
تظاهر قرابة 260 ألف إسرائيلي، السبت، للأسبوع الحادي عشر على التوالي احتجاجاً على مشروع قانون مثير للجدل لتعديل النظام القضائي، والذي يدعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ويعتبره منتقدوه تهديداً لاستقلال القضاء.
ومنعت الحشود حركة مرور السيارات في وسط تل أبيب، مرددة شعارات من بينها "أنقذوا الديمقراطية".
وتشير التقديرات إلى أن 175 ألف شخص احتشدوا في تل أبيب، بحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، التي قالت إن 85 ألف متظاهر تجمعوا في مدن أخرى بالبلاد.
ولفتت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن نحو 10 آلاف شخص احتشدوا أمام منزل الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوج الذي حذر من خطر اندلاع "حرب أهلية" كما قدم مشروع تسوية عارضته حكومة نتنياهو على الفور.
اعتقال متظاهرين
وأفادت الصحيفة الإسرائيلية بوقوع عدة حوادث عنف ضد المحتجين في أنحاء البلاد، منها قيام عدد من النشطاء اليمينيين، كان بينهم ملثمون، بالتصدي لمتظاهرين في تل أبيب.
وقال المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية إن "نحو 50 متظاهراً حاولوا قطع طريق أيالون السريع المؤدي لتل أبيب أثناء الاحتجاجات"، مضيفاً أن "الشرطة أغلقت الطريق السريع في الاتجاهين حيث يعمل الضباط على تفريق المتظاهرين كما تم اعتقال عدد منهم".
زعيم المعارضة رئيس الوزراء السابق يائير لبيد، اعتبر، على تويتر، أن "العنف لن يسكت المتظاهرين في إسرائيل"، مضيفاً أنه "طالما أننا (نبتنى) الديمقراطية فإن الاحتجاج يظل حقاً أساسياً"، متوقعاً من "نتنياهو أن يدين العنف فوراً".
وفي المقابل، قال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي إيتمار بن جفير "احتج ضدي بقدر ما تريد، سأقاتل من أجل حقك في الاحتجاج"، بحسب ما نقلته صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية.
ودعا وزير الثقافة والرياضة الإسرائيلي ميكي زوهار، حكومة نتنياهو إلى "إظهار المزيد من الاستعداد لتقديم تنازلات بشأن مشروع قانون الإصلاح القضائي"، مشدداً على أن "الإصلاح مطلوب".
وأضاف: "إذا واصلنا إبقاء رؤوسنا في الرمال، وتعمق التصدع المجتمعي، فإن الدولة الإسرائيلية هي المتضررة"، بحسب ما نقلته "تايمز أوف إسرائيل".
ووفقاً لوسائل إعلام محلية، نُظمت احتجاجات في أكثر من 100 مدينة وبلدة من بينها حيفا (شمال) والقدس وبئر السبع (جنوب).
وأعربت نعمة مازور (64 عاماً) وهي متقاعدة جاءت من مدينة هرتسليا شمال تل أبيب لـ"فرانس برس"، عن قلقها من الواضع الراهن، وقالت: "نريد أن تظل إسرائيل ديمقراطية وليبرالية، يهودية بالطبع، إنّما ليبرالية، نحن قلقون للغاية من أن تصبح ديكتاتورية".
أما ساجيف جالان (46 عاماً) فاعتبر أن الحكومة "تحاول تدمير الحقوق المدنية وحقوق المرأة وحقوق مجتمع الميم"، فيما قال رونين شايك (47 عاماً) لـ"رويترز"، خلال مظاهرة في تل أبيب: "جئت مع أصدقائي هنا إلى تل أبيب للتظاهر ضد ما يسمى الإصلاحات"، مضيفاً أنه يريد الدفاع عن ديمقراطية البلاد التي اتهم الحكومة بالسعي لتدميرها.
وقالت داليا يوسف (72 عاماً) في مظاهرة في المدينة "أنا هنا للتظاهر مع شعب إسرائيل ضد الثورة وضد تغيير دولتنا".
قلق دولي
وأثارت حملة حكومة نتنياهو اليمينية المتشددة لإجراء تغييرات شاملة في المحاكم الإسرائيلية غضباً داخلياً وقلقاً أيضاً لدى حلفاء البلاد الغربيين. وإذا تمت الموافقة على الاقتراح الأولي فسيعني ذلك نفوذاً أكبر للحكومة في اختيار القضاة والحد من سلطة المحكمة العليا في إلغاء القوانين.
ويهدف مشروع إصلاح النظام القضائي إلى زيادة سلطة المسؤولين المنتخبين على القضاء، لكن منتقديه يرون أنه "يهدد الطابع الديمقراطي لدولة إسرائيل ويمكن أن يساعد في إلغاء إدانة محتملة لنتانياهو الملاحق بتهمة الفساد في عدة قضايا".
ويرى بنيامين نتنياهو وحلفاؤه المشروع ضرورياً لإعادة توازن القوى بين المسؤولين المنتخبين والمحكمة العليا التي يعتبرونها مسيّسة، واعتمد الكنيست حتى الآن العديد من أحكام المشروع في القراءة الأولى.
وفي إسرائيل التي ليس لديها دستور، يمكن للمحكمة العليا إلغاء قوانين يقرّها البرلمانيون إذا اعتبرتها تمييزية، لكن الحكومة الجديدة تريد إقرار "بند الاستثناء" ما يسمح لها بإعادة وضع قانون رفضه القضاة قيد التطبيق.
وقال الأستاذ الجامعي شموئيل ويجودا لـ"رويترز"، إن "ما يحاولون القيام به هو الاحتكار وجعل كامل السلطة في قبضتهم".
وزاد: "بمجرد أن تكون السلطة في يد طرف واحد، فهذا تغيير عرفناه عبر التاريخ من الأنظمة الشمولية. (الاستحواذ على) جميع السلطات يُستخدم للأسف ضد الشعب".