رغم الخلافات.. التجارة بين واشنطن وبكين تبلغ مستويات قياسية

time reading iconدقائق القراءة - 5
الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينج أثناء لقائهما على هامش قمة مجموعة الـ20 في جزيرة بالي بإندونيسيا- 14 نوفمبر 2022  - REUTERS
الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينج أثناء لقائهما على هامش قمة مجموعة الـ20 في جزيرة بالي بإندونيسيا- 14 نوفمبر 2022 - REUTERS
دبي-الشرق

يتجه حجم التجارة بين الولايات المتحدة والصين لتحطيم أرقام قياسية، في مؤشر على الروابط المرنة بين أكبر اقتصادين في العالم، رغم التشدد الأميركي تجاه بكين، بحسب "بلومبرغ".

وتشير بيانات الحكومة الأميركية حتى نوفمبر، إلى أن الواردات والصادرات في عام 2022 حققت ما يصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، أو قرابة ذلك، وذلك قبل التقرير النهائي في 7 فبراير.

ونشرت بكين مؤخراً أرقامها الخاصة للعام بأكمله، والتي تظهر تجارة قياسية تبلغ حوالي 760 مليار دولار.

وتباطأت التجارة مع نهاية العام، مع تباطؤ الطلب على الواردات الأميركية ومكافحة الصين لإدارة القيود المرتبطة بكوفيد-19، ولا يتم تعديل بيانات التجارة وفقاً للتضخم، ما يعني أن الأرقام المرتفعة بالدولار قد لا تعني أنه تم شحن المزيد من السلع.

وتعد هذه الأرقام مذهلة في الوقت الذي تشدد الولايات المتحدة سياستها مع الصين، بإجماع من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، لكن هذه المعطيات توضح مدى تشابك الاقتصادين، رغم المساعي الأميركية لكبح تقدم الصين، الهادف كذلك لمواجهة نفوذ واشنطن العالمي.

تجارة قوية رغم الخلافات

علامات إيجابية عدة ظهرت للعيان في الآونة الأخيرة، بما في ذلك أول اجتماع وجهاً لوجه في نوفمبر بين الرئيسين جو بايدن وشي جين بينج، إلى جانب خطط لمزيد من الاتصالات رفيعة المستوى، بما في ذلك زيارة وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى الصين في فبراير المقبل.

لكن من غير المرجح أن يحل الجانبان خلافاتهما بسهولة، بما في ذلك موقف بكين من تايوان وبحر الصين الجنوبي، فضلاً عن حملة واشنطن المشددة لتقييد وصول بكين إلى تكنولوجيا أشباه الموصلات.

وبشأن ما إذا كان ممكناً لواشنطن وبكين أن تخوضا حرباً تكنولوجية، وأن تكون علاقاتهما قوية في كل المناحي الأخرى؟ قال ديفيد دولار، الباحث في السياسة الخارجية بمعهد "بروكينجز" لـ"بلومبرغ"، إن هذا ممكن لأنه يعتمد على الكفاءة الاقتصادية، كما أن الشركات ترغب في علاقة تجارية قوية، إذ يمكنها ذلك من تقديم الخدمات والسلع للمستهلكين.

وقال إن هذا النوع من "الفصل بشكل أوسع" الذي يدعو إليه البعض في واشنطن بين الاقتصادين، سيكون له "تأثير سلبي كبير على مستويات المعيشة في الولايات المتحدة، ولا أعتقد أن السياسة الأميركية ستسير في هذا الطريق، مهما كانت التصريحات".

ومن المرجح أن تكون هناك حسابات مماثلة في الصين أيضاً، إذ لا يزال النمو الاقتصادي المدفوع بالتجارة يحمل المفتاح إلى ارتفاع مستويات المعيشة والاستقرار.

ورجح كبير المسؤولين الاقتصاديين الصينيين، ونائب رئيس مجلس الدولة ليو خه، أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، الثلاثاء، احتمالية أن يكون هناك "انتعاش ملحوظ في الواردات الصينية هذا العام، مع انتعاش الاقتصاد بعد موجة من الإصابات بالفيروس"، مشيراً إلى أن الصين "تعارض الأحادية والحمائية".

رسوم ترمب الجمركية

ونجت التجارة بين الولايات المتحدة والصين إلى حد كبير من الرسوم الجمركية المفروضة في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، والتي استمرت خلال إدارة بايدن، التي قدمت مجموعة من إجراءاتها الخاصة التي تهدف لإبطاء القدرات الصينية على تطوير أشباه الموصلات المتقدمة.

وقال مايك بيرنز ، الشريك في مجموعة "موراي هيل"، وهي شركة أسهم خاصة تركز على أشباه الموصلات: "هذه معركة من أجل التفوق التكنولوجي".

مضيفاً لـ"بلومبرغ" أن ذلك "لا ينطوي بالضرورة على تصدع تجاري أوسع، لأن البلدين لديهما أهداف مختلفة وهي القيادة التكنولوجية للولايات المتحدة والاستقلال التكنولوجي للصين، وهما ليسا هدفين متعارضين".

وشدد على أن "هناك خطراً من أن ينتهي بهما الأمر في مسار تصادمي"، ودعا الولايات المتحدة لـ"أن تكون حريصة على حماية قيادتها، فهي لا تخلق تهديداً وجودياً للصين من خلال القضاء على قدرتها على التحرك نحو الاستقلال في مجال أشباه الموصلات".

وربما كان للتوتر السياسي المتزايد على مدى السنوات الأخيرة، تأثير على تدفقات رأس المال الثابت أكبر من تأثيره على التجارة.

وأبطأت الشركات الأميركية الاستثمارات الجديدة في الصين، وقال تيلو هانيمان، الذي يتتبع الاستثمار المباشر بين الولايات المتحدة والصين لمجموعة روديوم، وهي معهد أبحاث في نيويورك، إن "الشركات قلقة بشأن توقعات النمو للصين نفسها، فضلاً عن التوترات الجيوسياسية المتزايدة، ونحن نرى بالتأكيد أدلة على انسحاب المستثمرين".

وينتقل البعض إلى أماكن مثل فيتنام والمكسيك، وهو ما قد يساعد تلك الدول على الاستحواذ على حصة أكبر من كعكة الواردات الأميركية على حساب الصين، على الرغم من أن الشركات الصينية قد تجد أيضاً طرقاً للعمل في تلك الاقتصادات، والاستمرار في البيع إلى الولايات المتحدة.

وفي الوقت نفسه، تباطأ الاستثمار الصيني في الولايات المتحدة بشكل كبير، منذ منتصف عام 2010، الذي شهد ارتفاعاً في استثمارات بكين.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات