برنامج حكومي "سري" لجمع معلومات استخباراتية داخل الولايات المتحدة

time reading iconدقائق القراءة - 6
الرئيس الأميركي جو بايدن مع وزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس في حفل بمقر الوزارة في واشنطن. 1 مارس 2023 - AFP
الرئيس الأميركي جو بايدن مع وزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس في حفل بمقر الوزارة في واشنطن. 1 مارس 2023 - AFP
دبي -الشرق

كشفت وثائق سرية أن وزارة الأمن الداخلي الأميركية تدير برنامجاً "غير معروف تقريباً" لجمع المعلومات الاستخباراتية الداخلية، وأن عدداً كبيراً من الموظفين في مكتب الاستخبارات بالوزارة، أعربوا عن قلقهم من أن يكون العمل الذي يقومون به "غير قانوني".

وأفادت مجلة "بوليتيكو" الأميركية في تقرير، الاثنين، بأنها اطلعت على وثائق تفيد أن برنامج الاستخبارات الداخلية يسمح للمسؤولين باستجواب أي شخص تقريباً في الولايات المتحدة، بما في ذلك الأشخاص المحتجزين في مراكز احتجاز المهاجرين والسجون المحلية والفيدرالية.

ويُلزم البرنامج العاملين في مكتب الاستخبارات بالوزارة، بإبلاغ الأشخاص الذين يعتزمون استجوابهم بأن الغرض من الاستجواب هو "جمع معلومات استخباراتية"، وأن مشاركتهم فيه طوعية. 

مع ذلك، فإن الحقيقة المتمثلة في أن البرنامج يسمح للمسؤولين بالتواصل مباشرة مع السجناء والتحايل على محاميهم، تثير مخاوف هامة تتعلق بالحريات المدنية، وفقاً لخبراء قانونيين.

وأشارت المجلة إلى أن هذا الجزء من البرنامج، الذي ظل سارياً لسنوات، أُوقف مؤقتاً، العام الماضي، بسبب مخاوف داخلية. وكان مكتب الاستخبارات والتحليل بوزارة الأمن الداخلي، الذي يدير البرنامج، يستخدم هذا الجزء لجمع المعلومات المتعلقة بالمخاطر التي تهدد الولايات المتحدة، بما في ذلك الاتجار بالمخدرات عبر الحدود، والجريمة المنظمة.

وقالت "بوليتيكو" إن الحقيقة المتمثلة في أن مكتب الاستخبارات والتحليل يجمع المعلومات عن طريق استجواب الأشخاص في الولايات المتحدة "ليست معروفة تقريباً".

مخاوف قانونية

وتتضمن الوثائق الداخلية التي اطلعت عليها "بوليتيكو"، وصفاً للأعمال الداخلية التي كانت تتم في البرنامج، الذي يُسمى "برنامج جمع المعلومات الاستخباراتية البشرية". 

وكشفت الوثائق ومقابلات أخرى عن مخاوف داخلية كبيرة بشأن الأساليب المشكوك في قانونيتها والضغوط السياسية، كما أظهرت أن العاملين في مكتب الاستخبارات والتحليل يخشون تعرضهم للعقاب إذا تحدثوا عن سوء الإدارة والانتهاكات. 

وأوردت وثيقة يعود تاريخها إلى أبريل 2021، نقلاً عن موظف لم يُذكر اسمه أن قيادة مكتب الاستخبارات الإقليمية التابع لمكتب الاستخبارات والتحليل "مشبوهة"، وتعمل مثل "حكومة فاسدة".

وأشارت وثيقة أخرى إلى شعور بعض الموظفين بالقلق بشأن قانونية أنشطتهم، لدرجة أنهم طلبوا من المكتب تأمين المسؤولية القانونية، وفقاً لـ"بوليتيكو".

وقالت كاري باتشنر، المستشار القانوني السابق لوكيل وزارة الأمن الداخلي لشؤون الاستخبارات، إن حقيقة استجواب الأميركيين بشكل مباشر من قبل مكتب الاستخبارات والتحليل كجزء من برنامج للاستخبارات الداخلية تثير قلقاً بالغاً، في ضوء تاريخ الفضائح المتعلقة ببرامج الاستخبارات الداخلية السابقة لمكتب التحقيقات الفيدرالي FBI.

وأضافت باتشنر، التي كانت تتولى مسؤولية الاتصالات بين وزارة الأمن الداخلي ومبنى (الكابيتول) خلال الفترة بين عامي 2006 و2010، أنها أخبرت أعضاء الكونجرس مراراً بأن مكتب الاستخبارات، والتحليل لم يجمع معلومات استخباراتية في الولايات المتحدة.

وتابعت: "لا أعرف أي مستشار سيوقع على ذلك وهو في كامل قواه العقلية، أو أي عضو في الكونجرس سيقول هذا أمر جيد. إذا كان هؤلاء الأشخاص يستجوبون الناس الذين لا يزالوا يتمتعون بالحقوق الدستورية دون حضور محاميهم، فهذا أمر غير أخلاقي".

وقال كينيث وينشتاين، وكيل وزارة الأمن الداخلي لشؤون الاستخبارات والتحليل، في بيان إن مكتب الاستخبارات والتحليل يعمل على معالجة مخاوف موظفيه.

وتولى وينشتاين قيادة المكتب في يونيو الماضي.

وقدم متحدث باسم مكتب الاستخبارات والتحليل لمجلة "بوليتيكو"، قائمة بالخطوات التي اتخذها المكتب منذ سبتمبر 2020 لمعالجة الشكاوى الداخلية، وتضمنت هذه الخطوات إجراء عدد من الدورات التدريبية وتعيين أمناء مظالم.

"إيقاف مؤقت"

ولم يتناول بيان المكتب، برنامج الاستخبارات الداخلية، ولكن "بوليتيكو" اطلعت على رسالة بريد إلكتروني أُرسلت في أغسطس الماضي، تفيد بأن الجزء الخاص باستجواب السجناء الذين وُجهت إليهم تحذيرات "ميراندا" في البرنامج تم "إيقافه مؤقتاً" بسبب مخاوف داخلية.

و"تحذير ميراندا"، الذي يُعرف باسم "حقوق ميراندا"، هو حقوق اعتقال يتلوها عناصر الشرطة في الولايات المتحدة على المشتبه بهم جنائياً عند حبسهم (أو في الاحتجاز للاستجواب) قبل أن يتم استجوابهم للحفاظ على مقبولية بياناتهم قبل استخدامها ضدهم في إجراءات الجنائية.

وفي السنوات الأخيرة، قال العديد من العاملين في مكتب الاستخبارات والتحليل إنهم يشعرون بالخوف من أن تكون أنشطتهم مخالفة للقانون، وفقاً للوثائق الداخلية.

وقالت المجلة إن العديد من الموظفين في المكتب أبدوا قلقاً من تعرضهم للانتقام إذا تحدثوا، إذ رفض العديد من العاملين المشاركة في استطلاع رأي عن ظروف العمل بسبب خوفهم من التعرض للعقاب إذا قدمواً أراء سلبية.

وكانت الضغوط السياسية أحد مصادر القلق الرئيسية الأخرى، إذ وجد تحليل لاستطلاع رأي بشأن ظروف المجتمع الاستخباراتي أُجري عام 2020، في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، أن عدداً كبيراً من المشاركين أبدوا مخاوفهم من "تسييس" نتيجة الاستطلاع.

وأعرب عدد من المشاركين في الاستطلاع عن قلقهم بشأن كفاءة وفعالية القيادة العليا لمكتب الاستخبارات والتحليل، وعدم قدرتها على مقاومة الضغط السياسي، وفقاً لإحدى الوثائق. 

وأظهرت الوثائق استمرار المشكلات التي يواجهها مكتب الاستخبارات والتحليل في ظل إدارة الرئيس جو بايدن، إذ أظهر استطلاع رأي، أُجري في الفترة من ربيع عام 2020 حتى مايو 2021، أن العاملين في المكتب كانوا يشعرون بالقلق من مكان عملهم أكثر من العاملين في وكالات الاستخبارات الأميركية الأخرى، وفقاً للصحيفة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات