
بعد 30 عاماً من إلغائه، أصدر رئيس المجلس السيادي الانتقالي، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، الخميس، المرسوم الدستوري رقم 6 لسنة 2021 بالعودة لنظام الحكم الإقليمي "الفيدرالي" في البلاد.. فما الذي تعنيه هذه الخطوة؟
كان الرئيس المعزول، عمر البشير، أصدر مرسوماً دستورياً عام 1991، باعتماد نظام الحكم الولائي الذي قسم السودان إلى 27 ولاية، بينها 10 ولايات في جنوب السودان قبل الانفصال عام 2011.
وكان السودان مقسماً إلى 6 أقاليم فقط، هي الشمال، والشرق، والغرب، والجنوب، والإقليم الأوسط، وإقليم كردفان، قبل انقلاب 1989 واستلام البشير مقاليد السلطة، وظلت القوى السياسية السلمية والمسلحة، تطالب بالعودة لهذا النظام طوال فترة حكم البشير.
8 أقاليم
وينص المرسوم الدستوري، على تطبيق نظام حكم الأقاليم الفيدرالي، عقب انعقاد مؤتمر نظام الحكم في السودان الذي يحدد الأقاليم وعددها وحدودها وهياكلها واختصاصاتها وسلطاتها ومستويات الحكم والإدارة بما لا يتعارض مع اتفاق جوبا للسلام.
جاء القرار عقب مفاوضات مكثفة بين الحكومة الانتقالية، وحركات الكفاح المسلح امتدت لأكثر من سنة، وانتهت بالتوافق على اتخاذ قرار بالعودة إلى نظام الحكم الفيدرالي، خصوصاً أن المطلب الرئيسي في المفاوضات كان العودة إلى نظام 8 أقاليم، وإلغاء نظام الولايات المعمول به حالياً، والاعتماد بشكل أساسي على سياسة متوازنة بين الجميع.
استحقاق واجب
وقال عضو مجلس السيادة الانتقالي، محمد التعايشي، لـ"الشرق"، إن العودة للنظام الفيدرالي استحقاق واجب تنفيذه وفقاً لما نصت عليه اتفاقية جوبا للسلام التي تم توقيعها في أكتوبر 2020، وهي خطوة في مسار الانتقال.
"المركزية القابضة"
وقال رئيس حركة جيش تحرير السودان، مني أركو مناوي، إن العودة لنظام الحكم الفيدرالي طريق نحو حل القضايا والتعقيدات والخروج من المركزية القابضة التي أضرت بالسودان في عهد نظام المعزول عمر البشير، ما يعني تنمية متوازنة، وإدارة الأقاليم برضا تام، كما يتيح تقاسم الموارد الاقتصادية بشكل عادل مع المركز.
وأضاف مناوي، في تصريحات لـ"الشرق": "خطوة مهمة في اتجاه إعادة بناء تنمية متوازنة وعدالة للبلاد، ومفتاح رئيسي لوضع حلول جذرية لكثير من التعقيدات الإدارية والاقتصادية، ونرجو أن يتم تطبيق هذا القرار بذات الروح التي صدر بها".
استقلالية في إطار الدولة
وقال الخبير القانوني والمحلل السياسي، صالح محمود، إن نظام الحكم الفيدرالي يتسم بالمرونة، إذ يسمح للأقاليم بأن تحكم نفسها بنفسها بدرجة محددة من الاستقلالية، وفي نفس الوقت تظل في إطار الدولة الموحدة.
وأضاف صالح، لـ"الشرق": "الاستجابة لهذا المطلب وفقاً لاتفاقية جوبا يتماشى مع التغيير الذي حدث في السودان وفترة الانتقال السياسي التي تعيشها البلاد لتمضي نحو تحقق عدالة متساوية للجميع ما بين المركز والأقاليم عقب فترات من الظلم تحت نظام الحكم الشمولي الذي اتسمت به فترة حكم الرئيس المعزول عمر البشير".
وتابع: "الفرصة ملائمة من أجل إعادة البناء والنهوض بالمواطن الذي يعاني الأزمات الاقتصادية، والفقر، والأوضاع الصحية المتردية، لكن من الضروري عند تطبيق النظام، أن تتوفر العديد من الشروط، أبرزها وجود دستور قومي دائم تحدد من خلاله سلطات الحكم، وإنشاء محكمة دستورية تفصل في الكثير من القضايا النزاعية بين المركز والإقليم، وضرورة وجود حالة تفاهم وتنسيق بين المركز والأقاليم في اتخاذ القرارات".