غموض يحيط بمصير طالبي اللجوء لأميركا بعد انتهاء "قيود ترمب"

time reading iconدقائق القراءة - 8
مهاجرون ينتظرون دورهم ليقوم أحد عناصر شرطة دوريات الحدود الأميركية بتدوين بياناتهم في مدينة إيجل باس بولاية تكساس. 20 ديسمبر 2022 - AFP
مهاجرون ينتظرون دورهم ليقوم أحد عناصر شرطة دوريات الحدود الأميركية بتدوين بياناتهم في مدينة إيجل باس بولاية تكساس. 20 ديسمبر 2022 - AFP
دبي-الشرق

يكتنف الغموض مستقبل الآلاف من طالبي اللجوء الذين يُخططون لدخول الولايات المتحدة، عندما ينتهي العمل بإجراء يحدّ من الهجرة فُرض في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، ما أثار حالة ارتباك وشكوك بشأن استعدادات إدارة الرئيس جو بايدن، رغم ما بُذل من جهد خلال أكثر من عامين للتحضير، وفق وكالة "أسوشيتدبرس".

وقالت الوكالة الأميركية إن إدارة بايدن ظلت صامتة بشكل لافت، بشأن كيفية دخول المهاجرين الذين يخططون للمطالبة باللجوء إلى البلاد، عند انتهاء العمل بأحكام إجراء يسمى "تايتل 42" فرضته إدارة ترمب في مارس 2020، يتعلق بالحدّ من تفشّي جائحة كوفيد-19، لكنّه أتاح منع ملايين المهاجرين، بمن فيهم طالبو اللجوء، من دخول الحدود الجنوبية الغربية للبلاد.

ونقلت عن كيت كلارك، المدير العام لخدمات الهجرة في منظمة "خدمة الأسرة اليهودية"، في سان دييجو، التي سهلت السفر داخل الولايات المتحدة لأكثر من 110 ألف مهاجر أطلق سراحهم من الاحتجاز منذ أكتوبر 2018، قولها: "أتمنى أن يكون لدينا المزيد من المعلومات لمشاركتها مع الناس".

ووفقاً للوكالة، حُرم المهاجرون من حقهم في طلب اللجوء بموجب القانون الأميركي والقانون الدولي؛ إذ تم رفض 2.5 مليون طلب لجوء منذ مارس 2020، على أساس منع انتشار كورونا، بموجب إجراء الصحة العامة الذي كان من المقرر أن يتوقف العمل به، الأربعاء، قبل أن يأمر رئيس المحكمة العليا جون روبرتس، الاثنين، بالإبقاء عليه مؤقتاً.

زيادة متوقعة ومخاوف

وأشارت الوكالة إلى أن الإجراء كان يجري تطبيقه بشكل متفاوت على الوافدين من الدول التي توافق المكسيك على استعادة مهاجريها، وهي: جواتيمالا وهندوراس والسلفادور، ومؤخراً فنزويلا، بالإضافة إلى المكسيك، محذرة من "زيادة متوقعة" في طلبات اللجوء التي سيقدمها الوافدين هذه الدول بمجرد وقف الإجراء.

ووفقاً لـ"أسوشيتدبرس"، يتوقع كثيرون أن تستخدم الحكومة منصة CBPOne، وهي منصة إلكترونية لتسجيل المواعيد استحدثت عام 2020، بعد أن ثبتت محدودية استخدام تطبيق الهاتف المحمول؛ الخاص بدائرة الجمارك وحماية الحدود الأميركية للأشخاص المتقدمين للحصول على تصاريح سفر، وهؤلاء الذين يتتبعون جلسات محكمة الهجرة الأميركية بموجب سياسة "البقاء في المكسيك" التي انتهى العمل بها مؤخراً.

ورجحت  حصول المهاجرين الذين يستخدمون تطبيق CBPOne على "مواعيد لطلب اللجوء في الولايات المتحدة"، ولكن "سيتعين عليهم البقاء خارج البلاد حتى يحين الوقت والتاريخ المحددين".

مع ذلك، ربما يثبت تطبيق CBPOne، الذي تعارض جماعات مؤيدة للهجرة استخدامه على خلفية مخاوف تتعلق بخصوصية البيانات، أنه غير عملي للمهاجرين الذين ليس لديهم اتصال بالإنترنت أو تنقصهم مهارات لغوية. كما يتعين على دائرة الجمارك وحماية الحدود تعريف الناس بالأمر.
 
وفي هذا السياق، قال نيكولاس بالازو، المحامي في مركز Las Americas Immigrant Advocacy Center، في مدينة إل باسو، بولاية تكساس، إنه "يشعر بالقلق  من أن يفرض محتالون رسوماً على المهاجرين لتسجيلهم، كما أن قدرة المعالجة المحدودة لطلبات اللجوء لدى دائرة الجمارك وحماية الحدود ستؤدي حتماً إلى فترات انتظار غير مقبولة".

وأضاف بالازو: "ما لم يخططوا (المسؤولون) لتسريع وتيرة العمل بدرجة كبيرة، فسيحصل المتقدم بطلب قبول على تطبيق CBPOne على موعد بعد عام تقريباً". وتساءل: "من الناحية الواقعية، هل يمكنهم أن يخبروني صراحة بأنهم يتوقعون أن ينتظر الناس طيلة هذه الفترة؟".

تحضيرات مستمرة

من جانبه، قال النائب الديمقراطي عن ولاية تكساس، هنري كويلار، إن مسؤولي دائرة الجمارك وحماية الحدود أخبروه، الأسبوع الماضي، بأنهم يأملون في "تمرير طالبي اللجوء من خلال المعابر الرسمية وإعادة أي شخص يعبر الحدود بشكل غير قانوني إلى المكسيك إلى أقصى حد ممكن".

لكن "أسوشيتد برس" رجحت حدوث طعن على هذا الإجراء أمام المحكمة، لأن قانون اللجوء ينص على أنه "يحق للأشخاص الذين يدخلون (إلى الولايات المتحدة) بشكل غير قانوني طلب الحماية".

ونوّهت بأن عناصر شرطة حرس الحدود يعانون من نقص التجهيزات بدرجة كبيرة، ما يصعب عملية معالجة طلبات اللجوء، حتى عندما أبقت "تايتل 42" أعداد المهاجرين طي الكتمان.

وأفادت الوكالة بأن حرس الحدود أفرجوا عن "نحو 450 ألف مهاجر في الولايات المتحدة حتى أكتوبر الماضي"، بما في ذلك "68 ألفاً و837 مهاجراً في أكتوبر"، و"95 ألفاً و191 مهاجراً في سبتمبر"، ما أتاح لموظفيها إضاعة الوقت في إصدار أوامر للمثول أمام محكمة الهجرة.

ووفقاً للتقرير الصادر عن مكتب المساءلة الحكومية، فإن إعداد دعوى قضائية يستغرق في العادة "ساعتين على الأقل في مقابل نصف ساعة للإفراج المشروط عن شخص".

ويُسمح للمهاجرين المفرج عنهم من قبل وكلاء حرس الحدود بالتنقل بحرية داخل الولايات المتحدة، ويُطلب منهم إبلاغ مكاتب الهجرة والجمارك الأميركية بوجهاتهم النهائية، عادة خلال شهرين.

وأوضح تقرير مكتب المساءلة الحكومية الصادر في سبتمبر، كيف أعاقت أعمال المعالجة المتراكمة على إدارة الهجرة والجمارك الأميركية الموظفين.

واعتباراً من مارس، حددت إدارة الهجرة والجمارك 15 ألفاً و100 موعد للأسر، لاستكمال المعاملات حتى مارس 2024. وأفاد أحد مكاتب إدارة الهجرة والجمارك بحضور ما يصل إلى 500 شخص يومياً، معظمهم بدون مواعيد.

إجراءات قضائية بطيئة

وبعد مثولهم أمام المحاكم، تتعامل الأسر مع منظومة قضائية مثقلة بـ"أكثر من مليوني قضية"، ما ينتج عنه الانتظار لعدة سنوات حتى يتخذ القضاة قراراتهم.

في هذا الصدد، قالت تريزا كاردينال براون، مديرة سياسات الهجرة وعبور الحدود في مركز سياسات الحزبين، لـ"أسوشيتد برس" إن الانتظار لسنتين لإدراج اسمك في جدول أعمال المحكمة يعكس نظاماً "منهاراً تماماً".

وقالت ميليسا كرو، مديرة التقاضي في مركز دراسات النوع واللاجئين بكلية هاستينجز للقانون، التابعة لجامعة كاليفورنيا، إن التسجيل عبر الإنترنت باستخدام تطبيق CBPOne سيكون "مناقضاً لمفهوم اللجوء برمته".

وتعتقد كرو وآخرون أن دائرة الجمارك وحماية الحدود الأميركية يمكنها التعامل مع عدد أكبر بكثير مما كانت تتعامل معه.

في وقت سابق من هذا العام، تعاملت الوكالة مع نحو 1000 مهاجر أوكراني يومياً في معبر سان يسيدرو الحدودي، في سان دييجو، ما يفوق طاقتها الاستيعابية على الاحتجاز بثلاثة أضعاف.

ما هو "تايتل 42"

"تايتل 42" إجراء خاص يرمي لحماية الصحة العامة، أقر في عام 1893 لحماية الولايات المتحدة من أوبئة الكوليرا والحمى الصفراء، التي كانت تحدث بصورة متكررة آنذاك. ونادراً ما تم اللجوء إلى هذا الإجراء منذ ذلك الحين.

ويسمح هذا الإجراء بصدّ الأشخاص الذين يلتمسون الحماية، وإبعادهم عن الحدود الأميركية، علماً بأن إدارة ترمب تذرعت به عام 2020، وحذت إدارة بايدن حذوها.

واعتُمدت هذه السياسة لتشريع إقصاء 1.45 مليون شخص من الولايات المتحدة إلى طول الحدود بين أميركا والمكسيك.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات