ديون الصين تغرق سريلانكا.. أزمة اقتصادية ومشروعات مهجورة

time reading iconدقائق القراءة - 6
صورة جوية لميناء كولومبو الذي مولته الصين في سريلانكا. 11 يناير 2019 - REUTERS
صورة جوية لميناء كولومبو الذي مولته الصين في سريلانكا. 11 يناير 2019 - REUTERS
دبي-الشرق

مولت الصين في العقد الماضي، مشروعات بنية تحتية ضخمة في سريلانكا تهدف إلى تعزيز اقتصادها، لكن الانهيار الاقتصادي الذي أصاب البلاد في وقت سابق من العام الجاري، طرح تساؤلات بشأن ما إذا كانت المشروعات ساهمت في أسوأ أزمة واجهتها على الإطلاق.  

وأفاد موقع "صوت أميركا" في تقرير بأنه تم بناء مدينة ساحلية تهيمن على الواجهة البحرية للعاصمة السيرلانكية كولومبو على مساحة 269 هكتاراً من الأراضي المستصلحة من البحر، وكان من المقرر أن تصبح مركزاً تجارياً ومالياً مزدهراً لكنها باتت مهجورة تقريباً.

ويعد المطار الدولي الذي تم تشغيله منذ ما يقرب عقد في مدينة ماتالا "أكثر المطارات فراغاً في العالم"، بحسب التقرير الذي أشار إلى أنه يُنظر إلى المشروعين اللذين تمولهما الصين على أنهما "أفيال بيضاء" أضافتا إلى ديون سريلانكا، في إشارة إلى التكلفة العالية دون جدوى اقتصادية. 

ونقل التقرير عن المحلل الأمني والجيوسياسي السريلانكي أسانجا أبياجوناسيكيرا قوله إن "المطار لا يعمل. كان من المفترض أن تجذب مدينة كولومبو الساحلية المستثمرين الدوليين، لكن لا يوجد مستثمر واحد في الوقت الحالي".

وأضاف: "هناك سؤال بشأن نموذج الإيرادات لجميع هذه المشروعات لأنها غير قابلة للتطبيق من الناحية المالية، إذ تم بناؤها بكميات كبيرة من القروض غير المستدامة بأسعار فائدة مرتفعة". 

مصاعب اقتصادية

وانصب التركيز على المشروعات الصينية عندما نفد ما لدى سريلانكا من نقد أجنبي لاستيراد الغذاء والوقود والأدوية في وقت سابق من العام الجاري.

ودفع الانكماش الاقتصادي الكارثي الكثيرين في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة إلى الفقر.

وانخفضت مستويات المعيشة مع ارتفاع التضخم. ويقدر برنامج الأغذية العالمي أن ما يقرب من 6 ملايين شخص يحتاجون إلى مساعدات غذائية. 

ويُلقى باللوم في أزمة البلاد على سوء الإدارة الاقتصادية من قبل الحكومة السابقة بقيادة الرئيس السابق ماهيندا راجاباكسا وجائحة كورونا التي أدت إلى فقدان عائدات السياحة الحيوية في الدولة ذات المناظر الخلابة في المحيط الهندي. 

وقال محللون إن مليارات الدولارات التي أنفقت على مشروعات تمولها الصين عمقت مشاكل سريلانكا.

وتشير تقديرات إلى أن حصة القروض الصينية في ديون سريلانكا البالغة 40 مليار دولار تتراوح بين 10% و 20%.

"فخ القروض" 

وقال نائب رئيس شؤون الدراسات السياسية والسياسة الخارجية في مؤسسة أوبزرفر للأبحاث في نيودلهي، هارش بانت، إن "الصين معروفة بوضع ترتيبات غالباً ما تكون أكثر تكلفة بكثير مما قد يظهر على الورق"، لافتاً إلى أن "عدم قدرة الطبقة السياسية السريلانكية على فهم العواقب طويلة الأجل لهذا النوع من المكاسب قصيرة الأجل التي كانوا يحققونها من الصين سمح بحدوث ذلك". 

وكانت سريلانكا واحدة من الدول التي وقعت على مبادرة الحزام والطريق الصينية التي تقدم بكين بموجبها قروضاً للدول النامية لبناء الطرق والمطارات والموانئ وغيرها من البنى التحتية. 

وأشار محللون إلى أن ديون سريلانكا للصين قد تجعل من الصعب التصدي لبكين، ففي أغسطس، رفضت السلطات السريلانكية في البداية السماح للسفينة التابعة للبحرية الصينية "يوان وانج 5"، بالرسو في ميناء هامبانتوتا الذي بنته الصين بعد اعتراضات من الهند والولايات المتحدة، لكنها سمحت لها لاحقاً بالدخول.

ووصفت الصين السفينة بأنها علمية وبحثية لكن محللين أمنيين قالوا إن الهند قلقة لأنها سفينة مراقبة محملة بإلكترونيات تتبع الفضاء والأقمار الصناعية التي يمكنها مراقبة إطلاق القذائف والصواريخ.

وعززت الواقعة المخاوف من أن تكون المشروعات الصينية مرتبطة بطموحاتها الاستراتيجية في المحيط الهندي. 

وتم تأجير ميناء هامبانتوتا للصين لمدة 99 عاماً عام 2017 عندما لم تتمكن سريلانكا من سداد الأموال المقترضة لبنائه.

مخاوف عسكرية

وأثارت تحركات بكين مخاوف الهند ودول غربية من أن البحرية الصينية يمكن أن تستخدم الميناء لاستعراض قوتها في المحيط الهندي وهو ممر بحري حيوي للتجارة العالمية. 

وقال المحلل الأمني أبياجوناسيكيرا: "من النتائج التي توصلت إليها وجدت أن هذه المشروعات هي أكثر من مجرد عملية مدنية في سريلانكا. يمكن أن تكون هناك عملية عسكرية سيقدمونها في المستقبل من أماكن مثل هامبانتوتا".

وترفض الصين بشدة مثل هذه المخاوف، وأعلنت على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية تشاو ليجيان، الشهر الماضي، أنها "لم تربط أبداً أي شروط سياسية بمساعداتها لسريلانكا أو تسعى للحصول على أي مصالح سياسية من استثماراتها وتمويلها في ذلك البلد".  

وذكر المتحدث أن "بكين تتعاطف مع الصعوبات التي تواجهها سريلانكا"، موضحاً أن "الصين تقدم أيضاً المساعدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في سريلانكا في حدود قدرتها". 

وتأمل سريلانكا الآن في إجراء محادثات مبكرة مع الصين لإعادة هيكلة ديونها، وهو أمر ضروري لتأمين خطة إنقاذ بقيمة 2.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي. 

وتوصلت كولومبو إلى اتفاق على مستوى الموظفين مع صندوق النقد الدولي في سبتمبر، للحصول على القرض لكنه يتوقف على تأكيدات من دائنيها بما في ذلك الصين والهند واليابان بإعادة هيكلة الديون.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات