
نفى رئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس الذي يتعرّض لضغوط في مواجهة فضيحة تنصّت هاتفي غير مشروع تهز حكومته، الاثنين، بشدة أن يكون قد أمر بمراقبة عدد من وزرائه، مندداً بـ"كذبة لا تُصدّق" نشرتها صحيفة أسبوعية.
وقال ميتسوتاكيس: "لم أدّع يوماً (...) أنه لم تكن هناك مراقبة.. لكن اتّهام رئيس الوزراء بتدبير هذا العمل أمر مختلف تماماً"، واصفاً ما نشرته الصحيفة بأنه "شائن" و"افتراءات" و"غير مقبول".
وجدّد رئيس الوزراء اليوناني الذي تولى السلطة في يوليو 2019، التأكيد على أن "الانتخابات ستجرى في العام 2023" كما هو مقرر.
ونشرت صحيفة "دوكيمنتو" الصادرة الأحد لائحة تضم 33 شخصية عامة، بينهم عدة وزراء يشغلون مناصبهم حالياً استهدفوا ببرمجية التجسس "بريداتور".
"تصويت على حجب الثقة"
وطالب حزب "سيريزا" اليساري الراديكالي برئاسة رئيس الوزراء السابق أليكسيس تسيبراس (2015-2019) بإلقاء الضوء على هذه القضية "قبل الانتخابات المقبلة" المقررة في صيف عام 2023.
وأعلن أكبر أحزاب المعارضة أنه يفكر في اللجوء إلى "تصويت على حجب الثقة" في البرلمان ضد الحكومة المحافظة التي تشغل غالبية مريحة.
وبين هؤلاء رئيس الوزراء السابق أنتونيس ساماراس، ووزراء الخارجية والمالية والتنمية والعمل والسياحة الحاليون، ورجل الأعمال فانجليس ماريناكيس مالك ناديي كرة القدم أوليمبياكوس ونوتينجهام فوريست، وكذلك عدة صحافيين.
وقالت الصحيفة إنها حصلت على هذه القائمة من مصدرين داخل أجهزة الاستخبارات اليونانية.
الدعوة للتحقيق
كما وعد رئيس تحرير الصحيفة كوستاس فكسيفانيس بتقديم أسماء أخرى لشخصيات تعرضت للتنصت عبر البرمجية التي تتيح التجسس على أي شخص من دون أن تترك أثراً تقريباً.
وشدد الناطق باسم الحكومة يوانيس أويكونومو خلال وقت سابق أنه "لا يوجد دليل" بشأن ما تم الكشف عنه أخيراً، بعيد زيارة لجنة التحقيق في البرمجيات التابعة للبرلمان الأوروبي إلى أثينا، ودعا الحكومة إلى إجراء تحقيق "عاجل ومعمق" في هذه القضية.
وبدأت هذه الفضيحة التي وصفتها الصحافة بـ"ووترجيت اليونانية" في يوليو، حين رفع عضو البرلمان الأوروبي وزعيم حزب "باسوك كينال" الاشتراكي نيكوس أندرولاكيس، شكوى قال فيها إنه كان ضحية محاولة للتنصت على هاتفه بواسطة برمجية "بريداتور".
وأدت الفضيحة إلى استقالة رئيس جهاز الاستخبارات ومستشار لرئيس الوزراء.
وأكد كيرياكوس ميتسوتاكيس الذي وضع أجهزة الاستخبارات تحت إشرافه في اليوم الأول من ولايته عام 2019، أن حكومته لم تشتر هذه البرمجية، لكنه أقر في الوقت نفسه بأن أندورلاكيس وضع تحت التنصت.
كما وعدت أثينا بإقرار قانون يحظر تسويق البرمجيات الخبيثة قريباً.
وتساءل أندرولاكيس "أين التحقيق القضائي؟ من هم الأشخاص المتورطون الذين تم استدعاؤهم للإدلاء بشهادتهم؟".
وأضاف على تويتر: "لا يمكن أن تتعرض الحياة السياسية والاقتصادية للبلاد لمثل هذه الممارسات الدنيئة".
"دولة مهووسة"
وفي جلسة استماع أمام المحكمة العليا الاثنين، لم يخفف رئيس تحرير صحيفة "دوكيمنتو" لهجته. وقال كوستاس فكسيفانيس قبل مغادرته المحكمة: "هناك شبكة مراقبة فريدة من نوعها، وعقلها المدبر ميتسوتاكيس" متحدثاً عن "دولة مهووسة".
وبين الأشخاص الذين تنصتت عليهم الاستخبارات اليونانية عدة صحافيين من بينهم أليكسيس باباخيلاس مدير تحرير صحيفة كاثيميريني (يمين الوسط).
وقال باباخيلاس: "وحده حل سريع وكامل لقضية التنصت الهاتفي سيتيح تبديد اللبس الذي تسببت به. طالما تتأخر البلاد فإنها تخاطر بالسير في طريق مظلم جداً".
من جهتها، أعربت منظمة "مراسلون بلا حدود" عن "صدمتها إزاء استخدام برمجية التجسس" فيما اعتبرت منظمة "هيومان رايتس ووتش" أنه "من الضروري أن تعمل السلطات اليونانية على إعادة الثقة في قدرة الصحافيين على ممارسة نشاطهم بدون تدخل حكومي".
وتراجعت اليونان 38 مرتبة في آخر تصنيف نشرته منظمة "مراسلون بلا حدود" وباتت الأخيرة في الاتحاد الأوروبي.
وقالت "هيومن رايتس ووتش" إن "فضيحة المراقبة تندرج في إطار توجه الحكومة اليونانية لتقييد حرية وسائل الإعلام، ما سيترك أثراً على دولة القانون".