قال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، الثلاثاء، إن الاتفاق الذي وقعه مع الاتحاد الأوروبي بشأن ترتيبات التجارة مع إيرلندا الشمالية ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، سيمضي قدماً حتى إذا عارضه "الحزب الديمقراطي الوحدودي" في إيرلندا الشمالية. كما أشار إلى أنه أبلغ رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون بتفاصيل الاتفاق قبل الإعلان عنه.
وفي مقابلة مع "بي بي سي راديو"، رد سوناك على سؤال بشأن ما إذا كان الاتفاق سيمضي من دون دعم الحزب: "هذا ما تم الاتفاق عليه مع الاتحاد الأوروبي، هذا ما هو في صالح الناس في إيرلندا الشمالية، وهذا هو ما سأتحدث بشأنه مع شعب إيرلندا الشمالية"، وفق ما نقلت صحيفة "جارديان" البريطانية.
ووصل سوناك إلى إيرلندا الشمالية، الثلاثاء، في محاولة لحشد الدعم للخطة التي وقعها مع الاتحاد الأوروبي، وأعلن عنها، الاثنين، في مؤتمر مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، وفقاً لما ذكرته شبكة "سكاي نيوز" البريطانية.
واتفق سوناك مع الاتحاد الأوروبي على ما بات يُعرف بـ"إطار ويندسور"، في إشارة إلى مكان انعقاد اللقاء بين سوناك وفون دير لاين، وهو اللقاء الذي شهد تعديل بروتوكول إيرلندا الشمالية الذي تفاوض ووقع عليه بوريس جونسون، وعارضه لاحقاً وطالب بتغييره، وكان سبباً في نزاع مع الاتحاد الأوروبي.
وكشف سوناك أنه أخبر بوريس جونسون بتفاصيل الاتفاق قبل الإعلان عنه، وقال لـ"بي بي سي راديو": "بالطبع أنا أتحدث إلى رئيس الوزراء السابق. ولكن هذا الأمر لا يخص أياً منا، وليس عن شخصياتنا، إنه يخص ويستمسنتر. هذا يخص شعب إيرلندا الشمالية، وما هو في مصلحتهم".
حماية الحدود الجمركية
ويحدد بروتوكول إيرلندا الشمالية الذي لم يتم تطبيقه أبداً منذ التوقيع عليه، حدوداً جمركية بين بريطانيا (إنجلترا وويلز واسكتلندا) وإيرلندا الشمالية في البحر الإيرلندي، وذلك لحماية الحدود الجمركية للسوق الأوروبية الموحدة، التي ستظل إيرلندا الشمالية جزءاً منها بحكم الأمر الواقع، لتجنب إقامة حدود مادية بينها وبين إيرلندا، وحماية اتفاقية "الجمعة العظيمة" للسلام، التي أبرمت في عام 1998.
ويلغي الاتفاق الجديد أي حدود بين بريطانيا وإيرلندا الشمالية، ويحدد مسارين، مساراً أخضر للبضائع التي تنقل من بريطانيا إلى إيرلندا الشمالية، ولا تخضع لأي إجراءات بيروقراطية، أما البضائع التي تنقل إلى إيرلندا الشمالية ثم تنقل إلى جمهورية إيرلندا، التي لا حدود مادية بينها وبين إيرلندا الشمالية، ستخضع للتعريفة الجمركية، وهو ما سيعرف بـ"المسار الأحمر".
مخاوف الحزب الوحدوي
لكن "الحزب الديمقراطي الوحدوي"، وهو مؤيد للوحدة مع بريطانيا، لديه مخاوف بشأن الاتفاق الذي وقعه سوناك، بسبب أنه يعني سريان بعض القوانين الأوروبية بشأن التجارة في إيرلندا الشمالية، ولكن سوناك قال إن هناك بند "كوابح ستورمونت" (مقر البرلمان في بلفاست)، والذي يمكن برلمان إيرلندا الشمالية من تعطيل القوانين الأوروبية التي لا تتلاءم معاً.
ويرفض الوحدويون أي تطبيق بحكم الأمر الواقع للقانون الأوروبي في الإقليم البريطاني، ويعطلون عمل السلطة التنفيذية المحلية منذ نحو العام.
وقال زعيم الحزب جيفري دونالدسون، الثلاثاء: "تم إحراز تقدم. لا تزال لدينا بعض المخاوف، ونتناقش مع الحكومة بشأنها، وسنستغرق وقتاً". وأضاف أن حزبه سيدرس النص، وسيحصل على المشورة القانونية، ومن ثم سيخلص إلى رأي في الاتفاقية ككل.
وتابع: "نحن أناس منطقيون، ولكننا نريد أن نضمن أن ما قاله رئيس الوزراء يوجد في الاتفاق، ويمكن تحقيقه".
تطبيق القوانين الأوروبية
وفي المقابل، أوضح سوناك أن بعض القوانين الأوروبية ستظل سارية رغم رغبة الحزب الوحدوي في التحرر كلياً من قوانين بروكسل.
وقال سوناك لـ"بي بي سي": "بشكل عملي، من المهم لشعب إيرلندا الشمالية ألا تكون هناك حدود مع إيرلندا. أعتقد أن هذا مهم للجميع في الواقع، ولكن من المهم أيضاً لأصحاب الأعمال أن يكون لديهم وصول إلى السوق الأوروبية الموحدة". وأضاف أن هناك نحو 3% فقط من قوانين التجارة الأوروبية ستطبق في إيرلندا الشمالية.
وشدد على أن "كوابح ستورمونت" ستمنح برلمان إيرلندا الشمالية الحق في وقف أي قوانين أوروبية جديدة، إذا رأوا ذلك.
بدوره، شدد وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي، على أن الاتفاق يعني أنه "لا توجد حدود بين أرجاء المملكة المتحدة". وكان كليفرلي يشير هنا إلى الحد الجمركي في البحر الإيرلندي، والذي كان منصوصاً عليه في بروتوكول إيرلندا الشمالية الأصلي.
وقال كليفرلي لـ"سكاي نيوز"، إنه "لا يوجد فصل بين بريطانيا وإيرلندا الشمالية"، مشيراً إلى أن حركة البضائع في البحر ستسير من دون عوائق.
وأشار كليفرلي إلى المسارات الخضراء والحمراء، والتي تعني أن البضائع المنقولة من بريطانيا العظمى إلى إيرلندا الشمالية لن تحتاج إلى أي إجراءات بيروقراطية أي "المساء الأخضر"، ولكن تلك البضائع التي تنقل إلى إيرلندا الشمالية، ثم تذهب إلى جمهورية إيرلندا ستفرض عليها جمارك قبل دخولها إلى السوق الأوروبية الموحدة، ولكن داخل المملكة المتحدة "لن توجد حدود".
وأضاف أن السلع التي لم تكن متوفرة في إيرلندا الشمالية ستصبح الآن متوفرة هناك، مشيراً إلى "منتجات اللحوم، والمنتجات الزراعية من استكلندا".