نائب رئيس تايوان يثير مخاوف أميركية من زيادة التوتر مع الصين

time reading iconدقائق القراءة - 8
رئيسة تايوان تساي إينج-وين ونائبها لاي تشينج-تي يلوحون لأنصارهما عقب الفوز في الانتخابات الرئاسية - 11 يناير 2020 - REUTERS
رئيسة تايوان تساي إينج-وين ونائبها لاي تشينج-تي يلوحون لأنصارهما عقب الفوز في الانتخابات الرئاسية - 11 يناير 2020 - REUTERS
دبي-الشرق

أصبح لاي تشينج-تي نائب رئيسة تايوان أبرز المرشحين المحتملين لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة عقب فوزه بزعامة الحزب الحاكم، الأحد، ما أثار مخاوف الولايات المتحدة بتصاعد التوتر مع الصين، نظراً لمواقفه المتشددة بشأن الاستقلال عن بكين، بحسب ما أفادت صحيفة "فاينانشال تايمز".

وانتخب "الحزب الديمقراطي التقدمي" الحاكم، الأحد، لاي تشينج-تي زعيماً جديداً له، خلفاً لرئيسة تايوان الحالية تساي إينج-وين، التي استقالت من زعامة الحزب في نوفمبر الماضي، عقب "الأداء الضعيف" للحزب في الانتخابات المحلية.

ومن المرتقب أن تغادر الرئيسة تساي إينج-وين منصبها في 2024 عقب انتهاء ولايتها الأخيرة، ما يجعل لاي تشينج-تي المرشح الأبرز لخوض الانتخابات الرئاسية العام المقبل عن "الحزب الديمقراطي التقدمي".

"أخضر عميق"

وقالت الصحيفة إن صعود لاي تشينج-تي يجعله في دائرة الاهتمام الدولي، خصوصاً وأنه يصف نفسه بـ"الأخضر العميق"، في إشارة إلى كونه مؤيد متشدد لمطالب استقلال تايوان، ما ينذر بأن تشهد الفترة المتبقية لعقد الانتخابات الرئاسية، اضطرابات أكبر في مضيق تايوان، حيث تصعّد بكين تهديداتها العسكرية ضد تايبيه. 

ويرمز للحزب الديمقراطي التقدمي بالائتلاف "الأخضر العام"، وينقسم بدوره إلى معسكرين داخليين، هما  "الأخضر العميق" الأكثر تشدداً بشأن مطالِب الاستقلال الكامل لتايوان والمداِفع عن الهوية التايوانية، و"الأخضر الخفيف" الذي تنتمي إليه الرئيسة الحالية تساي إينج-وين، والذي يعتمد نهجاً متوازناً ويسعى للحفاظ على الوضع الراهن في العلاقات مع الصين.

وأظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة أن لاي تشينج-تي يتخلف قليلاً عن  هو يو-إيه، عمدة مدينة "تايبيه الجديدة"، الذي يتمتع بشعبية كبيرة، والمنتمي للحزب القومي المعارض، والذي يُنظر إليه باعتباره "أكثر تقارباً" مع بكين.

غير أن هو يو-إيه لم يعلن عزمه الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وفق "فاينانشال تايمز"، التي أشارت إلى أن التقديرات تشير إلى إمكانية تحقيق لاي تشينج-تي فوزاً سهلاً في سباق الرئاسة في حال ترشح ضده زعيم الحزب القومي الحالي إريك تشو.

مخاوف أميركية

قالت بوني جلاسر، المديرة الإدارية لبرنامج "الإندو باسيفيك"  في "صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة" (GMF)، إن واشنطن "لا تعرف لاي (تشينج-تي) جيداً، كما كنا نعرف (الرئيسة الحالية) تساي إينج ترشحت للرئاسة، وذلك لأنه لم يشغل أي منصب وطني لافت، قبل أن يصبح نائب الرئيسة ورئيس الوزراء".

وعلى عكس تساي، وهي محامية اشتهرت على الصعيد الدولي بعدما ساعدت في التفاوض بشأن انضمام تايوان إلى منظمة التجارة العالمية واكتسبت شعبية وطنية قبل ترشحها للرئاسة، فإن الدعم الشعبي للاي تشينج-تي يتركز أساساً في مناطق جنوب تايوان، التي تعتبر معقل الحركات المؤيدة للاستقلال.

ودرس لاي الطب، ثم بدأ مساره السياسي في مناصب محلية، إذ عمل كمشرع ورئيس بلدية تاينان، معقل الحزب الديمقراطي التقدمي، قبل أن يصبح رئيساً للوزراء في عام 2017 ونائباً للرئيسة في عام 2020.

وبحسب "فاينانشال تايمز"، فإن مسار السياسي للاي تشينج-تي داخل الحزب تكرس بفضل كاريزميته ومواقفه المتشددة ضد ما يُعرف بـ"سياسة إنفاق المحسوبية أو الاسترضاء"، في إشارة إلى الإنفاق الذي يصب في مصلحة اهتمامات محلية خاصة داخل إقليم  وليس لمصلحة البلد أجمعه.

غير أن التصورات الأجنبية عنه تشكلت من خلال حقيقة أنه وصف نفسه ذات مرة بأنه "يمارس السياسية من أجل استقلال تايوان"، بحسب "فاينانشال تايمز".

ونقلت الصحيفة عن إيفان كاناباثي، المسؤول السابق بمجلس الأمن القومي في البيت الأبيض خلال إدارة ترمب، القول إن "هناك مخاوف في واشنطن بشأن قلة تجربته وتجربة مستشاريه فيما يتعلق بالشؤون الدولية".

وقال مسؤول حكومي أميركي للصحيفة، إنه "من الصعب أن تطمئن واشنطن عندما تسمعه يعلن أن تايوان دولة مستقلة".

وصرح لاي مراراً بشكل علني أن تايوان دولة مستقلة وذات سيادة، وأدرج هذا الموقف خلال محادثاته في بيانات عقب اجتماعات مغلقة مع نظرائه الأجانب.

"إعلان الاستقلال"

وتمارس الولايات المتحدة سياسة تتسم بالحرص تجاه الجزيرة، فهي لا تقيم علاقات رسمية مع تايوان، لكنها تعهدت بتزويدها بأسلحة دفاعية وأكدت أن أي هجوم صيني عليها سيكون مصدراً لـ"قلق شديد".

غير أن بعض السياسيين في "الحزب الديمقراطي التقدمي" الحاكم والمراقبين الدوليين يشككون في أن تكون تصريحات ومواقف لاي السابقة مؤشراً على نيته الإعلان بشكل رسمي استقلال تايوان حال فوزه بالرئاسة، وهي خطوة تهدد الصين بالرد عليها بالحرب، بحسب "فاينانشال تايمز".

وتعتبر الصين تايوان إقليماً منشقاً عنها وترى أنه سيعود إليها إن عاجلاً أو آجلاً، لكن كثيرين في تايوان يعتبرون الجزيرة التي تتمتع بالحكم الذاتي وتتبع نظاماً سياسياً ديمقراطياً منفصلة ومميزة عن الصين.

ونقلت الصحيفة عن روبرت هاموند تشامبرز، رئيس مجلس الأعمال الأميركي التايواني القول، إن "القلق من كون لاي مؤيداً للاستقلال يرجع جزئياً إلى عدم فهم الخطاب السياسي المحلي لتايوان".

وأضاف أن "التخوف الذي يعبر عنه الكثيرون من نائب الرئيسة التايوانية يعكس قلقاً أكثر كامناً بشأن (معسكر) الأخضر العميق في كل مرة تأتي الانتخابات. لكن لكي نكون منصفين، فإن لاي كان ضمن ذلك المعسكر، لكنه أصبح أكثر حذراً الآن".

بدورهم، أكد مساعدو لاي في الحزب الديمقراطي التقدمي أن مواقفه تتوافق مع مواقف الحزب الثابتة منذ 20 عاماً، والتي تؤكد على أنه لا حاجة لإعلان الاستقلال لأن البلاد مستقلة بالفعل وأن مستقبلها يجب أن يحدده شعب تايوان.

وقال أحد مستشاري لاي، الذي رفض الكشف عن اسمه، لـ"فاينانشال تايمز، إن لاي "يدرك جيداً أنه كان يستطيع التعبير عن آرائه الخاصة حين كان في رئاسة بلدية، لكنه سيلتزم بكل تأكيد ببعض الحدود حين يكون رئيساً للبلاد".

وأضاف أن " لاي يدرك أنه سيحتاج لكي يكون أكثر برجماتية".

محاولات لـ"تهدئة المخاوف"

وبحسب الصحيفة فإن نائب رئيسة تايوان بدأ بالفعل جهوده لرسم صورة أكثر اعتدالاً لنفسه على الصعيد الدولي، وتهدئة مخاوف الولايات المتحدة.

وفي الأشهر الأخيرة، قام لاي بعدد من الرحلات الخارجية وشارك في مزيد من اجتماعات الأمن القومي. كما أقام اتصالات مع ممثلة واشنطن في تايوان ساندرا أودكيرك.

وفي المقابل، كان قد تعهد الحزب القومي المعارض في تايوان، الذي رسخ علاقاته مع الصين عندما كان في السلطة، بـ "العمل جاهداً للحفاظ على السلام في المنطقة"، وذلك عقب فوزه بالانتخابات المحلية في نوفمبر الماضي.

وقال زعيم المعارضة إريك تشو: "سنكرس أنفسنا للشعب التايواني بإخلاص، سنكون مخلصين حتى تتاح للحزب القومي فرصة للفوز في الانتخابات (الرئاسية) في 2024".

يأتي ذلك، فيما تصاعدت نبرة الصين التي تعتبر تايوان جزءاً لا يتجزأ من أراضيها وينبغي استعادتها يوماً ما، تجاه الجزيرة في عهد الرئيس شي جين بينج.

وبلغت التوترات أعلى مستوياتها منذ سنوات في أغسطس الماضي، عندما أجرت بكين مناورات عسكرية ضخمة في محيط تايوان احتجاجاً على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي آنذاك نانسي بيلوسي لتايبيه.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات