النشاط الاستيطاني الإسرائيلي "يتصاعد" في الضفة الغربية

time reading iconدقائق القراءة - 7
جنود إسرائيليون مع مستوطنين حاولوا إعادة إنشاء بؤرة استيطانية تسمى أور حاييم شمالي الضفة الغربية المحتلة، 22 يناير 2023 - AFP
جنود إسرائيليون مع مستوطنين حاولوا إعادة إنشاء بؤرة استيطانية تسمى أور حاييم شمالي الضفة الغربية المحتلة، 22 يناير 2023 - AFP
دبي- الشرق

تصاعدت الحركة الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة في الأيام الماضية، إذ يعتقد المستوطنون أن هناك فرصة لتوسيع المستوطنات بشكل أسرع من أي وقت مضى، بعد صعود الحكومة الجديدة في إسرائيل، والتي تضم قادة المستوطنين بين وزرائها الرئيسيين.

وأفادت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية بأن موجة مكثفة من عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم اجتاحت أجزاء من الضفة الغربية المحتلة في نهاية الأسبوع الماضي، لافتة إلى أنَّ هذا التصعيد جاء بعد شهر من الهجمات العسكرية الإسرائيلية شبه اليومية على المدن والبلدات الفلسطينية، والتي أدَّت إلى سقوط 26 فلسطينياً على الأقل.

ووثّق مسؤولو الأمم المتحدة ما لا يقل عن 22 هجوماً وأعمال تخريب قادها المستوطنون في الفترة من 26 يناير إلى 30 يناير، بينما قال مسؤولون فلسطينيون إنَّ العدد الحقيقي أعلى بنحو 7 مرات.

وتحدَّث مسؤولو الأمم المتحدة عن وقوع أكثر من 70 هجوماً للمستوطنين خلال شهر يناير، وهو معدَّل، إذا استمر حتى نهاية العام، فسيكون الأعلى في نصف عقد على الأقل، وفقاً للصحيفة الأميركية.

وقالت "نيويورك تايمز" إنه على الرغم من أنَّ العنف أمر معتاد منذ احتلال إسرائيل للضفة الغربية عام 1967، وما تلا ذلك من بناء مئات المستوطنات، إلا أنَّ هناك توقعات بحدوث زيادة أكبر مع تحفُّز المستوطنين الشباب بوجود حلفائهم في الحكومة الجديدة.

وبحسب الصحيفة، سلَّطت موجة العنف الأسبوع الماضي الضوء على مدى قابلية الأوضاع لمزيد من التصعيد، حيث قتلت غارة للجيش الإسرائيلي في شمال الضفة الغربية المحتلة 10 فلسطينيين، قبل أن يقتل فلسطيني 7 إسرائيليين بالرصاص خارج كنيس يهودي في القدس.

وتلت ذلك موجة لاحقة من هجمات المستوطنين ضد الفلسطينيين، حيث قام المستوطنون بتخريب محلَّات الفلسطينيين التجارية ومنازلهم وسياراتهم.

دعم حكومي للمستوطنين

وقال نافيه شندلر، الذي يقود جهوداً لبناء بؤرة أور حاييم الاستيطانية شمالي الضفة الغربية المحتلة: "الآن أتوقع أن تسير الأمور بشكل مختلف"، مضيفاً: "إذا ثابرت بما فيه الكفاية، فإنَّ الحكومة قد تقوم ببناء المستوطنة بنفسها".

ووفقاً لـ"نيويورك تايمز"، يأمل المستوطنون من أمثال شندلر بناء المزيد من المستوطنات الإسرائيلية عبر الضفة الغربية المحتلة، وهو أمر غير قانوني بموجب القانون الدولي، على أرضٍ يأمل الفلسطينيون أن تكون نواة الدولة الفلسطينية المستقبلية.

وفي غضون ذلك، يراقب الفلسطينيون بخوف وقلق توسُّع المستوطنات، لا سيّما مع ازدياد الهجمات على الفلسطينيين.

وذكرت الصحيفة أنه بينما قامت الحكومات الإسرائيلية السابقة وجنرالاتها ببناء مئات المستوطنات وحمايتها، إلا أنهم عارضوا في بعض الأحيان بناء بؤر استيطانية، بدون تصريح من الحكومة الإسرائيلية.

لكن الآن، يثير الدعم العلني من وزراء الحكومة الإسرائيلية للمستوطنات، والطموحات المتزايدة لحركة الاستيطان، إلى جانب تصاعد العنف مؤخراً، مخاوف من التحريض على انفجار قادم في الضفة الغربية المحتلة.

محاكم عسكرية للفلسطينيين

ويقر المستوطنون بوجود العنف، لكنهم يقولون إنَّ أقلية منهم تقوم به، ولكن بالنسبة للفلسطينيين، يحتكر الإسرائيليون العنف، فضلاً عن القيود التي يفرضها الاحتلال على الروتين اليومي للفلسطينيين وحرياتهم.

وسقط أكثر من 170 فلسطينياً في الضفة الغربية المحتلة العام الماضي، معظمهم على يد القوات الإسرائيلية، في أعلى حصيلة لأكثر من عقد ونصف العقد، وفقاً لـ"نيويورك تايمز".

وأوضحت الصحيفة الأميركية أنَّ المستوطنات الإسرائيلية الممتدة عبر الأراضي الخاصة بالفلسطينيين، تتطلب غالباً حشد قوة عسكرية إسرائيلية ضخمة لحمايتها، لافتة إلى أنَّ هذا الوضع أدَّى إلى إيجاد نظام قانوني يُحَاكم فيه الفلسطينيون بواسطة محاكم عسكرية، وبمعدَّل إدانة مرتفع للغاية، بينما يتم توجيه التهم إلى الإسرائيليين عبر المحاكم المدنية.

وأظهرت بيانات نشرتها هذا الأسبوع منظمة "ييش دين"، وهي منظمة حقوقية إسرائيلية تراقب عنف المستوطنين، أنَّ 3% فقط من جرائم القوميين الإسرائيليين ضدَّ الفلسطينيين منذ عام 2005 أسفرت عن إدانة.

وبدأ بيان المبادئ التوجيهية للحكومة الإسرائيلية الجديدة، الذي نُشر أواخر العام الماضي، بتأكيد مباشر على ما وصفه بـ"الحق الحصري للشعب اليهودي في كل من إسرائيل والضفة الغربية".

وتعهَّد اتفاق ائتلافي آخر للحكومة الجديدة بضم الضفة الغربية المحتلة رسمياً وإضفاء الشرعية على عشرات المستوطنات غير المصرح بها في المنطقة. كما منح الاتفاق زعيم المستوطنين، بتسلئيل سموتريتش، سيطرة اسمية على وزارة الدفاع التي تشرف على أنشطة البناء والهدم في الضفة الغربية المحتلة.

خلافات الائتلاف

لكن تحت ضغط من الحلفاء، بما في ذلك الولايات المتحدة، تجنَّب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تنفيذ أجزاء من اتفاق الائتلاف بالكامل. وفي الوقت الحالي، يعمل نتنياهو على كبح جماح بتسلئيل سموتريتش، وفقاً لـ"نيويورك تايمز".

وأشارت الصحيفة إلى أنه عندما ضغط سموتريتش للسماح بشرعنة بؤرة أور حاييم، عارضه نتنياهو، وكذلك عندما أراد هدم مجتمع فلسطيني ذي موقع استراتيجي في القدس الشرقية المحتلة، قررت الحكومة في نهاية المطاف تأجيل الهدم، وسط مخاوف من أن يتسبب ذلك في رد فعل فلسطيني أوسع.

وقالت "نيويورك تايمز" إنَّ هذه القرارات أحدثت خلافات داخل حركة المستوطنين، حيث يرغب النشطاء الأصغر سناً عموماً في استغلال هذه اللحظة لبناء المزيد من البؤر الاستيطانية، بغض النظر عن التداعيات المحلية أو الدولية.

في المقابل، يرى بعض النشطاء الأكبر سناً أنه يمكن تحقيق المزيد من خلال العمل بهدوء في أروقة السلطة لمنح المستوطنين سيطرة طويلة الأمد على الضفة الغربية المحتلة، ما يتيح المزيد من البناء في المستقبل.

وقال يسرائيل مداد، أحد قادة المستوطنين: "لا يتعين علينا تغيير كل شيء بين عشية وضحاها"، مضيفاً أنه "بوجود عمل كافٍ خلف الكواليس على مستوى التخطيط والتوجيه الاستراتيجي، يمكننا إنجاز الكثير".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات