قال زعيم الانفصاليين في كتالونيا، الثلاثاء، إن الإقليم سيضغط على الحكومة الإسبانية للحصول على موافقة جديدة على إجراء استفتاء ملزم على استقلال محتمل لكتالونيا تعترف به إسبانيا والمجتمع الدولي.
ومع ذلك رفضت الحكومة الإسبانية الاقتراح. وقالت المتحدثة باسمها إيزابيل رودريجيز "لديهم تلك الطموحات البالغة حدودها القصوى والتي لا تشاركهم الحكومة إياها إطلاقاً".
وأضافت أن كلاً من الحكومتين في الدولة والإقليم ستواصلان المناقشات لـ"تطبيع" العلاقات.
يأتي ذلك بعد أيام من عودة أنصار استقلال كتالونيا إلى شوارع برشلونة رغم الانقسامات التي أضعفتهم، في إطار تجمعهم التقليدي الذي يجري سنوياً في 11 سبتمبر، لكن بدون رئيس حكومة منطقتهم بيري أراجونيس الذي ينتقده جزء منهم بسبب حواره مع مدريد.
وهذه السنة، اختارت منظمة "الجمعية الوطنية الكتالونية" شعار "عدنا لنفوز. استقلال!" في العيد السنوي للمنطقة "ديادا" الذي شهد في الأعوام العشرة الماضية تظاهرات ضخمة.
وتقود هذه المنظمة التي تمكنت من جمع حوالي 1.8 مليون شخص في 2014، حركة الاستقلال في هذه المنطقة الواقعة في شمال شرق إسبانيا.
إحياء مطلب الاستقلال
ويتمثّل التحدي حالياً في إحياء الحركة التي واجهت فترة من عدم اليقين منذ فشل محاولة الانفصال التي قامت بها في أكتوبر 2017، حكومة المنطقة بقيادة كارليس بوتشيمون التي أعلنت الاستقلال بعد استفتاء على تقرير المصير اعتبرته مدريد غير قانوني.
وقالت الجمعية الوطنية الكتالونية في بيان "لم نعد نتوقّع أي شيء من الأحزاب، فقط الشعب والمجتمع المدني المنظّم سيكونان قادرين على إتاحة تحقيق الاستقلال".
وترى هذه المنظمة المؤثّرة التي تنتقد المفاوضات بين مدريد وحكومة الاستقلال المعتدل بيري أراجونيس، أن الحركة الانفصالية تبقى في موقع قوة خصوصاً بسبب الأغلبية التي تتمتع بها في البرلمان الكتالوني.
وقالت في بيانها إن وضعاً كهذا لا يمكن "إفساده في مفاوضات مع الدولة الإسبانية ومشاجرات داخلية".
ويتخذ أراجونيس موقفاً براجماتياً، إذ نقلت صحيفة "لوموند" الفرنسية عنه قوله: "إرادتنا في التفاوض حازمة وواضحة وصادقة، مثل هدفنا، وهو استقلال كتالونيا". واستدرك: "أدافع عن مسار استفتاء متفاوض عليه، إذ يمكن أن يحصّل أكبر مقدار من الدعم ويجعل الاستقلال ممكناً".
وشدد على أن "تحسين الظروف المعيشية للكتالونيين لا يتعارض مع السعي إلى الاستقلال"، وتابع: "نعتقد بأنه لن يكون هناك حلّ للصراع السياسي، إن لم يتم التصويت في استفتاء، لكننا ندرك أيضاً الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكتالونيا". وزاد: "هناك فارق بين ما أريده، وكيف يمكنني الحصول عليه. الأمر المهم ليس تحديد موعد، بمقدار ما هو (تأمين) الشروط اللازمة لنيل الاستقلال".
خلاف استراتيجي
وبعد خمس سنوات على أزمة فشل استفتاء عام 2017 في تحقيق الاستقلال، والتي دفعت مدريد إلى وضع المنطقة تحت وصايتها وتوقيف القادة الاستقلاليين الذي لم يفرّوا إلى خارج البلاد، تُواجه الحركة الانفصالية صعوبة في استعادة الزخم.
ويأتي ذلك بسبب الخلافات على الاستراتيجية التي يجب تبنيها. فقد اختار اليسار الجمهوري الكتالوني الحوار مع حكومة الاشتراكي بيدرو سانشيز التي يدعمها في مجلس النواب الإسباني. واستمر هذا المسار رغم فضيحة تجسّس أجهزة الاستخبارات الإسبانية على عدد من القادة الانفصاليين التي كُشف عنها في الربيع.
ويعترض الأكثر تشدداً على هذا النهج، مدافعين عن فكرة الانفصال من جانب واحد وبدأ صبرهم ينفد في ظل غياب ردود على مطالبهم.
وشكلت محاولة انفصال هذا الإقليم الغني في شمال شرقي إسبانيا في أكتوبر 2017، إحدى أسوأ الأزمات السياسية التي شهدتها إسبانيا منذ سقوط ديكتاتورية فرانكو في عام 1975.