مع اقتراب موعد مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني في 16 أكتوبر الجاري، قد يجري الحزب بعض التعديلات في صفوف قياداته، إذ من المتوقع أن تستمر الأمانة العامة للحزب، وهي أعلى منصب في الصين، في يد شي جين بينج لولاية ثالثة.
ووفقاً لوكالة "رويترز"، فإن هذه السابقة في كسر التقاليد الراسخة للحزب الصيني الحاكم تجعل مسألة التنبؤ بالتشكيل القادم للجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني "أصعب مما كانت عليه من قبل"، بما في ذلك "مَن سيحل محل القائد الثاني"، لي كه تشيانج، على مقعد رئاسة الوزراء، عندما يحال إلى التقاعد في مارس المقبل.
ويحظى تشكيل اللجنة الدائمة للمكتب السياسي، التي تتكون في الوقت الحالي من 7 أعضاء، بأهمية خاصة، لأن الحزب اعتاد ممارسة "القيادة الجماعية"، ما يتطلب طرح جميع القرارات ذات الأهمية القصوى للتصويت الداخلي. وفي هذا الصدد تطرح "رويترز" عدداً من السيناريوهات المحتملة للتعديلات التي من المنتظر أن تطرأ على قيادات الحزب.
رئيس الوزراء الجديد
في الماضي، كانت قائمة الشروط والمؤهلات الخاصة برئيس الوزراء الصيني المقبل، تنص على "ألا يزيد عمره عن 67 عاماً"، وأن "يكون قد سبق له العمل كنائب لرئيس الوزراء، وأدار العديد من الاقتصادات على مستوى الولايات المحلية كرئيس للحزب فيها".
هذه المؤهلات تتوافر لدى كل من وانج يانج، وهو تشون هوا، فيما يمتلك أمثال لي تشيانج ودينج شويكسيانج أوراق اعتماد أقل قوة، رغم أنه يُنظر إليهما على أنهما يحظيان بثقة الرئيس شي جين بينج.
ونقلت الوكالة عن العديد من المحللين قولهم إن الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها الصين يمكن أن ترجح كفة "العقول الاقتصادية الأكثر خبرة".
وانج يانج
ويشغل وانج يانج (67 عاماً)، منصب رئيس المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، وهو هيئة استشارية سياسية، إذ يحتل المرتبة الرابعة ضمن قيادات اللجنة الدائمة للمكتب السياسي بتشكيلها الحالي، والأكبر سناً بين المرشحين.
وقال المحللون إن هناك "عاملاً يقف عائقاً في طريق وانج إلى مقعد رئيس الوزراء، وهو انتمائه المعروف لرابطة الشبيبة الشيوعية"، وهي مجموعة كانت تحظى بنفوذ بالغ لارتباطها باسم لي كه تشيانج، الذي فقد الكثير من سلطته في عهد الرئيس.
وأشار محللون آخرون إلى أن وانج يمكن أن يحظى بثقة الرئيس، بعد أن ظل بعيداً عن الأنظار طيلة 5 سنوات، خدم خلالها بإخلاص إلى جانب الأمين العام للحزب في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي.
ولفت المحللون إلى أن سن وانج سيجعله "مؤهلاً" لولاية واحدة، ما يصب في صالحه، إذ سيصبح أقل تهديداً في نظر شي، لأنه لن يستمر بعده في موقع السلطة.
هو تشون هوا
أما هو تشون هوا (59 عاماً)، وهو واحد من أربعة نواب لرئيس الوزراء الصيني، فقد ارتقى أيضاً سلم القيادة داخل صفوف رابطة الشبيبة.
ورغم أنه أصغر سناً من وانج، إلا أنه اكتسب خبرات عميقة في إدارة عدد من الملفات المهمة، مثل الزراعة والتخفيف من حدة الفقر، سواء على المستوى الوطني أو في العديد من المناطق مثل مقاطعات التبت ومنجوليا الداخلية وقوانجدونج.
ويصغر "هوا" الرئيس الصيني شي جين نبيج، الذي يبلغ من العمر 69 عاماً، بعقد كامل، وهو ما يتقاطع مع طريقه نحو سدة رئاسة مجلس الدولة من الاتجاهين، "فمن ناحية قد يجد الرئيس ما يثير قلقه في ترقية شخص لا يزال أمامه فسحة أطول من الوقت في العمل السياسي، ومن المحتمل أن يستمر من بعده، أو أن ينقلب عليه".
ومن ناحية أخرى، وفق "رويترز"، "قد ينجذب شي جين بينج إلى شبابه وحداثة سنه، قياساً على الآخرين، وإذعانه له في نظام صيني تحظى فيه الأقدمية بأهمية خاصة، وحتى في حال لم يحصل هو على منصب رئيس الوزراء، فقد يحظى بمكان أرفع داخل اللجنة الدائمة للمكتب السياسي".
الأقل خبرة
وبحسب "رويترز"، قد يحصل أحد الموالين الموثوقين الذين يمتلكون خبرات أقل على منصب رئاسة الوزراء، حال كان الرئيس "قوياً بما يكفي لاتخاذ هكذا قرار".
ويشغل لي تشيانج (63 عاماً)، منصب رئيس الحزب الشيوعي الصيني الحاكم في شنغهاي، وهو أحد مساعدي الرئيس الأكثر موثوقية، ولكن سجله ملطخ بالإغلاق المتشدد لمدة شهرين للمدينة التي يقطنها 25 مليون نسمة، في إطار تنفيذ سياسة "صفر كوفيد" للقضاء على جائحة كورونا.
وفي حال عدم حصوله على منصب رئيس الوزراء، فقد ينضم لي تشيانج إلى اللجنة الدائمة للمكتب السياسي.
الداعم للرئيس
من جانبه، يتمتع هان تشنج، بوصفه النائب الوحيد لرئيس الوزراء في الوقت الحالي من داخل اللجنة الدائمة، بخبرات فريدة.
ورغم ذلك، فقد بلغ هان عامه الـ68 في أبريل الماضي، ومن ثم فمن المقرر إحالته للتقاعد، لكن بعض المحللين أشاروا إلى أن الرئيس قد يغير المعايير العمرية من أجل هان، الذي أثبت أنه "داعم لشي، ومستعد للقيام بدور الرجل الثاني تحت قيادته"، وفقاً لما أوردته "رويترز".
ورجحت "رويترز" أن ينضم "وافدون جدد" إلى اللجنة الدائمة للمكتب السياسي، حال ظلت "معايير التقاعد" نافذة، وبقيت لجنة المكتب السياسي مكونة من 7 أعضاء، مشيرة إلى احتمالية استبدال أكثر من نصف أعضاء المكتب السياسي المكون من 25 عضواً.
لي تشيانج رئيساً للبرلمان
وبعد أن يغادر لي كه تشيانج (67 عاماً)، منصبه كرئيس لمجلس الدولة الصيني، سيصبح أمامه خيارين، أحدهما أن يترك السياسة بالكلية، أو أن يبقى بعد سابقة عام 1998، في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي كرئيس للبرلمان، والمجلس الوطني لنواب الشعب، وهو المنصب القيادي الثالث في الصين.
وفي هذا الصدد، توقع بعض المراقبين أن يُفضل لي التقاعد، بعدما "تقلصت سلطاته كرئيس للوزراء في عهد شي"، والذي يختلف نهجه الإصلاحي الاقتصادي عن نهج الرئيس الحالي للبلاد، فيما أشار آخرون إلى أن لي "لن يبرح العمل السياسي" لأن هذا قد يعطي انطباعاً بالانقسام داخل الصف القيادي.
ترقية الموالين
وتشمل قائمة مساعدي شي جين بينج الآخرين، الذين يُنظر إليهم على أنهم يتمتعون بفرص جيدة للترقية، سواء داخل المكتب السياسي أو في اللجنة الدائمة، كل من دينج شويكسيانج (60 عاماً) أكبر مساعدي شي، وتشين مينر (62 عاماً) رئيس الحزب في تشونجنج، ولي شولي (58 عاماً)، المسؤول الثاني عن الدعاية داخل الحزب، وونج شياو هونج (65 عاماً) كبير المسؤولين الأمنيين.
ورغم بلوغه سن الـ 70 عاماً واستحقاقه للتقاعد، رجح بعض الخبراء أن يشغل العملاق الاقتصادي ونائب رئيس الوزراء، ليو هي، منصب نائب الرئيس، "حيث لا حدود عمرية".
وتوقع الخبراء أن يحل محله هي ليفنج (67 عاماً)، ويشغل منصب رئيس مخططي الدولة، فضلاً عن كونه "الحليف القديم لشي"، وفق "رويترز".
أما شون تشونلان (72 عاماً)، وهي المرأة الوحيدة في المكتب السياسي، وتشغل منصب نائبة رئيس الوزراء، أيضاً تعد مستحقة للتقاعد، في حين تأتي شين يتشين (62 عاماً)، والمنتمية لأقلية باي العرقية، وعضوة الحزب في مقاطعة قويتشو الفقيرة، على رأس قائمة المرشحين لتحل محل شون.
ومن المقرر أيضاً أن يحال يانج جيتشي (72 عاماً)، والذي يعد كبير الدبلوماسيين الصينيين وينوب عن شي في مكتب صنع قرارات الشؤون الخارجية داخل الحزب للتقاعد، ويرجح الخبراء أن يحل وزير الخارجية، وانج يي (68 عاماً)، محله.
وتتضمن قائمة المرشحين لمنصب القائدين العسكريين في المكتب السياسي، شو تشيليانج، وتشانج يوشيا، وكلاهما مستحق أيضاً للتقاعد، كلاً من الأدميرال بالقوات البحرية مياو هوا، والجنرال بالجيش ليو زينلي.
وأحد السيناريوهات المتطرفة التي لا يستبعدها الخبراء، رغم ضعف احتماليتها، تتمثل في عدم ولوج وافدين جدد إلى اللجنة الدائمة على الإطلاق، ما يعد إشارة قوية إلى أن شي جين بينج يرغب في الاستمرار بعد الولاية الثالثة، وفقاً لـ "رويترز".
أما السيناريو المتطرف الآخر الذي طرحه الخبراء بالنسبة إلى الرئيس فيتمثل في "استبدال جميع أقرانه الحاليين في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي بوجوه جديدة تكون أصغر سناً وأكثر خضوعاً".