نشر القضاء الأميركي، الجمعة، وثيقة قضائية تحدد أسباب الشرطة الفيدرالية لتفتيش منزل الرئيس السابق دونالد ترمب في فلوريدا، تم تنقيح مضمونها إلى حد كبير لصالح التحقيق.
وقالت الوثيقة إن وزارة العدل طلبت تفتيش منزل الرئيس ترمب في مار إي لاجو، في ولاية فلوريدا بعدما تلقت مجموعة أولية من وثائق الأمن القومي شديدة السرية، وبعد مخاوف من أن الكشف عن محتوى تلك الوثائق قد يعرض "موارد بشرية تعمل في الخفاء" لجمع معلومات استخباراتية للخطر، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
وتحتوي الوثيقة على أكثر من ثلاثين صفحة تضم أدلة وحجج قانونية قدمها فرع الأمن القومي بوزارة العدل، بالإضافة إلى مستندات تدعم حججها، تصف العملية التي سعت خلالها الحكومة على مدار أشهر لاستعادة المواد السرية التي نقلها ترمب من البيت الأبيض، والذي كان يعتبر أن وثائق الدولة "ملكيته الخاصة" بحسب الصحيفة.
وبدأ التحقيق في المسألة بعدما راجع عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي 15 صندوقاً أعادها ترمب إلى الأرشيف الوطني في فبراير الماضي، بعد أشهر من الضغوط الحكومية.
وفي تلك الصناديق عُثر على 184 وثيقة تحمل علامة "سرية" ومن بينها 25 مستنداً صنفت "سرية للغاية".
لكن القلق ازداد بعدما اكتشفت عملاء المكتب الفيدرالي أن الكثير من تلك المستندات تحوي وثائق على أعلى مستوى من السرية مرتبطة بالأمن القومي، ولا يجب الاحتفاظ بها سوى في منشآت تخزين حكومية محكمة، ويحظر مشاركتها مع أي حكومات أجنبية لحماية "موارد بشرية تعمل في الخفاء" توظفها وكالات الاستخبارات الأميركية لجمع معلومات حول العالم، حسبما نقلت "نيويورك تايمز".
شهود مدنيين
وتكشف الوثيقة المصدر الذي حصلت الحكومة منه على المعلومات بشأن نقل المستندات إلى وداخل المنتجع، وأشارت الوثيقة إلى "عدد كبير من الشهود المدنيين" الذين كانوا مطلعين على أفعال الرئيس بعد مغادرته منصبه.
وحجبت الوثيقة تفاصيل خاصة بالشهود، ونصت بشكل مفصل على المخاطر التي قد يتعرضون لها إذا كشفت هوياتهم أو أفعالهم للعامة.
وقال محاميان عن وزارة العدل في شرح لحجب تلك الأسماء: "أولاً وقبل كل شيء، يجب أن تحمي الحكومة هوية الشهود في هذه المرحلة من التحقيق لضمان أمنهم".
وأضافا أن الشهود قد يكونون عرضة لـ"الانتقام والترهيب والمضايقة، وحتى تهديد أمنهم الشخصي".
وطال الحجب نصف محتوى الوثيقة تقريباً، ولا تكشف الوثيقة عن طبيعة المواد التي تمت استعادتها أو السبب الذي احتفظ بها ترمب لأجله.
مداهمة منزل ترمب
كان القاضي الفيدرالي بروس راينهارت، أمر وزارة العدل بنشر هذه الوثيقة الأساسية التي من المفترض أن توضح بالتفصيل الأسباب التي أدّت إلى التحقيق مع ترمب، مشيراً إلى المصلحة العامة في المداهمة غير المسبوقة لمنزل رئيس أميركي سابق.
لكن القاضي قبِل طلب الوزارة بتنقيح أجزاء مهمة من الوثيقة- التي كان من الممكن أن تكشف هوية بعض الفاعلين في القضية- باسم الحاجة "المُلّحة" لحماية التحقيقات.
وانتظرت السلطات حتى اللحظة الأخيرة ونشرت الوثيقة التي جاءت في 38 صفحة بعيد الساعة 12,00 (16,00 ت غ) وهو الموعد النهائي الذي حدده القاضي راينهارت.
وقد عارضت نشر الوثيقة المذكورة بحجة أنها تتطلب تنقيحاً "مهماً لدرجة أنه سيفرغ النص المسرب من أي محتوى مهم".
"أدلة في المنزل"
وأفرج عن الوثيقة بعد 18 يوماً من مداهمة عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي لمنزل ترمب بمنتجع مار إي لاجو في بالم بيتش بولاية فلوريدا، بعد الحصول على إذن قضائي بالتفتيش. وصادر عملاء المكتب صناديق من الوثائق السريّة التي لم يعدها الرئيس الجمهوري بعد مغادرة البيت الأبيض رغم الطلبات المتكررة.
وكتب المدعي العام الذي طلب مذكرة التفتيش في طلبه أن هناك "أسباباً للاعتقاد بأنه سيتم العثور على أدلة على عرقلة عمل العدالة" في منزل ترمب".
وترمب الذي ينوي الترشح للانتخابات الرئاسية لعام 2024، لطالما انتقد هذه العملية التي يرى أنها مثال على "الحملة الشعواء" التي تستهدفه.
وفي السياق، قالت متحدثة باسم البيت الأبيض، الجمعة، إنه "من غير الملائم لنا التعليق على التحقيق (تفتيش منزل ترمب والعثور على مستندات سرية)"، مضيفة أن هذه التحقيقات "مستقلة".
ترمب يواجه خطراً قانونياً جديداً
وكانت وكالة "أسوشيتد برس"، رجحت أن تعرض الوثيقة "بعض التفاصيل الجديدة" بشأن التحقيق الجنائي الجاري حالياً، ما يضع ترمب تحت طائلة خطر قانوني جديد، في الوقت الذي يستعد فيه لخوض "معركة الرئاسة".
والوثيقة هي الصيغة المحجوبة للإفادة الخطية، أو الإفادة تحت القسم، التي قدمها مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى القاضي لاستصدار مذكرة التفتيش.
ويحتوي هذا النوع من الإفادات عادة على معلومات مهمة بشأن تحقيق ما، إذ يوضح العملاء الفيدراليون للقاضي الأسباب التي تجعلهم يريدون تفتيش عقار ما، ولماذا يعتقدون أنهم سيجدون أدلة على جريمة محتملة، ولكن الإفادات عادة ما تبقى قيد السرية، ما جعل قرار القاضي بكشف أجزاء منها مثيراً للدهشة.
وفي اعتراف بالاهتمام البالغ من قبل الرأي العام بهذا التحقيق، أمر قاضي الصلح الأميركي، بروس راينهارت، الخميس، وزارة العدل بنشر النسخة المحجوبة من الإفادة، الجمعة.
وجاء القرار بعد ساعات من تقديم مسؤولي إنفاذ القانون الفيدرالي جميع أجزاء الوثيقة التي يريدون بقائها قيد السرية ما يخدم مصالح تحقيقهم الجاري.
وتظهر المستندات التي تم الإعلان عنها بالفعل أن مكتب التحقيقات الفيدرالي استعاد 11 مجموعة من الوثائق السرية، بما في ذلك معلومات مصنفة في مستوى سري للغاية، كما تظهر أن العملاء الفيدراليين يحققون في انتهاكات محتملة لثلاثة قوانين فيدرالية متباينة، بينها القانون الذي يحكم جمع أو نقل أو ضياع معلومات دفاعية بموجب قانون التجسس، فيما تتعلق القوانين الأخرى بإخفاء أو تشويه أو إزالة السجلات، وتدمير أو تبديل أو تزوير السجلات في التحقيقات الفيدرالية.
وكانت وزارة العدل اعترضت، في وقت سابق، على الحجج التي قدمتها منظمات إعلامية لنشر أجزاء من الإفادة، وقالت إن عملية الكشف عن الإفادة يمكن أن تتضمن معلومات خاصة عن الشهود وتكتيكات التحقيق.
ولكن القاضي، الذي أقر باهتمام الرأي العام غير العادي بهذا التحقيق، قال، الأسبوع الماضي، إنه لم يكن يرغب في الإبقاء على الوثيقة بأكملها قيد السرية، وإنه أخبر المسؤولين الفيدراليين أن يقدموا له بشكل شخصي الأجزاء التي يريدون إخفائها.
وفي الأمر الذي أصدره، الخميس، قال إن وزارة العدل قدمت حججاً مقنعة لترك أجزاء كثيرة من الوثيقة قيد السرية، لأنها في حالة الكشف عنها، ستكشف عن معلومات هيئة المحلفين الكبرى، وهويات الشهود، وأطراف غير متهمة، وتفاصيل حول "استراتيجية واتجاه ونطاق ومصادر وطرق" التحقيق.
لكنه قال أيضاً إنه مقتنع بأن "الحكومة قد أوفت بعبء إظهار عدم التوسع في الأجزاء السرية المقترحة لخدمة الاهتمام المشروع من قبل الحكومة بنزاهة التحقيق الجاري، وأن هذا هو البديل الأقل صعوبة لإخفاء الإفادة بأكملها".
اقرأ أيضاً: