتها "قوة احتلال"، لتوفير حاجة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، وقطاع غزة من لقاحات فيروس كورونا الذي يجتاح العالم.
يأتي ذلك في وقت تواجه فيه السلطة الفلسطينية صعوبات في التوصل إلى اتفاقات نهائية مع الشركات المنتجة للقاحات، لتوفير حصص كافية لتحصين الفلسطينيين، مع إصرار إسرائيل على رفض توفير اللقاحات للفلسطينيين الواقعين تحت احتلالها العسكري.
وقالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية إن الحكومة الفلسطينية تعمل على توفير اللقاحات، "لكن هذا لا يعفي إسرائيل من مسؤولياتها تجاه الشعب الفلسطيني، استناداً إلى واجباتها بناء على قواعد القانون الدولي الإنساني، واتفاقيات جنيف، ولوائح لاهاي لعام 1907، والقانون الدولي لحقوق الإنسان باعتبارها قوة احتلال".
وطالبت الوزارة المجتمع الدولي، في بيان، بالضغط على إسرائيل "لتحمل مسؤولياتها، وخاصة المادة 56 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي أكدت على أنه على قوة الاحتلال واجب ضمان اعتماد وتطبيق الإجراءات الوقائية والوقائية اللازمة لمكافحة انتشار الأمراض المعدية والأوبئة".
وأوضحت الوزارة أن ذلك يشمل شراء وتوزيع اللقاحات على أبناء الشعب الفلسطيني الواقع تحت احتلالها العسكري.
حرمان جماعي
حطمت إسرائيل الأرقام القياسية العالمية لسرعة برنامج التطعيم الواسع، الذي بدأ في 20 ديسمبر الماضي. وحتى الجمعة شهدت البلاد تطعيم 1.7 مليون إسرائيلي أو أكثر من 18% من إجمالي السكان.
وعلى الرغم من تسجيل إسرائيل رقماً قياسياً في التطعيم ضد كورونا، لكنها تواجه اتهامات بالتهرب من التزامها بتوفير اللقاح للفلسطينيين، بعد استثناء نحو 5 ملايين فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة، (من دون سكان القدس الشرقية).
كما استبعدت أيضاً 4 آلاف و500 أسير فلسطيني في سجونها، ما أثار اعتراضات منظمات حقوق إنسان إسرائيلية، قدمت، الأحد، التماساً إلى محكمة العدل العليا في إسرائيل، طالبت فيه بإلزام وزير الداخلية الإسرائيلي (الحاخام آرييه درعي) بتوفير اللقاحات للمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
مطالبات دولية
وطالبت منظمات صحية وحقوقية دولية، إسرائيل بتوفير اللقاحات للطواقم الطبية في الأراضي الفلسطينية، باعتبارها خط الدفاع الأول في مواجهة الفيروس، لكنها لم تستجب.
ورفضت إسرائيل طلباً غير رسمي من منظمة الصحة العالمية، لتوفير اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، على الفور للطواقم الطبية الفلسطينية لتفادي كارثة صحية، مشيرة إلى أنها تعاني نقصاً في التطعيمات اللازمة لمواطنيها، حسب صحيفة "إندبندنت" البريطانية.
يأتي الرفض وسط انتقادات متزايدة من جماعات حقوقية للتناقض الهائل بين طرح اللقاح في إسرائيل، والضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، بالنظر إلى الالتزامات القانونية لإسرائيل كقوة احتلال.
بينما قدمت إسرائيل اللقاحات للفلسطينيين الذين يعيشون في القدس الشرقية، على النقيض من ذلك، لم يتلق أي مواطن أو مسعف لقاحات بين ما يقرب من 5 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين، حيث تعاني أنظمة الرعاية الصحية فقراً وهشاشة يصعبان عليها التعامل مع أعداد حالات الإصابة المتزايدة.
واستناداً إلى اتفاقية جنيف الرابعة، اتهمت جماعات حقوقية، تشمل منظمة العفو الدولية، إسرائيل بـ"التمييز المؤسسي"، وتجاهل التزاماتها الدولية لضمان توزيع لقاحات كوفيد-19بشكل متساوٍ وعادل على الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال.
وقال جيرالد روكينشاب، رئيس بعثة منظمة الصحة العالمية إلى الفلسطينيين في تصريحات لصحيفة "إندبندنت"، إن "أكثر من 1.5 مليون إسرائيلي تلقوا لقاحاتهم، بينما حصل الجانب الآخر على صفر، باستثناء الفلسطينيين الذين يعيشون في القدس الشرقية".
وأوضحت منظمة الصحة العالمية أن هذا حدث خلال "مناقشات غير رسمية مع وزارة الصحة الإسرائيلية حول إمكانية تخصيص إمدادات اللقاح لتطعيم القوى العاملة الصحية الفلسطينية كمجموعة مستهدفة ذات أولوية فورية"، وفق الصحيفة.
وأضافت المنظمة: "أشارت وزارة الصحة الإسرائيلية إلى أنها ستدرس هذا الخيار؛ لكنها ليست في وضع يمكنها حالياً من توفير اللقاحات بسبب نقص اللقاحات في إسرائيل".
اتصالات مبدئية
ووسط هذا الوضع، تسارع السلطة الفلسطينية التي تعاني من ضائقة مالية، والتي تحافظ على حكم ذاتي محدود، للحصول على اللقاحات، حيث تجري اتصالات مع العديد من الشركات للحصول على لقاح ضد الفيروس، لكنها لم تعقد أي اتفاق نهائي بعد مع أي شركة.
وقال مدير عام وزرة الصحة، الدكتور ياسر بوزية، لـ"الشرق" إن وزارته توصلت إلى اتفاق مبدئي مع شركة "أسترازنيكا" البريطانية، بالشروع في تزويدها بمليوني جرعة، ابتداءً من شهر مارس المقبل. لكنه قال إن الاتفاق مبدئي وليس نهائياً، وأن هناك اتصالات تجري مع شركات أخرى للغرض ذاته.
وكانت وزيرة الصحة، الدكتورة مي كيلة، قالت لـ"الشرق" في لقاء سابق إنها تعتقد أن الشركات تبرم عقودها مع الدول بناء على اعتبارات سياسية.
وتعهدت منظمة الصحة العالمية بتوفير 20% من حاجة السلطة الفلسطينية من اللقاح، شأنها في ذلك شأن 92 دولة أخرى من الدول الفقيرة في العالم.
ورجح الدكتور بوزية أن تصل تبرعات منظمة الصحة العالمية الشهر المقبل، مشيراً إلى أنها ستخصص للطواقم الطبية وأصحاب الأمراض المزمنة. لكنه قال إن التاريخ الدقيق والنهائي لم يحدد بعد.
وعد روسي بتوفير اللقاح
كانت السلطة الفلسطينية حصلت على وعد روسي بتوفير حاجتها من اللقاح، لكن لم يجرِ الاتفاق على موعد نهائي بعد.
ولم تقر وزارة الصحة في إسرائيل اللقاح الروسي، وهو ما يشكل عقبة أمام دخوله إلى الأراضي الفلسطينية.
ويتوقع أن تواجه إسرائيل مشكلة كبرى في حال عدم تلقي الفلسطينيين اللقاحات اللازمة خلال فترة لا تزيد على 3 أشهر من تلقي الإسرائيليين لها بسبب وجود الشعبين على بقعة أرض واحدة.
ويدخل عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى إسرائيل يومياً للعمل والتجارة والعلاج وغيرها.
699 إصابة في 24 ساعة
وأعلنت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة، الأحد، تسجيل 699 إصابة جديدة بفيروس كورونا، و20 وفاة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وقالت الوزيرة في بيان صحفي إن قطاع غزة سجل 232 إصابة من مجمل الحالات الجديدة.
وتفرض الحكومة الفلسطينية إغلاقاً جزئياً من السابعة مساءً حتى السادسة صباحاً من الأحد إلى الخميس، وتمنع إقامة حفلات الزفاف، وسرادقات العزاء.
وتظهر قاعدة بيانات وزارة الصحة الفلسطينية أن إجمالي الإصابات بفيروس كورونا منذ ظهور الجائحة في مارس الماضي بلغ 165 ألفاً و949، بينما توفي 1747 وتعافى 148 ألفاً و38 شخصاً.
اقرأ أيضاً: