الصين تطرح مبادرة الأمن العالمي وتتعهّد "تعزيز حوار السلام"

time reading iconدقائق القراءة - 9
وزير الخارجية الصيني تشين جانج يحضر "منتدى لانتينج" لإلقاء كلمة رئيسية في بكين. 20 فبراير 2023 - REUTERS
وزير الخارجية الصيني تشين جانج يحضر "منتدى لانتينج" لإلقاء كلمة رئيسية في بكين. 20 فبراير 2023 - REUTERS
دبي/بكين-الشرقأ ف ب

أصدرت الصين، الثلاثاء، مبادرة الأمن العالمي التي يقترحها الرئيس شي جين بينج، وتهدف إلى القضاء على الأسباب الجذرية للنزاعات الدولية، فيما قال وزير الخارجية الصيني تشين جانج إن بلاده "قلقة للغاية" من النزاع الدائر في أوكرانيا حيث "يتفاقم ويخرج عن السيطرة"، مشيراً إلى أن بكين ستعمل على "تعزيز حوار السلام".

وأضاف خلال إطلاق مبادرة "الأمن العالمي" الجديدة ضمن رؤية الرئيس شي جين بينج: "سنواصل تعزيز حوار السلام وسنعمل مع المجتمع الدولي من أجل ترسيخ الحوار والتشاور، ومعالجة مخاوف كل الأطراف، والسعي لتحقيق الأمن المشترك".

وقال وزير الخارجية الصيني: "ندعو الدول المعنية إلى التوقف في أسرع وقت ممكن عن صبّ الزيت على النار، والتوقف عن إلقاء اللوم على الصين، والتوقف عن إثارة الضجيج بصياحها اليوم أوكرانيا وغداً تايوان"، الجزيرة التي لا تنفك بكين تتعهّد استعادة السيطرة عليها، بالقوة إذا لزم الأمر.

يأتي تصريح الوزير الصيني غداة نفي بلاده الاتهامات التي وجّهها إليها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ومفادها أن بكين تفكر بتزويد روسيا بأسلحة لمساعدتها في غزو جارتها أوكرانيا.

وإثر تصريح بلينكن، حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من أن إقدام الصين على مثل هذه الخطوة "سيشكّل بالنسبة لنا خطاً أحمر" في العلاقة بين بروكسل وبكين. 

مبادرة الصين

وأصدرت الصين، الثلاثاء، مبادرة الأمن العالمي التي يقترحها الرئيس شي جين بينج، وتهدف إلى القضاء على الأسباب الجذرية للنزاعات الدولية، وتحسين حوكمة الأمن العالمي، وتشجيع الجهود الدولية المشتركة لتحقيق المزيد من الاستقرار واليقين في عصر متقلب ومتغير، وتعزيز السلام الدائم والتنمية في العالم.

وتضمنت المبادرة، بحسب نصها الرسمي، دعوة من الرئيس الصيني للدول إلى التكيف مع المشهد الدولي المتغير بعمق وبروح التضامن، والتصدي للتحديات الأمنية المعقدة والمتشابكة بعقلية تحقيق الربح للجميع.

وتقوم المبادرة التي صيغت بوثيقة من 10 صفحات على 6 مبادئ، أولها أن جوهر هذه الرؤية الجديدة للأمن هو الدعوة إلى مفهوم الأمن المشترك، واحترام وحماية أمن كل دولة، واعتماد نهج شامل للحفاظ على الأمن في كل من المجالات التقليدية وغير التقليدية وتعزيز الحوكمة الأمنية بطريقة منسقة، والالتزام بالتعاون وتحقيق الأمن من خلال الحوار السياسي والمفاوضات السلمية، والسعي لتحقيق الأمن المستدام وحل النزاعات من خلال التنمية والقضاء على الأرض الخصبة لانعدام الأمن.

وتضمنت هذه المادة عبارة: "نحن نؤمن بأن الأمن لن يكون راسخاً أو مستداماً إلا عندما يكون مدعوماً بالأخلاق والعدالة والأفكار الصحيحة".

أما المبدأ الثاني فهو الالتزام باحترام سيادة ووحدة أراضي جميع الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة، باعتبار أن ذلك "من المبادئ الأساسية للقانون الدولي والمعايير الأساسية التي تحكم العلاقات الدولية المعاصرة".

وتعبر الصين عن رؤيتها في هذا الشأن بالقول: "نعتقد أن جميع الدول، كبيرة كانت أم صغيرة، قوية أم ضعيفة، غنية أم فقيرة، أعضاء متساوون في المجتمع الدولي، وشؤونهم الداخلية لا تتحمل أي تدخل خارجي، ويجب احترام سيادتهم وكرامتهم، ويجب التمسك بحقهم في اختيار النظم الاجتماعية ومسارات التنمية بشكل مستقل".

وينص المبدأ الثالث على الالتزام بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، التي تدعو إلى التأمل العميق في الدروس المريرة للحربين العالميتين الأولى والثانية.

وتدعو المبادرة جميع البلدان إلى ممارسة التعددية الحقيقية، والتمسك بقوة بالنظام الدولي مع وجود الأمم المتحدة في صميمه، والنظام الدولي المدعوم بالقانون الدولي والمعايير الأساسية للعلاقات الدولية التي يدعمها ميثاق الأمم المتحدة، والتمسك بسلطة الأمم المتحدة ومكانتها كمنصة رئيسية لحوكمة الأمن العالمي.

وتندد المبادرة بما أسمته "عقلية الحرب الباردة والنزعة الأحادية والمواجهة بين الكتل والهيمنة"، وقالت إنها "تتعارض مع روح ميثاق الأمم المتحدة ويجب مقاومتها ورفضها".

ويدعو المبدأ الرابع إلى التمسك بمبدأ الأمن غير القابل للتجزئة والالتزام بأخذ المخاوف الأمنية المشروعة لجميع الدول على محمل الجد، مشددة على أن "الإنسانية مجتمع أمني غير قابل للتجزئة"، وأنه "لا ينبغي أن يأتي أمن دولة ما على حساب أمن الدول الأخرى".

وتضمنت المبادرة الدعوة إلى "عدم التجزئة بين الأمن الفردي والأمن المشترك، وبين الأمن التقليدي والأمن غير التقليدي، وبين الحقوق الضمانية والالتزامات الأمنية، وبين الأمن والتنمية، وأن يكون هناك هيكل أمني متوازن وفعال ومستدام من أجل تحقيق الأمن العالمي والأمن المشترك".

وينص المبدأ الخامس على الالتزام بالحل السلمي للخلافات والنزاعات بين الدول من خلال الحوار.

وتدعو المبادرة الدول إلى تعزيز التواصل الاستراتيجي والثقة الأمنية المتبادلة، ونزع فتيل التوترات وإدارة الخلافات، والقضاء على الأسباب الجذرية للأزمات.

وحذرت من أن إساءة استخدام العقوبات الأحادية طويلة المدى لا تحل المشكلة، وإنما تخلق المزيد من الصعوبات والتعقيدات.

أما المبدأ السادس فيقوم على الالتزام بالحفاظ على الأمن في المجالات التقليدية وغير التقليدية، وتعاون الدول لمعالجة النزاعات الإقليمية والتحديات العالمية مثل الإرهاب وتغير المناخ والأمن السيبراني والأمن البيولوجي، وتطوير حل شامل وتحسين القواعد ذات الصلة من أجل إيجاد حلول مستدامة وتعزيز حوكمة الأمن العالمي ومنع التحديات الأمنية ومواجهتها.

أولويات التعاون

وأعربت الصين من خلال المبادرة عن استعدادها لتعاون أمني ثنائي ومتعدد الأطراف مع جميع الدول والمنظمات الدولية والإقليمية في إطار مبادرة الأمن العالمي، وتعزيز التنسيق الفعال للمفاهيم الأمنية وتقارب المصالح.

وتضمنت المبادرة 20 نقطة قالت إنها تمثل المجالات ذات الأولوية للتعاون، مثل المشاركة في صياغة برنامج جديد للسلام، ودعم جهود الأمم المتحدة لتعزيز منع الصراع والتسخير الكامل لهيكل بناء السلام لمساعدة الدول في مرحلة ما بعد الصراع في بناء السلام، ودعم دور أكبر للأمم المتحدة في شؤون الأمن العالمي.

وكذلك دعم الأمم المتحدة في تعزيز القدرة على تنفيذ تفويض حفظ السلام، والتمسك بالمبادئ الثلاثة "موافقة الأطراف، والحياد، وعدم استخدام القوة إلا في الدفاع عن النفس والدفاع عن التفويض" لعمليات حفظ السلام، وإعطاء الأولوية للحلول السياسية.

وتتضمن الأولويات تعزيز التنسيق والتفاعل السليم بين الدول الكبرى، كونها تتحمل مسؤوليات مهمة بشكل خاص في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، مع دعوة الدول الكبرى لتكون قدوة يحتذى بها في احترام المساواة وحسن النية والتعاون وسيادة القانون والامتثال لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.

وتدعو الوثيقة إلى التمسك بحزم بحقيقة أنه "لا يمكن الانتصار في حرب نووية ويجب عدم خوضها أبداً"، والالتزام بالبيان المشترك بشأن منع الحرب النووية وتجنب سباقات التسلح، الصادر عن قادة الدول الخمس الحائزة للأسلحة النووية في يناير 2022، وتعزيز الحوار والتعاون بين الدول النووية وحماية النظام الدولي لعدم انتشار الأسلحة النووية على أساس معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، ودعم جهود البلدان في المناطق ذات الصلة لإنشاء مناطق خالية من الأسلحة النووية.

وتضم قائمة الأولويات أيضاً التنفيذ الكامل لقرار تعزيز التعاون الدولي بشأن الاستخدامات السلمية في سياق الأمن الدولي الذي اعتمدته الدورة الـ 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة، عبر التعاون في ظل أطر مثل لجنة مجلس الأمن رقم 1540، واتفاقيات الأسلحة الكيميائية (CWC) والأسلحة البيولوجية (BWC)، وتعزيز الحظر الكامل والتدمير الشامل لأسلحة الدمار الشامل.

وتدعو المبادرة إلى دعم التعاون بين الصين وإفريقيا وأوروبا بشأن الحد من الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة على أساس احترام إرادة إفريقيا، ودعم تنفيذ مبادرة إسكات البنادق في إفريقيا، والتعاون في إزالة الألغام للأغراض الإنسانية.

كما تدعو إلى تعزيز التسوية السياسية للقضايا الساخنة الدولية والإقليمية مع الالتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

وتدعو كذلك إلى دعم وتحسين آلية وهيكلة التعاون الأمني الإقليمي التي تركز على الآسيان، وتنفيذ الاقتراح المكوّن من 5 نقاط بشأن تحقيق السلام في الشرق الأوسط، بما في ذلك الدعوة إلى الاحترام المتبادل وتعزيز الأمن الجماعي وتسريع التعاون الإنمائي، ودعم جامعة الدول العربية.

وتشدد المبادرة على ضرورة أن يتخذ المجتمع الدولي خطوات عملية لدفع حل الدولتين للقضية الفلسطينية وعقد مؤتمر سلام دولي أكبر وأكثر موثوقية وتأثيراً، "من أجل تحقيق حل عادل للقضية الفلسطينية في وقت مبكر".

وتتضمن قائمة الأولويات أيضاً دعم جهود الدول الإفريقية والاتحاد الإفريقي والمنظمات الإقليمية لحل النزاعات الإقليمية، ومكافحة الإرهاب، وحماية الأمن البحري، ودعوة المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم المالي والتقني لعمليات مكافحة الإرهاب التي تقودها إفريقيا، وتعزيز التسوية السلمية للبؤر الساخنة في القرن الإفريقي والساحل ومنطقة البحيرات الكبرى ومناطق أخرى.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات