
أطلقت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" حملة واسعة لتسريع مبيعات الأسلحة المصنعة في الولايات المتحدة لدول حليفة، في محاولة للتنافس بشكل أفضل مع الصين وإعادة تخزين ترسانات بلدان صديقة زوّدت أوكرانيا بعتاد عسكري لمساعدتها في مواجهة الغزو الروسي، كما أوردت صحيفة "وول ستريت جورنال".
وشكّل البنتاجون الشهر الماضي فريق عمل يضمّ مسؤولين بارزين، لفحص أوجه قصور مديدة تمسّ مبيعات واشنطن من أسلحة بمليارات الدولارات إلى دول أجنبية.
وسيبحث ما يُسمّى بـ"فريق النمر"، وسائل تمكّن الوزارة من تبسيط أجزاء من البرنامج، بحسب مسؤول دفاعي بارز، بهدف الإسراع بتسليم دول حليفة وشريكة، مسيّرات ومدافع ومروحيات ودبابات وأسلحة أميركية أخرى ترغب تلك البلدان في شرائها.
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أن التوتر المتزايد بين الولايات المتحدة الصين، وغزو روسيا لأوكرانيا، عجّل بهذه المراجعة، التي بدأها البنتاجون قبل نحو شهر.
وتنفذ الوزارة جزءاً كبيراً من برنامج لمبيعات أسلحة إلى الخارج، ولكن تشرف عليه وزارة الخارجية التي تستخدم مبيعات الأسلحة السنوية، البالغة 45 مليار دولار، أداة لنشر النفوذ الأميركي، علماً أن كل تلك المبيعات تستلزم مصادقة الكونجرس.
"إزالة أوجه قصور"
نائبة وزير الدفاع الأميركي كاثلين هيكس، وقّعت الشهر الماضي مذكرة بتشكيل المجموعة التي يشترك في رئاستها ساشا بيكر، نائبة وكيل وزارة الدفاع للسياسات، وبيل لا بلانت، وكيل وزارة الدفاع للاستحواذ والدعم.
وعلى سبيل المثال، يمكن تدريب المسؤولين الأميركيين الذين يعملون مع دولٍ بشأن الطلبات الأولية لمسيّرات جديدة، لمساعدة تلك البلدان في صوغ تلك الطلبات بشكل أفضل، وإزالة عراقيل تظهر لأن الطلب الأولي كان واسعاً جداً أو أثار مخاوف أمنية أخرى، بحسب الصحيفة.
وقال مسؤول دفاعي بارز: "الأمر يتعلّق بالخطوات الميكانيكية في العملية. كيف يمكننا أداء عمل أفضل لإزالة أوجه قصور من نظام سينطبق على كل البلدان التي نعمل معها؟".
إضافة إلى ذلك ومع وجود أنظمة معيّنة، يصادق البنتاجون على العقود مرة واحدة فقط في العام، لذلك تُجمّد الطلبات التي تفوّت هذا الموعد النهائي، حتى الدورة التالية.
وتشارك وزارة الخارجية في التقييم الذي يعدّه البنتاجون، علماً أنها تشرف في نهاية الأمر على المبيعات العسكرية للخارج.
شكوك دول حليفة
لطالما اعتبر مشرعون ومسؤولون حكوميون وقطاع الدفاع، أن برنامج المبيعات العسكرية للخارج يتجنّب المخاطرة ويتسم بالركود.
وقد تؤدي مخاوف بشأن بيع قطعة من تكنولوجيا حساسة إلى إبطاء عملية البيع لسنوات. كذلك يمكن للمسؤولين التدقيق في جيش الدولة التي تعتزم شراء تلك الأسلحة، لمعرفة ما إذا كانت قواته مؤهلة لتشغيل المعدات والضمانات للحفاظ على أمنها.
ويمكن أن تثير هذه الوتيرة البطيئة شكوكاً لدى بلدان، بشأن رغبة الولايات المتحدة في أن تكون شريكة لها، وتجازف بدفع دولٍ تريد واشنطن الحفاظ على علاقات وثيقة معها، إلى بلدان أخرى لشراء الأسلحة.
ويرى مسؤولون في واشنطن وجوب تعزيز العلاقات مع تلك الدول، نتيجة تنافس عالمي مع الصين يُقاس غالباً بمَن يمكنه بيع أفضل المعدات العسكرية وأكثرها تطوّراً، بأسرع وقت وأرخص الأسعار، بحسب "وول ستريت جورنال".
ورحّب وزير البحرية السابق ريتشارد سبنسر بالمراجعة التي يجريها البنتاجون، محذراً من أن الوزارة تستخدم غالباً ضمادات بدلاً من إجراء إصلاح شامل.
وقال: "يجب أن تكون (الوزارة) رشيقة. نحن متصلّبون، ومصابون بالتهاب المفاصل، وعلينا تجاوز ذلك".
"ليست رخيصة"
صُمّم نظام المبيعات العسكرية الأميركية ليعمل في أوقات السلم، وليس فيما تزوّد الولايات المتحدة معدات عسكرية بمليارات الدولارات إلى حليف يقاتل روسيا.
وتمثل هدفه الأساسي في تعزيز حلفاء واشنطن وشركائها، من خلال تزويدها بأسلحة أميركية الصنع. هذا الأمر مفيد بالنسبة إلى مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة، ويرسّخ علاقاتها مع شركائها وحلفائها.
لكن التنافس المتزايد مع دولٍ، مثل الصين وروسيا، اللتين تطوّران أسلحة متقدمة بتكلفة أقلّ، يهدد بمعادلة الميزة التنافسية لواشنطن في السباق لتسليح الدول الصديقة في العالم.
وقال مسؤول أميركي في هذا الصدد: "الحجة المديدة (لمصلحة) المعدات الأميركية هي أنها الأفضل، وهي كذلك. وهذا يجعلها أيضاً أغلى ثمناً، فهي ليست رخيصة".
مشكلات مستعصية على الحلّ
يشعر البعض في قطاع الدفاع والحكومة والكونجرس، بقلق من تحديات تواجه هذا القطاع والجاهزية العسكرية للولايات المتحدة. وأدت الحرب في أوكرانيا إلى نقص مقلق في مخزونات الأسلحة الأميركية، بما في ذلك بعض الذخيرة.
ويمسّ النزاع أيضاً حلفاء أوروبيين، قدّموا لأوكرانيا أسلحة بمئات الملايين من الدولارات، بعد تلقيهم تعهداً بأن الولايات المتحدة ستساعدهم في تجديد مخزوناتهم.
وأشار مسؤول إلى أن بعض المشكلات قد تبدو مستعصية على الحلّ، ومتجذرة في مشكلات النظام في الصناعة الأميركية وسوق العمل الضيق.
وأضاف: "صناعة الدفاع الأميركية ليست مصمّمة كما كانت في الحرب العالمية الثانية. إنهم لا ينتجون أشياء لمجرد أننا نطلب منهم ذلك. يجب أن يكون لديهم عقد" في هذا الصدد.
وعلى سبيل المثال، انتظرت قطر لنيل إذن بشراء مسيّرات متطوّرة، لكن واشنطن لم تجب عليها بعد، لا سلباً ولا إيجاباً.
ويأمل مسؤولون أميركيون بأن تؤدي أوجه قصور عانتها أسلحة روسية خلال الحرب في أوكرانيا، إلى جانب ضغوط محلية على دولٍ لتجديد مخزونها العسكري، إلى دفع بلدان تواصل الاعتماد على موسكو لشراء الأسلحة، لاستكشاف أسواق أخرى.
وصدّرت الصين أسلحة تقليدية بنحو 17 مليار دولار، بين عامَي 2010 و2020، وفقاً لتقرير أعدّه "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" (مقره واشنطن)، 77% منها إلى دول آسيوية و20% إلى إفريقيا.
اقرأ أيضاً: