بريطانيا.. دعوات لمراجعة بروتوكول إيرلندا الشمالية

time reading iconدقائق القراءة - 7
إدوين بوتس الزعيم السابق لحزب الاتحادي الديمقراطي الإيرلندي خلال مؤتمر صحافي في بلفاست. 28 يونيو 2017 - REUTERS
إدوين بوتس الزعيم السابق لحزب الاتحادي الديمقراطي الإيرلندي خلال مؤتمر صحافي في بلفاست. 28 يونيو 2017 - REUTERS
دبي -الشرق

طالب أحد السياسيين البارزين في الحزب الاتحادي الديمقراطي في إيرلندا الشمالية، الحكومة البريطانية، بتخفيف قانون يمنح الوزراء البريطانيين صلاحيات لإلغاء الاتفاق الذي يُنظم التجارة مع لندن "بروتوكول إيرلندا الشمالية"، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست".

وأعرب الحزب الإيرلندي دعمه للقانون الذي يُهدد بإلغاء بروتوكول إيرلندا الشمالية، والذي تسبب في إفساد العلاقات بين لندن وبروكسل منذ "بريكست". 

ومع ذلك، كتب إدوين بوتس، الزعيم السابق للحزب الاتحادي الديمقراطي، خطاباً إلى الحكومة البريطانية في يوليو الماضي، عندما كان يشغل منصب وزير الزراعة في إيرلندا الشمالية، قال فيه إن مزارعي المنطقة سيكونون أفضل حالاً في ظل البروتوكول، على الرغم من إدانة الحزب له، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة "فاينانشيال تايمز"، الأحد.

ويستخدم الحزب منذ مايو الماضي حق النقض "الفيتو" ضد المؤسسات السياسية في إيرلندا الشمالية للضغط من أجل تنفيذ مطالبه بإجراء تغييرات شاملة على نظام التجارة الذي أُنشئ بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وبحسب الخطاب الذي اطلعت عليه الصحيفة البريطانية، دافع بوتس عن تحركه قائلاً إنه على الرغم من أن البروتوكول "غير مقبول على الإطلاق"، إلا أن السعي إلى القدرة على دعم المزارعين كان أمراً "منطقياً للغاية".

وأضاف "لا يوجد خطأ في اختيار الأفضل من بين ما هو متاح"، مضيفاً أن إيرلندا الشمالية تحتاج إلى "القدرة على الاستجابة لظروف معينة أذا لزم الأمر".

تجنب التجارة الحدودية

البروتوكول الذي اتفق عليه الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في عام 2019، ينص على استمرار إيرلندا الشمالية في اتباع قواعد تجارة السلع الخاصة بالاتحاد الأوروبي، لتجنب عودة التجارة الحدودية في جزيرة أيرلندا.

وجعلت المادة العاشرة من البروتوكول السلع الإيرلندية الشمالية والدعم الزراعي خاضعاً لقواعد الاتحاد الأوروبي الخاصة بمساعدات الدول، لكن المنطقة مُنحت إعفاءً سنوياً بقيمة 382 مليون جنيه إسترليني للإعانات الزراعية.

وأشار بوتس في خطابه إلى وزير البيئة البريطاني آنذاك، جورج يوستيس، إلى أنه "من غير المقبول" أن يجبر قانون بروتوكول إيرلندا الشمالية، حال إقراره، المزارعين في المنطقة على قبول نفس نظام الدعم الزراعي المُطبق في باقي أنحاء بريطانيا.

ولا تُطبق قواعد الاتحاد الأوروبي الخاصة بمساعدات الدول على بريطانيا منذ خروجها من الاتحاد الأوروبي.

وأنشأت بريطانيا نظاماً جديداً للدعم سيدخل حيز التنفيذ في يناير عام 2023، بينما يرى بوتس أنه سيكون "أقل سخاء" بالنسبة لمزارعي إيرلندا الشمالية من القواعد الحالية التي ينص عليها البروتوكول.

وتابع زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي الإيرلندي السابق أن "هذا النظام، حال تطبيقه على الزراعة، ستنتج عنه صعوبات كبيرة أمام المزارعين في جميع أنحاء البلاد، مُوضحاً أن "مشروع قانون البروتوكول المقترح سيؤدي إلى توسيع نطاق هذه الصعوبات لتمتد مباشرة إلى إيرلندا الشمالية".

وقالت وزارة الزراعة في إيرلندا الشمالية إن إطار السياسة الزراعية يتوافق مع بروتوكول البلاد، في حين اعتبرت الحكومة البريطانية، الجمعة، أن مشروع قانون بروتوكول إيرلندا الشمالية "سيحل المسائل العملية" في حالة عدم التوصل إلى حل تفاوضي بشأن تنفيذ البروتوكول.

وأوضح متحدث باسم الحكومة البريطانية، وفقاً لـ"فاينانشيال تايمز" أن مشروع القانون سيُعالج التفاوت غير المقبول في الضرائب والإنفاق بين إيرلندا الشمالية وباقي أنحاء البلاد، ويضمن استفادة الشركات من نفس الدعم والإعانات المقدمة في جميع أنحاء بريطانيا.

ما هو بروتوكول إيرلندا الشمالية؟

أثناء خروجها من الاتحاد الأوروبي، تفاوضت بريطانيا على بروتوكول يتيح بشكل ما، تفادي نشوء حدود مادية بين إيرلندا وإيرلندا الشمالية، من خلال إبقاء الأخيرة عملياً، جزءاً من السوق الأوروبية الموحدة، حيث تملك إيرلندا الشمالية (التابعة للمملكة المتحدة) حدوداً مباشرة مع الاتحاد الأوروبي، عبر حدودها مع جمهورية إيرلندا.

وتنص الاتفاقية على أن تظل جزيرة إيرلندا بأكملها في السوق الموحدة مع حدود جمركية في البحر الإيرلندي، لتحتفظ إيرلندا الشمالية عملياً بقدم في كلا النظامين، البريطاني والأوروبي.

وتطلب هذا البروتوكول إجراء فحوصات جمركية على البضائع التي تنتقل من بريطانيا إلى إيرلندا الشمالية، لكن المؤسسات الموالية لبريطانيا في بلفاست (عاصمة إيرلندا الشمالية) تقول إن الأمر يؤدي لتقويض مكانتها في المملكة المتحدة.

وتخضع البضائع التي تدخل إيرلندا الشمالية من بريطانيا العظمى لإجراءات الاتحاد الأوروبي في الموانئ، ولتنفيذ تلك الإجراءات يتم إنشاء حاجز بحري إيرلندي، وهو ما وعد رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون بـ"ألا يحدث".

وتسبب تنفيذ تلك الإجراءات في تأخير وصول البضائع وأرفف فارغة في المتاجر، فيما قرر بعض الموردين عدم توجيه بضائعهم لإيرلندا الشمالية نظراً للصعوبات التي تفرضها تلك القواعد وكذلك التكلفة.

كما فرضت تلك الإجراءات أيضاً صعوبات في نقل الأدوية، وتنقل الحيوانات الأليفة مع أصحابها، والبذور والزراعات.

لكن مع ذلك، لم يتم تنفيذ كافة الإجراءات التي نص عليها البروتوكول، بسبب فترة سماح أوروبية، مددتها المملكة المتحدة وهو ما أثار نزاعاً مع الاتحاد الأوروبي الذي اتهم بريطانيا بخرق القانون الدولي.

ولتعديل البروتوكل، على بريطانيا تفعيل المادة (16) من اتفاق "بريكست"، التي تُتيح لكلا الطرفين (بريطانيا والاتحاد الأوروبي) اتخاذ خطوات، أو ضمانات، في سياق المعاهدة، في حال أدى البروتوكول إلى خلق صعوبات اقتصادية، أو اجتماعية، أو بيئية خطيرة يمكن أن تستمر، أو أن تؤدي إلى تحويل المسار التجاري.

لكن المادة (16) لا تسمح لأي طرف بإلغاء البروتوكول بالكامل.

تفاؤل بإنهاء الأزمة

في وقت سابق هذا الشهر، عبّر القادة البريطانيون والإيرلنديون عن تفاؤل إزاء إنهاء الأزمة السياسية التي تشلّ إيرلندا الشمالية منذ أشهر على خلفية توترات أعقبت خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.

وقال رئيس وزراء إيرلندا الشمالية مايكل مارتن خلال مؤتمر صحافي في ختام قمة المجلس البريطاني الإيرلندي يوم 12 نوفمبر "هناك فرصة سانحة للوصول بالمفاوضات بشأن بروتوكول إيرلندا الشمالية إلى نتيجة ناجحة حتى لو كان ذلك يتطلب التزاماً كبيراً من الاتحاد الأوروبي، وحكومة المملكة المتحدة ليصبح واقعاً".

ولفت مارتن إلى أنه غادر القمة بـ"شعور إيجابي" بعد لقائه الخميس رئيس الوزراء البريطاني الجديد ريشي سوناك.

وكان سوناك أول رئيس حكومة بريطانية يشارك في هذه القمة منذ 2007، ما يشير إلى إرادة لندن  لإحداث تغيير في الأزمة الراهنة.

ويبقي الاتفاق الموقع بين لندن وبروكسل فعلياً إيرلندا الشمالية ضمن السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي.

وتعد إيرلندا الشمالية المنطقة الوحيدة في المملكة المتحدة التي تتشارك حدوداً برية مع الاتحاد الأوروبي، لكن يجب أن تبقى حدودها مفتوحة مع جمهورية إيرلندا بموجب اتفاق للسلام تم توقيعه عام 1998 وأسدل الستار على عقود من العنف.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات