أعلنت أستراليا، الثلاثاء، عدولها عن الاعتراف بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل، في تراجع عن قرار اتخذته حكومة كانبيرا اليمينية السابقة عام 2018، والتي كانت تحذو في ذلك حذو واشنطن التي أعلنت في ديسمبر 2017 اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها.
وكانت أستراليا حتى الثلاثاء ضمن عدد قليل من الدول التي اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل أو نقلت سفاراتها إلى هناك، فحتى عام 2018 لم يكن هناك أي وجود لسفارة أجنبية في المدينة.
احتلت اسرائيل القدس الشرقية في عام 1967، وضمتها إليها لاحقاً في قرار لم يعترف به القسم الأكبر من المجتمع الدولي.
وبالنسبة إلى الأمم المتحدة، يجب أن يتفق الفلسطينيون والإسرائيليون على وضع القدس، وبالتالي ينبغي للدول ألا تقيم سفاراتها لدى إسرائيل في المدينة المحتلة.
يتطلع الفلسطينيون إلى جعل القدس الشرقية عاصمة لدولتهم الموعودة. وفي ظل هذا الخلاف، تتجنّب معظم الحكومات الأجنبية إعلان المدينة رسمياً عاصمة لأي من الطرفين، عدا بعض الدول التي أعلنت اعترافها بالمدينة عاصمة لإسرائيل، وتتوزع كالآتي:
الولايات المتحدة
في 6 ديسمبر 2017 أعلن الرئيس الأميركي حينها دونالد ترمب أن الولايات المتحدة ستعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وكشف عن خطط لنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس في خطوة رحبت بها إسرائيل بحفاوة.
ولكن وزير خارجية ترمب آنذاك ريكس تيلرسون أوضح عقب القرار أن إعلان ترمب لم يشر إلى وضع نهائي للقدس، وأنه كان واضحاً أن الحل النهائي بما في ذلك حدود المدينة ستُترك للأطراف المعنية للتفاوض عليها والوصول إلى قرار.
وافتتحت الولايات المتحدة سفارتها بالقدس في مايو 2018.
9 دول
في تصويت للأمم المتحدة على مشروع قانون يعلن وضع القدس بوصفها عاصمة لإسرائيل بأنه "باطل ولاغٍ" في 21 ديسمبر 2017، صوّتت 128 دولة لصالح القرار مع امتناع 35 وتصويت 9 دول ضده.
ولم تصوّت أي دولة عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) لصالح القرار، مع تصويت 25 دولة من أصل 29 حينها لصالحه، وامتناع البقية.
بالإضافة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، ضمت قائمة الدول التسع توجو، هندوراس، جواتيمالا، بالاو، ناورو، ميكرونيزيا وجزر مارشال، وهي دول صغيرة وبعضها جزر.
ومن بين الدول الـ9 تملك هندوراس وجواتيمالا وكوسوفو سفارات في القدس، إضافة إلى الولايات المتحدة حالياً.
جواتيمالا
بعد يومين فقط من افتتاح السفارة الأميركية في القدس خلال مايو 2018، افتتحت جواتيمالا سفارتها في المدينة في حفل حضره رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها بنيامين نتنياهو والرئيس الجواتيمالي آنذاك جيمي موراليس.
باراجواي
افتتحت باراجواي سفارتها في القدس في مايو 2018، ولكنها نقلتها مرة أخرى إلى تل أبيب بعد أشهر.
في سبتمبر، بعد أقل من 4 أشهر، أعلنت باراجواي أنها ستعيد سفارتها مرة أخرى إلى تل أبيب، ما أثار حنق إسرائيل، خاصة أن باراجواي كانت حينها إحدى دولتين فقط تبعتا الولايات المتحدة في الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقلت سفارتها من تل أبيب إلى القدس.
كوسوفو
افتتحت كوسوفو رسمياً سفارتها بالقدس في مارس 2021، لتصبح أول دولة تسكنها أغلبية مسلمة تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
مقابل ذلك، حصلت كوسوفو على اعتراف إسرائيل باستقلالها المعلن في 2008، عقب الحرب مع صربيا في التسعينات، بحسب صحيفة "ذا جارديان" البريطانية.
هندوراس
افتتحت هندوراس سفارتها بالقدس في 24 يونيو 2021، لتصبح رابع دولة تتخذ تلك الخطوة.
ولكن هندوراس قالت في أغسطس الماضي إنها تبحث إعادة سفارتها مرة أخرى إلى تل أبيب، لتعكس الخطوة التي اتخذها الرئيس السابق خوان أورلاندو هيرنانديز الذي كان يعتبر نفسه حليفاً وثيقاً لواشنطن.
موقف الاتحاد الأوروبي
عقب الإعلان الأميركي في ديسمبر 2017، أعلن الاتحاد الأوروبي على لسان ممثلته للسياسة الخارجية حينها، فيديريكا موجريني، أن حكومات التكتل موحدة في قضية القدس، وأن دوله تسعى إلى حل يشمل دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
أما فرنسا التي كانت في خضم مساع ٍ لقيادة الاتحاد الأوروبي في غمرة الخروج البريطاني من التكتل، فاعتبرت حينها أن الولايات المتحدة "همّشت نفسها" في الشرق الأوسط باعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز".
السفارات في القدس قبل 1980
في عام 1980 مرّرت إسرائيل "قانون القدس" الذي أعلن أن المدينة كاملة وموحدة هي عاصمة إسرائيل.
عقب توقيع القانون تبنى مجلس الأمن الدولي في 20 أغسطس 1980 القرار رقم 478، والذي دعا الدول الأعضاء إلى سحب بعثاتها الدبلوماسية من المدينة. وتبعته 7 قرارات أممية تدين محاولة إسرائيل ضم القدس الشرقية.
ويشير القرار رقم 478 إلى عدم امتثال إسرائيل لقرار الأمم المتحدة رقم 476، والذي يعلن أن كل الإجراءات التشريعية والإدارية التي اتخذتها إسرائيل – قوة الاحتلال – لتغيير معالم وشخصية مدينة القدس ليس لها أي أثر قانوني، وتعد اعتداء صارخاً على اتفاقية جنيف الرابعة.
ودان القرار كذلك "قانون القدس"، ونص على أن مجلس الأمن لن يعترف بهذا القانون ويدعو الدول الأعضاء إلى قبول القرار.
إثر ذلك، سحبت 13 دولة هي بوليفيا، تشيلي، كولومبيا، كوستاريكا، جمهورية الدومينيكان، الإكوادور، السلفادور، جواتيمالا، هايتي، هولندا، بنما، أوروجواي وفنزويلا بعثاتها ونقلت سفاراتها إلى تل أبيب.
وأعادت كوستاريكا والسلفادور سفارتيهما من تل أبيب إلى القدس في عام 1984، قبل أن تعيداها مجدداً إلى تل أبيب في 2006.
ولم توجد أي سفارة دولية في القدس حتى عام 2018، حين نقلت الولايات المتحدة سفارتها إلى هناك.
إبداء نية
أعلنت بعض الدول نيتها نقل سفاراتها إلى القدس، ومنها البرازيل وصربيا والتشيك وجمهورية الدومينيكان.
وقالت جمهورية التشيك في عام 2021 إنها ستفتح فرعاً في القدس لسفارتها في تل أبيب، فيما افتتحت المجر مكتباً دبلوماسياً في القدس خلال وقت سابق.
الوضع قبل 1967
تحتفظ بعض الدول بمكاتب قنصلية في القدس، ضمن ما يعرف بـ"انتداب فلسطين" افتتحتها بعد اعترافها بإسرائيل بين أربعينات وخمسينات القرن الماضي، من دون الاعتراف بسيادة إسرائيل على القدس الغربية.
وتحتفظ هولندا بمكتب قنصلي يخدم المواطنين الإسرائيليين بشكل أساسي، وتملك حكومات أخرى مكاتب قنصلية مثل اليونان وإسبانيا والمملكة المتحدة.
ما الذي يحققه نقل السفارة إلى القدس؟
في الحالة الأميركية فإن نقل السفارة يعد اعترافاً بأن القدس هي عاصمة إسرائيل. وفي مقالهما المنشور في موقع "معهد واشنطن للشرق الأدنى"، يقول السفير الأميركي السابق دينيس روس وديفيد ماكوفسكي مدير مشروع السلام في الشرق الأوسط بالمعهد، إن الخطوة الأميركية "تعكس واقع أنها (القدس) مركز الحكومة الإسرائيلية وأنها بالنسبة للدولة اليهودية ستبقى دوماً عاصمتها، وأنه لا توجد مدينة أخرى يمكن أن تحل محلها".
ولكنهما أشارا إلى أن الإعلان الأميركي "لا يتخذ موقفاً حول مسألة الحدود الخاصة لسيادة إسرائيل في القدس أو حل الحدود المتنازع عليها. وأوضح أن هاتين المسألتين تخصان الطرفين المعنيين".
وأضافا أن ذلك يعني أن الولايات المتحدة "تميّز بين الاعتراف بواقع أن القدس كانت عاصمة إسرائيل منذ عام 1949 والحاجة إلى إجراء مفاوضات لحل مطالبات الإسرائيليين والفلسطينيين كافة، بما فيها القضايا المتعلقة بالقدس".