"أزمة الدولار" في العراق.. 8 أسئلة عن المشكلة والحل

time reading iconدقائق القراءة - 7
عراقي يحمل لافتة تطالب بخفض سعر صرف الدولار خلال احتجاجات في العاصمة العراقية بغداد. 25 يناير 2023 - AFP
عراقي يحمل لافتة تطالب بخفض سعر صرف الدولار خلال احتجاجات في العاصمة العراقية بغداد. 25 يناير 2023 - AFP
بغداد-إدريس جواد

يعيش العراق أزمة بسبب الانخفاض الواضح للدينار أمام الدولار، والذي بلغ في الأسواق المحلية 1462 ديناراً مقابل الدولار الواحد، علماً بأنَّ السعر الرسمي للدولار في الموازنة العامة للبلاد عام 2022 كان 1450 ديناراً، وهو أيضاً السعر الذي يعتمده البنك المركزي العراقي حالياً للبيع.

ما خلفية رفع سعر الصرف؟

في عهد رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، اقترحت الحكومة تغيير سعر الصرف من 1200 دينار للدولار الواحد، إلى 1445 ديناراً.

وبرَّرت الحكومة آنذاك قرارها بالرغبة في إيقاف تهريب العملة إلى الخارج، على أن يكون رفع سعر الصرف مؤقتاً لحين السيطرة على الأمر، لكن تم اعتماد الرفع أيضاً في موازنة 2021، وكذلك 2022، ويجري الحديث عن اعتماده في موازنة العام الحالي، وهو ما أثار استياء المواطن العراقي.

كيف يُباع الدولار في العراق؟

يقوم البنك المركزي العراقي ببيع الدولار من خلال نافذة بيع العملة، ويسمح للجهات المُجازة من قبله بالدخول إلى هذه النافذة والشراء منها.

وكان البنك المركزي يبيع في السابق 320 مليون دولار يومياً، ويسمح لـ40 مصرفاً أهلياً بالدخول إلى هذه النافذة من أصل 61 مصرفاً أهلياً في البلاد، نظراً لكون بعض المصارف لا تستوفي شروط شراء العملة الأجنبية.

لماذا يختلف سعر السوق عن "المركزي"؟

خلال الأشهر التسع الماضية، كان البنك الفيدرالي الأميركي يحذر نظيره العراقي من قيام مصارف أهلية بشراء الدولار من سوق العملة، وتهريبه إلى إيران التي تخضع لعقوبات أميركية، غير أنَّ إدارة البنك المركزي السابقة، تجاهلت هذه الرسائل واستمرَّت في بيع الدولار لتلك المصارف.

وفي نهاية العام الماضي، أبلغ الفيدرالي الأميركي، المركزي العراقي بضرورة منع 4 مصارف أهلية من دخول مزاد العملة بتهمة تورطها في تهريب العملة إلى إيران، وهي مصارف (الشرق الأوسط، والأنصاري، والقابض، وآسيا) التي يمتلك أغلب رؤوس أموالها رجل الأعمال العراقي علي غلام.

ورغم تنفيذ البنك المركزي لهذا الأمر، إلا أنَّ المصارف الأربعة لا تزال تمارس عملها المصرفي، غير أنها ممنوعة من الدخول في مزاد العملة. وعقب هذا الإجراء، فرض الفيدرالي الأميركي على البنك المركزي ضوابط جديدة لبيع العملة للتجار والمصارف.

وشملت الإجراءات تقديم كشوفات عن الجهة المستفيدة من الدولار سواءً كانت في الداخل أو الخارج خلال مدة أقصاها 24 ساعة، بدلاً من 20 يوماً كما كانت المهلة في السابق، ما أسهم بشكل مباشر في عزوف المصارف الأهلية والتجار وأصحاب الصيرفات عن الدخول إلى مزاد العملة خوفاً من شمولهم بإجراءات عقابية تمنعهم من مزاولة عملهم، بحسب ما ورد من بيان الفيدرالي الأميركي.

ما النتائج المترتبة؟

بعد تطبيق هذا القرار، انخفض حجم شراء الدولار من البنك المركزي العراقي من 320 مليون دولار يومياً إلى 85 مليون دولار فقط.

ولأنَّ هذا الرقم لا يغطي بالتأكيد الحاجة الفعلية للتداول في السوق العراقية، ما أدى إلى إيجاد طلب أعلى على الدولار في المصارف الأهلية ومكاتب الصرّافة ليرتفع سعر الصرف تلقائياً في الأسواق، إضافة إلى ارتفاع أسعار البضائع المستوردة، مع إضافة التجار فرق الشراء من السوق السوداء على البضائع التي يقومون باستيرادها، وبذلك تحمَّل المواطن العراقي أعباء هذا الفرق، وبدأ يشعر بارتفاع الأسعار.

ما الحلول المقترحة؟

هناك مجموعة من الحلول المقترحة للأزمة غير أنها موضوع خلاف بين الجهات الرسمية، والخبراء بشأن نجاعة تطبيقها.

من هذه الحلول، على سبيل المثال، أن يقوم البنك المركزي بتسليم الرواتب للموظفين بالدولار بدلاً من الدينار العراقي، لتعويض نقص الدولار الحاصل في الأسواق، غير أنَّ هناك رأياً يعارض هذا التوجه، مستنداً إلى أنَّ العملة الرسمية للدولة هي الدينار كما هو منصوص عليه في القوانين العراقية، ولا يجوز للحكومة تسليم الرواتب بغير عملة الدينار.

ويقترح خبراء، قيام البنك المركزي بسحب السيولة النقدية المكتنزة لدى المواطنين، والتي تقدر بـ44 تريليون دينار عراقي (ما يقارب 30 مليار دولار)، وذلك من خلال سندات مالية مع منح فوائد عالية لإغراء المواطن بإيداع أمواله في المصارف الحكومية والأهلية، وبذلك يقل الطلب على الدولار في التداول اليومي.

لكن هذا الحل أيضاً يحتاج إلى وقت طويل للتنفيذ، إضافة إلى أنَّ المواطن العراقي يجد صعوبة في الثقة بالمصارف، خصوصاً بعد حالات كثيرة لمصارف أشهرت إفلاسها، وأخرى تعذرت عن التسديد.

ما الحلول الناجعة؟

بحسب المختصين في الاقتصاد والمال، فإن الحل في الوقت الحالي هو الطلب من الفيدرالي الأميركي إلغاء شرط تقديم الكشوفات خلال 24 ساعة، لحين إجراء تسوية وتعديلات على نافذة بيع العملة، ورغم أن هذا الحل سريع، لكنه مؤقت.

أمَّا الحل الرئيس فهو منح امتيازات للتجار لفتح حسابات لهم في المصارف الحكومية والأهلية ورفع الضريبة عنهم، مع إيجاد منصة إلكترونية مستقبلاً تقوم باستقطاع الأموال من حساباتهم عند شراء الدولار وبذلك تكون هناك رقابة كاملة على حركة الأموال الداخلة والخارجة، غير أنَّ هذا الحل يعتبر طويل الأمد وقد يكلف المزيد من الوقت والجهد.

أما الحل الآخر فهو تخفيض سعر صرف الدولار في الموازنة العامة للبلاد لعام 2003، ولا يزال هذا المقترح موضعاً للنقاش والجدل، إذ يخضع لإرادة القوى السياسية والكتل المشاركة في الحكومة ومجلس النواب.

ما موقف الحكومة؟

تسعى الحكومة العراقية إلى تدارك الأزمة، وقد قام رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بعزل محافظ البنك المركزي مصطفى غالب مخيف (التابع للتيار الصدري)، وتعيين محافظ البنك المركزي الأسبق علي محسن العلاق (التابع لحزب الدعوة).

ومن المرتقب أن يقوم العلاق بزيارة إلى الولايات المتحدة بمعية وزير الخارجية ووزيرة المالية والمستشار المالي لرئيس الوزراء، للتفاهم مع البنك الفيدرالي الأميركي بشأن هذه الموضوعات في زيارة ستعقبها زيارة أخرى للسوداني إلى واشنطن.

هل هناك عوامل مساعدة لحل الأزمة؟

يمتلك البنك المركزي العراقي احتياطاً مالياً وسبائك ذهب قرابة 91 مليار دولار، إضافة إلى ارتفاع أسعار النفط المصدر، وهو ما قد يساعد بإقناع الجانب الأميركي بوجود احتياطي نقدي يسمح للبنك ببيع العملة الأجنبية بشكل مريح دون حصول خلل بمعادل ميزان المدفوعات ما بين العملة المحلية والعملة الأجنبية.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات