أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، السبت، أن العقوبات الأميركية تحول دون تنفيذ الاتفاق الثلاثي لإمداد لبنان بالكهرباء، مشيراً إلى أن بلاده على اتصال مع الجانب الأميركي لتجاوز هذه العقبة.
وقال الصفدي في مقابلة مع "الشرق"، رداً على سؤال بشأن أنباء عن توقف اتفاق استجرار الغاز المصري والكهرباء من الأردن إلى لبنان، إن "الاتفاق لم يتوقف"، لافتاً إلى "وجود جهود أردنية منذ فترة طويلة لمساعدة بيروت على التعامل مع الأزمة التي تواجهها، وتحديداً المتعلقة بالكهرباء والطاقة".
وأضاف: "عملنا على التوصل إلى اتفاق لتزويد لبنان بحوالي 100 ميجا من الكهرباء عبر سوريا، وأنجزنا كل ما هو مطلوب فنياً، ووقعنا اتفاقاً ثلاثياً بذلك، ولكن في الحقيقة هناك عقوبات أميركية مرتبطة بقانون قيصر، حالت من دون الإسراع بتنفيذ الاتفاق".
وأضاف الصفدي: "نحن على اتصال مع الولايات المتحدة لضمان ألا يكون إمداد لبنان بالكهرباء ضمن هذه العقوبات، وتوفير ضمانات أميركية بأن هذا الأمر لن يُعرض الأردن للعقوبات المنصوص عليها في قانون قيصر".
وتابع: "حوارنا مستمر، وهناك أيضاً جُهد لإنجاز اتفاق بين لبنان والبنك الدولي. نحن بانتظار أن ينجر الأميركيون واللبنانيون اتفاقهم، وعند ذلك سنمد لبنان بالكهرباء بشكل فوري. ونرى أن هذه مساهمة ضرورية لمساعدة لبنان على مواجهة الصعوبات، وموقف الملك كان واضحاً بأنه يجب الحؤول دون تطور الأزمة في لبنان، وعمل كل ما نستطيع لوقف التدهور الذي يشهده".
"حزمة دعم أميركية"
وبشأن مذكرة التفاهم بين عمان وواشنطن، والتي تتضمن أكبر دعم أميركي يحصل عليه الأردن بـ10 مليارات دولار خلال 7 سنوات، قال الصفدي إن "المذكرة ستساعد عمّان في دعم الإصلاح الاقتصادي ومواجهة التحديات الإقليمية.
وفي وقت سابق، السبت، وقّع الصفدي ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن على الاتفاقية في العاصمة واشنطن.
وبموجب المذكرة التي تُعد الرابعة بين البلدين والأطوال مدة مقارنة بسابقاتها، ستقدم الولايات المتحدة مساعدات للأردن بقيمة 1.450 مليار دولار أميركي سنوياً ابتداءً من عام 2023 حتى 2029، بهدف تخفيف التحديات التي يواجهها الأردن، إضافة إلى دعم البرامج الإصلاحية.
وأشار الصفدي في تصريحات لـ"الشرق"، إلى أن هذا الدعم سيسهم في مساعدة الأردن على التعامل مع تداعيات التحديات الإقليمية وانعكاساتها الكبيرة، لا سيما قضية اللاجئين وأمن الحدود وتهريب المخدرات وغيرها.
وأضاف أن "(المذكرة) تأتي في وقت بدأ الأردن إصلاحات إدارية واقتصادية معمقة وشاملة، وسيكون للدعم الأميركي أثر في مساعدة الأردن على دفع العملية التنموية، وزيادة تنافسية الاقتصاد، باتجاه أداء أفضل وفاعلية أكثر".
وأوضح أن "الإصلاحات الأردنية تم اعتمادها بعد حوار وطني شامل"، متابعاً: "ماضون في الإصلاحات مع أو من دون المذكرة، فهي حاجة وضرورة، ونقوم بها لأننا مقتنعون بأنها السبيل إلى تحسن الاقتصاد، ومعالجة التحديات التي نواجهها، حيث ستدعم المذكرة الإصلاحات مالياً إلى جانب المشاريع الكبيرة التي نقوم بها".
الحدود الأردنية السورية
وفي شأنٍ آخر، قال وزير الخارجية الأردني، إن مذكرة التفاهم ليست مرتبطة بشكل مباشر بقضية "تهريب المخدرات عبر الحدود بين سوريا والأردن".
لكنه أشار إلى أن "المذكرة تُمثل دعماً أميركياً مستمراً بدأ منذ سنوات، في إطار الشراكة الصلبة بين البلدين، والتي أكد عليها الرئيس الأميركي جو بايدن في لقائه الأخير مع الملك عبد الله، وشدد عليها الوزير بلينكن، بأن أمن واستقرار الأردن أساسي لاستقرار المنطقة، والدور الذي يقوده ملك الأردن فاعل في جهود تجاوز الأزمات، وتحقيق الأمن والاستقرار".
وأضاف الصفدي أن "جزءاً من الدعم الأميركي في المذكرة مخصص للموازنة، وآخر موجه لدعم القوات المسلحة، لتوفير ما تحتاجه من إمكانات لمواجهة التحديات"، مؤكداً على شراكة عمّان وواشنطن والمجتمع الدولي في "الحرب ضد الإرهاب التي لا تزال مستمرة".
وفي ما يتعلق بتهريب المخدرات إلى الأردن عبر الحدود السورية، اعتبر وزير الخارجية الأردني أن "هذا الأمر يُشكل خطراً بدأ يتفاقم بشكل كبير"، لافتاً إلى أن "القوات المسلحة تتعامل معه بشكل شبه يومي. المحاولات مستمرة لكننا نتصدى بشكل فاعل، وشهدنا في الأشهر الماضية ارتفاعاً في محاولات التهريب ما دعا إلى تغيير النهج الذي تتعامل معه القوات المسلحة في مواجهة هذا الخطر".
وتابع: "هناك حال من اللااستقرار في جنوب سوريا، وتشهد المنطقة عملاً ممنهجاً تُنفذه جماعات محترفة تمتلك معدات وطاقات كبيرة لتهريب المخدرات إلى وعبر الأردن، بحيث يستهدف جزءاً منه بلادنا، ويذهب جزء أكبر إلى أشقائنا العرب".
وأكد الصفدي أن الإمكانات الأردنية قوية في هذا الإطار وجهودها مثمرة، وقال: "عمليات تهريب المخدرات بعضها تقوم به عصابات، وبعضها منظمات لديها قدرات أكبر، لكننا نتعامل معها بفاعلية وحزم، واستطعنا إحباط عمليات تهريب عدة، لكن الخطر يبقى ماثلاً".
"الصراع الفلسطيني الإسرائيلي"
وفي الشأن الفلسطيني قال الصفدي لـ"الشرق"، إن "واشنطن أكدت أنها ملتزمة بحل الدولتين، وترفض الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب، بما في ذلك بناء المستوطنات"، مضيفاً أن "هذا الموقف يُترجم الآن بجهود نشترك فيها لمعالجة التوترات التي تطرأ، والكل يدرك أن الوضع ليس سهلاً".
وتابع: "الوضع السياسي في إسرائيل والطبيعة الانتقالية للحكومات كل ذلك ينعكس على العملية السلمية، وبالتالي لا يوجد أفق حقيقي الآن ربما للعودة للمفاوضات، ولكن هناك جهد كبير للتخفيف من الإجراءات الأحادية التي تُقوض حل الدولتين عندما تنطلق هذه المفاوضات".
وأضاف: "لنكن منصفين هناك تغيّر جذري في موقف الإدارة الأميركية تجاه العملية السلمية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي.. نعمل مع واشنطن وأشقائنا في المنطقة وشركائنا في المجتمع الدولي.. ورسالتنا في الأردن أن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر.. الخطر يتفاقم.. والوقت ليس في صالحنا.. إذا لم تتوقف الإجراءات الإسرائيلية الأحادية فالمنطقة ذاهبة إلى الصراع".
وتطرق وزير الخارجية الأردني إلى ما وصفه بـ"الاعتداءات الإسرائيلية على الحرم القدسي والمسجد الأقصى"، لافتاً إلى أن الملك عبد الله "هو الوصي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس"، وأردف: "هذا أيضاً جهد أردني مستمر ونتعاون فيه مع أميركا للحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم للمقدسات، وعلى إبقاء الأمل بالعملية السلمية مستمر، لأن هناك تراجعاً في ثقة الناس بها".
وأشار إلى أن ما يقوم به الأردن "هو العمل على إيجاد أفق سياسي للعودة إلى المفاوضات، واستعادة الثقة بأن العملية السلمية قادرة على تحقيق السلام العادل والدائم، والقائم عى حل الدولتين الذي يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على حدود 1967، لتعيش بسلام إلى جانب إسرائيل".