
شهدت زيارة الرئيس الصيني شي جين بينج إلى روسيا، الأسبوع الماضي، إعلاناً غير مباشر عن تعيين شخص جديد في منصب كبير موظفي الرئيس، وسط تقارير عن تغييرات في طبيعة المنصب وهرم السلطة في الحزب الشيوعي الحاكم.
وبحسب صحيفة"نيكاي آسيا" اليابانية، فإن الخبر الأهم الذي برز خلال الزيارة لم يكن مرتبطاً بالدبلوماسية، ولكنه تمثل في مشهد خروج شخصية غير متوقعة من الطائرة الرئاسية الصينية عقب وصولها إلى موسكو، بعد فترة وجيزة من خروج شي، واستقباله من قبل نائب رئيس الوزراء الروسي ديمتري تشيرنيشينكو.
هذا الشخص هو تساي تشي، وهو أحد الأعضاء السبعة في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية، التي تعد أعلى هيئة لصنع القرار في الحزب الشيوعي الحاكم في الصين.
وأوضحت وسائل الإعلام الصينية التي تديرها الدولة أن تساي تشي أصبح يشغل منصباً جديداً هو مدير المكتب العام للحزب، وهو المنصب الذي يقوم فيه فعلياً بدور كبير موظفي الرئيس.
واعتبرت الصحيفة اليابانية أن هذا التعيين الجديد هو الأهم في مناصب موظفي الحزب منذ انتهاء المؤتمر الوطني في أكتوبر الماضي.
"اختيار غير تقليدي"
ورأت "نيكاي آسيا" أن اختيار تساي في هذا المنصب يبدو غير تقليدي لعدة أسباب، أولها أن المديرين السابقين كانوا يأتون من المكتب السياسي الأوسع للحزب المكون من 24 عضواً، وليس من الأعضاء الـ7 الكبار. كما أنها المرة الأولى التي يرافق فيها الرئيس أحد أعضاء اللجنة الدائمة للمكتب السياسي في رحلاته الخارجية، بحسب الصحيفة.
وأضافت الصحيفة أن تعيين تساي، وهو مساعد الرئيس الصيني الموثوق به، في هذا المنصب يعطي لمحة عن مستقبل السياسة الداخلية للصين، إذ يتولى كبير الموظفين مسؤولية تحديد مَن يلتقي برئيس البلاد، فضلاً عن مسؤولية أجندته اليومية.
وأوضحت "نيكاي آسيا" أن اختيار تساي، الذي يحتل المرتبة الخامسة في التسلسل الهرمي للحزب، سيؤدي إلى إحداث تغيير جذري في طبيعة المنصب، إذ إنه من المرجح أن يلعب دوراً مشابهاً لدور كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني، الذي يتحكم في جميع الوزارات والوكالات الحكومية من مكتب رئيس الوزراء.
ولفتت الصحيفة إلى أن تساي، جلس إلى جانب الرئيس الصيني خلال القمة الصينية-الروسية التي عُقدت في الكرملين هذا الشهر، وذلك على الرغم من أنه في القمم الأميركية-الصينية السابقة وغيرها من الاجتماعات رفيعة المستوى كان وانج هونينج، هو الذي يجلس بجوار شي بصفته مستشاره الأساسي.
ووفقاً للصحيفة، فإنه في ذلك الوقت كان وانج عضواً في المكتب السياسي للحزب ويشرف على القضايا الأمنية للبلاد، وهو يشغل حالياً منصب رئيس المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، وهي أعلى هيئة استشارية سياسية في البلاد.
من هو تساي تشي؟
يتمتع تساي، وهو أحد سكان مقاطعة فوجيان، بعلاقة شخصية وثيقة مع الرئيس الصيني، إذ عمل معه في المقاطعة منذ الثمانينيات، وعمل تساي معه لاحقاً في مقاطعة تشجيانج، التي كان الأخير هو المسؤول الأول فيها، ثم انتقل تساي إلى بكين ليشغل منصب نائب مدير مكتب لجنة الأمن القومي، وهي جزء من اللجنة المركزية للحزب، تأسست في عام 2013 برئاسة شي، وتمثل عنصراً مركزياً في سياسة الأمن القومي لإدارة الرئيس الصيني.
وتم تعيين تساي لاحقاً كسكرتير للحزب في بكين، وهو أعلى منصب في العاصمة الصينية، كما أنه المنصب الذي عادةً ما يتم تخصيصه لأعضاء المكتب السياسي للحزب، ثم قام الرئيس الصيني بترقيته إلى اللجنة الدائمة للمكتب السياسي في أكتوبر الماضي، ما أثار دهشة الكثيرين، كما تحدث عنه عدة مرات في مناسبات عامة، وذلك رغم أنه من المعروف عنه عدم ثنائه على الآخرين كثيراً.
وقالت الصحيفة اليابانية إن تساي سيقود فريقاً من المساعدين الموثوق بهم للإشراف على القضايا المتعلقة بالأمن، مضيفة أن المناصب الرئيسية المتعلقة بالأمن، بما في ذلك لجنة الشؤون السياسية والقانونية المركزية للحزب، بات يشغلها الآن مساعدون مقربون من الرئيس الصيني أيضاً.
تسلسلان للقيادة
ولفتت الصحيفة إلى أنه يتم الآن إنشاء سلسلة قيادة جديدة سيكون الرئيس الصيني على رأسها ويليه تساي، إذ سيتم تمرير أي قرار من شي إلى المساعدين القدامى المقربين والموثوق بهم من خلال تساي.
وأوضحت الصحيفة أن مشكلة هذا التسلسل القيادي الجديد تكمن في أنه حتى في حال تم إصدار أمر مستحيل تنفيذه، فإنه لن يكون هناك مرؤوسون أقوياء بشكل كافٍ لرفضه وإعادته مرة أخرى إلى مَن هم أعلى منهم.
وتابعت: "ما يظهر في الصين الآن هو تسلسلان للقيادة، أحدهما للأمن القومي والآخر لتوجيه الاقتصاد، وسيتم تسليم ذلك الخاص بالأمن القومي إلى تساي، مع نقل زمام الأمور الاقتصادية إلى رئيس مجلس الدولة الجديد لي تشيانج، الذي يتولى أيضاً رئاسة مجلس الوزراء الصيني، وسيقوم الرجلان معاً بمنح الرئيس الصيني السلطة المطلقة".
ومن المرجح أن يصبح النظام الجديد الذي يقوده الحزب أكثر وضوحاً بحلول الجلسة الثالثة للجنة المركزية العشرين للحزب، والتي ستعقد هذا الخريف، حسب الصحيفة.
اقرأ أيضاً: