دعا سفير الصين لدى أستراليا شياو تشيان، كانبيرا، الثلاثاء، إلى الحذر في علاقتها مع اليابان، مذكراً إياها بأن القوات اليابانية هاجمتها خلال الحرب العالمية الثانية، وأشار إلى أنها "يمكن أن تكرر هذا مجدداً"، فيما أعرب سفير طوكيو لدى كانبيرا عن "ارتباكه وحيرته".
وفي تصريحات للصحافيين، قال شياو إن على أستراليا أن "تتذكر جرائم الحرب التي ارتكبتها اليابان خلال الحرب العالمية الثانية"، وذلك قبل أن تتقارب مع طوكيو التي وقعت معها كانبيرا اتفاقاً أمنياً تاريخياً في أكتوبر.
وأضاف أنه "خلال الحرب العالمية الثانية، غزت اليابان أستراليا وقصفت داروين (المدينة الواقعة في الإقليم الشمالي لأستراليا)، حيث قتلت وأصابت العشرات وأطلقت النار على أسرى الحرب".
وتابع: "احذروا مما سيحدث في المستقبل. عندما يُهددك شخص ما، يمكن أن يهددك مرة أخرى". معيداً التذكير بأن "الصين كانت صديقة لكم".
وبحسب تقرير نشرته شبكة "سي إن إن" الأميركية، أدلى شياو بهذه التصريحات رداً على سؤال من أحد الصحافيين بشأن تصريحات للسفير الياباني لدى أستراليا شينجو ياماجامي، قال فيها إن طوكيو وكانبيرا يجب أن تظلا "يقظتين" فيما يتعلق بالصين.
وفي مقابلة نشرتها صحيفة "ذا أستراليان"، الثلاثاء، قال ياماجي: "علينا أن نكون يقظين لأنه عندما يتعلق الأمر بالسياسة والاستراتيجية، لا يبدو أن شيئاً أساسياً قد تغير من جانبها"، في إشارة إلى الصين.
ورداً على ذلك اعتبر شياو أن هذه التصريحات تُشير إلى أن ياماجامي تجاوز دوره كسفير، مضيفاً: "دوري كسفير للصين هو تعزيز التفاهم والصداقة والتعاون بين الصين وأستراليا. ليس دوري أن أقيّم في كانبيرا، بينما أنتقد دولة أخرى".
وأردف: "ليس دوري كسفير صيني في أستراليا محاولة منع أستراليا من تطوير علاقة طبيعية مع دولة أخرى، لذلك أخشى أن يكون زميلنا من اليابان لا يقوم بعمله".
واتسمت تصريحات شياو نحو أستراليا بأنها "إيجابية" بشكل عام، وفقاً لـ"سي إن إن"، إذ أشار إلى أن العلاقات التجارية وقضايا التجارة بين البلدين ستتحسن على الأرجح.
وقال أيضاً: "آمل أن يكون لدى الحكومة والشعب في أستراليا رؤية واضحة بشأن ما حدث، وأن يكونا حذرين بشأن ما قد يحدث في المستقبل".
ونقلت هيئة الإذاعة الأسترالية عن السفير الياباني لدى أستراليا شينجو ياماجامي قوله إنه "مرتبك وحائر" بشأن تعليقات شياو.
إصلاح العلاقات
وتحاول حكومة يسار الوسط الأسترالية إصلاح العلاقات مع بكين، والتي شهدت توترات بشكل كبير في ظل حكومة المحافظين السابقة، وفقاً لـ"فرانس برس".
لكن هذه الحكومة وقّعت اتفاقاً أمنياً تاريخياً في أكتوبر مع اليابان، المنافس الإقليمي لبكين، يهدف إلى مواجهة الصعود العسكري للصين.
والصين هي أكبر شريك تجاري لأستراليا، إلا أن العلاقة بين البلدين تدهورت خلال السنوات الماضية، حتى بلغ الخلاف ذروته في العام 2020، عندما طالبت كانبيرا بإجراء تحقيق لتحديد منشأ فيروس كورونا، وأقصت تزامناً مع ذلك مجموعة "هواوي" الصينية العملاقة للاتصالات من مشروع مد شبكة إنترنت الجيل الخامس "5 جي".
وفي المقابل، ردّت الصين بفرض سلسلة من التدابير الاقتصادية استهدفت عشرات المنتجات الأسترالية، ولا سيما الشعير واللحوم والنبيذ.
وشكّل اللقاء بين رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز والرئيس الصيني شي جين بينج خلال قمة مجموعة العشرين في جزيرة بالي بإندونيسيا، خلال نوفمبر 2021، فرصة لكسر الجليد بين البلدين.
وقد أقرّ السفير الصيني لدى استراليا شياو تشيان بأن التجارة "اضطربت" في السنوات الأخيرة، لكنه أعرب عن أمله في أن "تعود إلى طبيعتها".
تاريخ الحرب العالمية الثانية
بحسب"سي إن إن"، لم تغزُ اليابان أستراليا في الحرب العالمية الثانية، غير أن هجماتها وصلت إلى القارة.
وبين فبراير من العام 1942 ونهاية سبتمبر 1943، شنّت اليابان 97 غارة جوية على منشآت عسكرية وبلدات في شمال أستراليا، إضافة إلى غارة على بلدة بروم أسفرت عن مصرع 97 شخصاً.
وفي العام 1942، قصفت الغواصات اليابانية الصغيرة مناطق في سيدني ونيوكاسل، بينما هاجمت الغواصات الأخرى السفن على طول الساحل الشرقي لأستراليا، ما أودى بحياة 60 شخصاً، وفقاً للحكومة الأسترالية.
وكان الأستراليون من بين عشرات الآلاف من أفراد جيش الحلفاء الذين أسرتهم القوات اليابانية في الحرب العالمية الثانية.
وبحسب الروايات التاريخية، اعتذرت اليابان عن أفعالها في الحرب العالمية الثانية، لاسيما ما يتعلق بأستراليا.
وفي العام 1957، أثناء رحلة إلى أستراليا، قال رئيس الوزراء الياباني آنذاك نوبوسوكي كيشي: "انطلاقاً من واجبي الرسمي ورغبتي الشخصية، أود أن أُعبّر لكم ومن خلالكم لشعب أستراليا، عن حزننا العميق لما حدث في الحرب"، وذلك وفق ما نقلت "سي إن إن" عن روايات من ذلك الوقت.
وحسب تقارير إخبارية، اعتذر وزير الخارجية الياباني سيجي مايهارا، في العام 2011، وراء الأبواب المغلقة، لـ5 أسرى أستراليين سابقين كانوا يزورون اليابان.
بينما تحسنت العلاقات الأسترالية الصينية في الأسابيع الأخيرة مع زيارة وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وونج إلى بكين في ديسمبر 2022، لا تزال علاقة الصين مع اليابان متوترة.
وازداد توتر العلاقات بين البلدين خاصة بعد أن أعلنت اليابان في أواخر العام الماضي أنها ستُضاعف ميزانيتها الدفاعية وستحصل على مجموعة أسلحة قادرة على ضرب الصين.
وتبدي طوكيو حذرها من بكين فيما يتعلق بالمطالبات الإقليمية المتنافسة من تايوان والصين على جزر في بحر الصين الشرقي، والتي تطالب بها وتسيطر عليها اليابان.
اقرأ أيضاً: