الاستخبارات الأميركية تستبعد أن تكون "متلازمة هافانا" نتيجة هجوم أجنبي

time reading iconدقائق القراءة - 9
السفارة الأميركية في العاصمة الكوبية هافانا 10 نوفمبر 2021 - REUTERS
السفارة الأميركية في العاصمة الكوبية هافانا 10 نوفمبر 2021 - REUTERS
دبي-الشرق

كشف تقييم استخباراتي أميركي أنَّ المرض الغامض المعروف باسم "متلازمة هافانا" الذي أصاب موظفين أميركيين في الخارج، لم يكن ناتجاً عن تصرفات عن هجوم أجنبي.

ويأتي هذا التقييم ليبدد نظرية متنازع عليها منذ فترة طويلة مفادها أنَّ مئات الأفراد الأميركيين استُهدفوا بواسطة عدو سري يستخدم موجات الطاقة كسلاح.

ويتوج التقييم الاستخباراتي الجديد جهوداً استمرت سنوات بذلتها وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) والعديد من وكالات الاستخبارات الأميركية الأخرى لشرح سبب تعرض الدبلوماسيين وضباط الاستخبارات وغيرهم ممن يخدمون في البعثات الأميركية بجميع أنحاء العالم لما وصفوه بالأحاسيس الصوتية الغريبة والمؤلمة والتي أدت في بعض الحالات إلى التسبب بمعاناة جسدية ونفسية شديدة.

ويقول العديد من الأفراد المتضررين إنهم كانوا ضحايا "هجوم متعمد" ربما على يد روسيا أو حكومة معادية أخرى، وهو ادعاء يتناقض مع التقرير من جميع النواحي تقريباً، وفقاً لما قاله اثنان من مسؤولي الاستخبارات المطلعين على التقييم لصحيفة "واشنطن بوست".

وشاركت 7 وكالات استخبارات في مراجعة ما يقرب من ألف حالة من "الحوادث الصحية الغريبة"، وهو المصطلح الذي تستخدمه الحكومة لوصف مجموعة من الأعراض الجسدية بما في ذلك الرنين في الأذنين يليه الضغط في الرأس والغثيان والصداع وشعور حاد بعدم الراحة.

وتم الإبلاغ عن هذه الأعراض لأول مرة في السفارة الأميركية بهافانا في عام 2016.

نتائج التقييم

وقال المسؤولون الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لوصف نتائج التقييم التي لم يتم الإعلان عنها بعد إن خمساً من هذه الوكالات قررت أنه "من غير المحتمل جداً" أن يكون خصم أجنبي مسؤولاً عن هذه الأعراض، إما نتيجة لأفعال مقصودة مثل سلاح الطاقة الموجهة أو كعرض ثانوي لبعض الأنشطة الأخرى، بما في ذلك المراقبة الإلكترونية التي يمكن أن تسبب المرض عن غير قصد.

وقال المسؤولون إنه بينما كان المحللون يفحصون مجموعات الحالات المبلغ عنها، بما في ذلك في السفارات الأميركية، لم يجدوا أي نمط أو مجموعة مشتركة من الشروط التي يمكن أن تربط بين الحالات الفردية. 

كما لم يجدوا أي دليل، بما في ذلك معلومات الطب الشرعي أو بيانات تحديد الموقع الجغرافي، من شأنه أن يشير إلى أنَّ خصماً ما قد استخدم شكلاً من أشكال الطاقة الموجهة مثل موجات الراديو أو الأشعة فوق الصوتية. 

وقال أحد المسؤولين إنه في بعض الحالات، لم يكن هناك "خط رؤية مباشر" للأفراد المتضررين العاملين في المنشآت الأميركية، ما يلقي مزيداً من الشك على احتمال أن يكون سلاح طاقة مفترض هو المسؤول عن ذلك.

وذكر أحد المسؤولين أنه حتى في المواقع الجغرافية التي تتمتع فيها الاستخبارات الأميركية بالقدرة الكاملة على مراقبة البيئة بحثاً عن علامات التدخل الخبيث، لم يجد المحللون أي دليل على استهداف خصم للأفراد.

لا دليل على تورط روسي

وأوضح المسؤول: "لم يكن هناك شيء"، مضيفاً أنه لا توجد معلومات استخباراتية تفيد بأن قادة أجانب، بما في ذلك في روسيا، لديهم أي علم أو أذنوا بهجوم على أفراد أميركيين.

وقال المسؤول الثاني الذي أشار إلى "لغز محبط" بشأن سبب المرض، إنَّ المحللين أمضوا شهوراً في البحث عن البيانات، والبحث عن الأنماط وابتكار منهجيات تحليلية جديدة، فقط للتوصل إلى تفسير معقول.

وقال المسؤولان إنَّ مجتمع الاستخبارات لا يزال منفتحاً على الأفكار والأدلة الجديدة. فعلى سبيل المثال، إذا ظهرت معلومات تفيد بأنَّ خصماً أجنبياً قد أحرز تقدماً في تطوير التكنولوجيا لسلاح الطاقة، فقد يدفع ذلك المحللين إلى تعديل تقييماتهم.

لكنهما استبعدا بشكل أساسي احتمال أن تكون روسيا أو حكومة معادية أخرى أو جهة فاعلة غير حكومية وراء المتلازمة الغامضة.

سلاح الطاقة

كما فحص التقييم الاستخباراتي ما إذا كان خصم ما يمتلك جهازاً قادراً على استخدام الطاقة للتسبب في الأعراض المبلغ عنها. ومن بين الوكالات السبع، قررت 5 وكالات أنه "غير مرجح للغاية" ، بينما قالت الوكالتان الأخريان إنه "غير مرجح" فقط.

وعلى مر السنين، لم تتمكن الوكالات الحكومية بما في ذلك وزارة الخارجية ومكتب التحقيقات الفيدرالي من إثبات استخدام سلاح للطاقة.

لكن التقييم الجديد يتعارض مع وجهة نظر لجنة مستقلة من الخبراء والتي وجدت العام الماضي أنَّ مصدر طاقة خارجي يمكن أن يفسر الأعراض بشكل معقول.

وأشارت اللجنة التي عقدتها أجهزة الاستخبارات، إلى أن قوة أجنبية كان بإمكانها تسخير "الطاقة الكهرومغناطيسية النبضية" التي تصيب الأشخاص بأعراض مرضية.

وكانت النتائج التي توصلت إليها لجنة الخبراء متسقة أيضاً مع الاستنتاجات السابقة للأكاديميات الوطنية للعلوم والهندسة والطب، والتي وجدت أنَّ "طاقة التردد اللاسلكي الموجهة والنبضية تبدو الآلية الأكثر منطقية في شرح هذه الحالات".

وقال ديفيد ريلمان الذي ترأس تحقيق الأكاديميات الوطنية وشارك في رئاسة لجنة خبراء مجتمع الاستخبارات، ولم يراجع التقييم الاستخباراتي النهائي، إن فرضية سلاح الطاقة لا تزال قابلة للتطبيق.

وأضاف ريلمان للصحيفة: "هناك العديد من التفسيرات المحتملة للتناقض الواضح بين الفشل في تحديد عامل خبيث ومعقولية الطاقة الموجهة كآلية. لا ينبغي للمرء بالضرورة أن يستبعد هذا الأخير".

حماية الموظفين

وبحسب الصحيفة، قد يمثل تقرير الاستخبارات الجديد القرار الرسمي بشأن المرض الصحي الغريب، لكنه ربما لن يكون الكلمة الأخيرة في هذا الشأن.

وقال مسؤول كبير الأربعاء، إن إدارة بايدن ستواصل ضمان حصول الموظفين على الرعاية الطبية وإنها ستقدم طلبات بموجب قانون يعوض موظفي الحكومة الذين عانوا من أعراض هذا المرض واضطروا في بعض الحالات إلى التوقف عن العمل. وسيكون بعض الأفراد مؤهلين للحصول على مدفوعات في نطاق 6 أرقام.

وقال ماهر بيطار، المدير الأول لبرامج الاستخبارات بمجلس الأمن القومي في بيان: "ليس هناك ما هو أهم من صحة ورفاهية القوى العاملة لدينا".

وأضاف: "منذ بداية إدارة بايدن-هاريس ، ركزنا على ضمان حصول زملائنا على الرعاية والدعم الذي يحتاجون إليه. التزامنا بصحة موظفي الحكومة الأميركية وسلامتهم لا يزال ثابتاً".

وكان العديد من المصابين يخدمون في السفارات أو المنشآت الدبلوماسية الأميركية أو كانوا يسافرون إلى الخارج عندما أصيبوا بالأعراض. كما أبلغ أبناء موظفي الحكومة الأميركية عن إصابتهم بالأعراض.

شكوك بلينكين

وعلى الرغم من الاستنتاجات الجديدة، لا يزال وزير الخارجية أنتوني بلينكين يرى أن شيئاً ما حدث لأولئك الموظفين الذين أبلغوا عن أمراض خطيرة، وهو ملتزم بالتأكد من رعايتهم، حسبما نقلت "واشنطن بوست" عن شخص مطلع.

وقال مسؤولون إن بلينكين يشك منذ فترة طويلة في أن الأفراد يعانون هستيريا جماعية أو بعض الأحداث النفسية. 

وأثارت التحقيقات السابقة، ولا سيما من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي، احتمال أن تكون الأعراض ذات أصل نفسي، وليس جسدياً، ما أثار غضب العديد من المصابين الذين شعروا أنَّ آلامهم قد تم تهميشها ولم يتم أخذ شكاواهم على محمل الجد من قبل العاملين في المجال الطبي. 

وأكد الخبراء أنه حتى لو كانت الأمراض نفسية المصدر، فإن هذا لا يعني أنَّ المصابين يتخيلون أعراضهم.

وقال بعض مؤيدي الفرضية القائلة بأن اللوم يقع على طرف أجنبي والذين كانوا على دراية بنتائج التقرير الجديد إنهم شعروا بالإحباط ولم يكونوا مستعدين للتخلي عن احتمال وقوف حكومة أجنبية، ربما روسيا، وراء ذلك. 

وأشاروا إلى الإبلاغ عن انخفاض في الأعراض مؤخراً تزامناً مع الغزو الروسي لأوكرانيا، مما يشير إلى أن انحسار موارد الكرملين بحيث لا يمكنه مواصلة حملة محتملة ضد الأفراد الأميركيين، على حد وصفهم.  وقال مسؤول في وزارة الخارجية: "التوقيت مريب للغاية".

تصنيفات