"منتدى كوهيليت".. كلمة السر وراء أزمة "إصلاح القضاء" في إسرائيل

time reading iconدقائق القراءة - 7
إسرائيليون يتظاهرون خارج المقر الرئيسي لمنتدى كوهيلت للسياسة في القدس. 9 مارس 2023 - REUTERS
إسرائيليون يتظاهرون خارج المقر الرئيسي لمنتدى كوهيلت للسياسة في القدس. 9 مارس 2023 - REUTERS
دبي-الشرق

تواجه إسرائيل أزمة داخلية وخارجية محتدمة بشأن التعديلات التي تسعى حكومة بنيامين نتنياهو إلى إدخالها بنظام القضاء الإسرائيلي، والتي يسميها هو وحلفاؤه "إصلاحاً" بينما يعتبرها المعارضون "انقلاباً على القضاء".

ورغم الحديث عن وقوفه وراء هذه التعديلات، يقول قادة حزب "الليكود" إن نتنياهو عندما عاد إلى السلطة، العام الماضي، لم يذكر قط خططاً لإصلاح القضاء، لكن مؤسسة فكرية غير معروفة في القدس كانت تستعد لهذه اللحظة منذ سنوات.

ورصدت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية الجهود السرية التي قام بها "منتدى كوهيليت للسياسات" لإعداد قانون الإصلاح القضائي المثير للجدل في إسرائيل. 

وقام "منتدى كوهيليت للسياسات"، الذي أسسه باحث أميركي إسرائيلي، سراً، بإعداد حزمة بعيدة المدى من التغييرات القضائية وساعد في تقديمها، ما أثار أزمة غير مسبوقة في إسرائيل ودفعت مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الشوارع للتعبير عن رفضها. 

ونقلت الصحيفة عن عضوة الليكود الإسرائيلي كاتي شيتريت، قولها في مقابلة مع القناة "13" الإسرائيلية إن "حزب نتنياهو لم يناقش داخلياً أبداً مشاريع قوانين الإصلاح القضائي التي قدمها المنتدى قبل مناقشتها في الكنيست (البرلمان)".

وأضافت: "لم نكن نحن مَن قمنا بإعداد مشاريع القوانين هذه، بل كان منتدى كوهيليت للسياسات هو مَن أعدها، فهذه المجموعة تقدم مواداً للسياسيين اليمينيين منذ سنوات". 

"واشنطن بوست" بدورها أشارت إلى أن المنتدى يعد أول مركز فكري سياسي على النمط الأميركي في إسرائيل، ويعمل به 160 باحثاً يتعاملون مع السياسيين أصحاب التفكير المماثل من خلال الأبحاث ومشاريع القوانين والدعوات لحضور المؤتمرات. 

ووفقاً للصحيفة، صاغ المنتدى المحافظ دينياً بعض التغييرات القانونية الأكثر إثارة للجدل في إسرائيل في السنوات الأخيرة، بينما ظل بعيداً عن عيون الجمهور، لكن دوره من وراء الكواليس في قانون الإصلاح القضائي عرضه للتدقيق وسلّط الضوء على تأثيره الضخم على السياسة الإسرائيلية. 

"مهمة ناجحة"

من جانبه، قال متحدث باسم "منتدى كوهيليت للسياسات" لـ"واشنطن بوست" في رسالة نصية: "لقد ركزت المجموعة دائماً على الجوهر والقيمة"، رافضاً الإجابة على أسئلة أكثر تفصيلاً حول كيفية عمل المنتدى. 

ويرى مراقبون تشريعيون في إسرائيل أن مركز الأبحاث "نجح في مهمته"، ويرجع ذلك جزئياً إلى نقص عدد الموظفين المستمر في الكنيست، ما دفع الوزراء لقبول الأبحاث المعدة ومشاريع القوانين من المنظمات الخارجية. 

كما نقلت الصحيفة عن أكاديمي مطلع على نشاط المنتدى قوله إن الأخير يجلب تكتيكاته من الكابيتول هيل الأميركي، في إشارة إلى الكونجرس، مضيفاً أن طلابه الإسرائيليين شاركوا في زمالات وبرامج "منتدى كوهيليت للسياسات"، والتي تشمل اجتماعات مع المشرعين المحافظين في الولايات المتحدة. 

وكان نتنياهو قد حصل على أغلبية برلمانية في انتخابات نوفمبر الماضي، لكن عندما قاطع شركاء الوسط ائتلافه اضطر إلى إبرام اتفاقات مكلفة مع الأحزاب القومية المتطرفة التي يسيطر عليها المستوطنون اليمينيون المتطرفون في الضفة الغربية المحتلة.

وكان من بينهم سياسيون تربطهم علاقات وثيقة بـ "منتدى كوهيليت للسياسات"، الذي لطالما دافع عن ضم الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية، منذ تأسيسه قبل عقد من الزمان، وكتب المنتدى عشرات الأوراق التي تدعو إلى إضعاف المحكمة العليا وإلى مزيد من المحافظة الدينية في إسرائيل، التي يزعم أنها باتت رهينة لدى اليسار العلماني. 

"انفصال عن الماضي"

ويقول باحثون إن نشاط "منتدى كوهيليت للسياسات" يمثل انفصالاً عن الماضي، عندما كان المتشددون يستخدمون المناصب السياسية لكسب التمويل لمجتمعاتهم المعزولة، لكن ثمة مخاوف الآن من أن يضغط هؤلاء السياسيين المتشددين لإعادة تشكيل إسرائيل بما يتناسب مع أفكارهم. 

وقام النائب الإسرائيلي سيمشا روثمان، وهو مستوطن في الضفة الغربية وناشط يميني متطرف سابق يرأس اللجنة التي تقدم الإصلاح القضائي في الكنيست، بتعيين شمعون ناتاف، وهو باحث في "منتدى كوهيليت للسياسيات" كمستشار قانوني له، كما انضم موظفو المنتدى إلى مفاوضات أعضاء الائتلاف الحاكم والمعارضة بشأن التشريع في مقر إقامة الرئيس، وفقاً لما نقلته الصحيفة عن متحدث باسم المنتدى. 

ويقول تربويون إسرائيليون إن المنتدى ساعد في إعادة كتابة كتب التربية المدنية الإسرائيلية، وإزالة أجزاء من التاريخ الفلسطيني، والتأكيد على القيم اليهودية لتل أبيب على حساب قيمها الديمقراطية. 

من المؤسس؟

وأوضحت الصحيفة أن مؤسس المنتدى هو الأميركي الإسرائيلي موشيه كوبيل، الذي حصل على بكالوريوس الرياضيات وعلوم الحاسوب من جامعة "يشيفا" اليهودية الأرثوذكسية بنيويورك، ونال درجة الدكتوراه من جامعة نيويورك، وهو باحث في التلمود وانتقل من نيويورك إلى إسرائيل في عام 1980 ويعيش الآن في مستوطنة "إفرات"، جنوب القدس بالضفة الغربية. 

وانضم كوبيل إلى هيئة التدريس في قسم علوم الحاسوب بجامعة "بار إيلان"، ثم دخل عالم السياسة عام 2004، مُنضماً إلى اللجنة المركزية لحزب الليكود الذي يرأسه نتنياهو. ومنذ ذلك الحين بدأ كوبل يُظهِر طموحاته وتوجهاته السياسية اليمينية، ويتحدث عن أهمية صياغة دستور يُكرِّس الهوية القومية اليهودية لدولة الاحتلال، وتقليص وصاية القضاء على السياسة الإسرائيلية.

وأضافت الصحيفة أن كوبيل أسس المنتدى عام 2012 بسبب شعوره بـ "القلق" بشأن "الحرية في إسرائيل"، كما قال في مقابلة في مارس الماضي، والتي انتقد فيها "إرث إسرائيل من الاقتصاد الاشتراكي". 

ولطالما تجنب كوبيل الإجابة على الأسئلة المتعلقة بممولي المنتدى، إذ لا يلزم القانون الإسرائيلي أو الأميركي الكشف عن التبرعات من المنظمات الخيرية الأميركية، ولكن "واشنطن بوست" قالت إن أحد المتبرعين للمنتدى هو الملياردير الأميركي آرثر دانتشيك، أحد مؤسسي شركة "سَسكويهانَّا" الدولية للتداول، ويحتل المرتبة 104 في قائمة مجلة فوربس لأغنى الأشخاص في الولايات المتحدة، بثروة تبلغ 7.5 مليار دولار.

وكان تحقيق أجرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في عام 2021 أكد أن الشريك التجاري لدانتشيك وهو المتبرع الضخم للحزب الجمهوري الأميركي جيف ياس، قد شارك أيضاً في التبرع بعشرات الملايين من الدولارات للمنتدى. 

اقرأ أيضاً:

تصنيفات