وزير الدفاع الأميركي يتعهد: لن نهدأ حتى نعرف مصدر "تسريب الوثائق"

time reading iconدقائق القراءة - 9
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال مؤتمر صحافي في العاصمة واشنطن، 12 أبريل 2023 - REUTERS
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال مؤتمر صحافي في العاصمة واشنطن، 12 أبريل 2023 - REUTERS
دبي/ واشنطن-الشرقرويترز

قالت الولايات المتحدة، الثلاثاء، إن وزارة الدفاع بدأت في دراسة تأثير تسريب الوثائق العسكرية على الأمن القومي للبلاد، وذلك في إطار تحقيقات اتحادية مشتركة مكثفة عن مصادر التسريب، وسط تكهنات تشير إلى أن المصدر ربما يكون داخل "البنتاجون".

وتعهد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في مؤتمر صحافي بمقر وزارة الخارجية بمواصلة واشنطن التحقيق في التسريب المزعوم في الآونة الأخير، لوثائق سرية حتى تعرف مصدره، مشدداً: "سنقلب كل حجر حتى نعرف مصدر هذا ومداه (التسريب)"، حسب ما أوردت وكالة "رويترز".

وتابع أوستن، وهو أول مسؤول أميركي يعلق على التسريب، أن "الوزارة تعلم بأنه جرى نشر الوثائق بتاريخ 28 فبراير، والأول من مارس، لكنها لا تدري إن كانت هناك وثائق نُشرت على الإنترنت قبل ذلك التاريخ"، مشيراً إلى أن "هذه أمور سنكتشفها مع استمرار التحقيق".

بدوره، وصف مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA) وليام بيرنز، خلال كلمة بجامعة "رايس" في ولاية تكساس، واقعة تسريب المستندات العسكرية السرية بـ"المؤسفة للغاية"، لكنه لم يذكر تفاصيل بشأن ما وصفها بأنها تحقيقات "مكثفة للغاية" من جانب وزارتي الدفاع والعدل.

ويقود التحقيق المشترك بين الوكالات الحكومية في الولايات المتحدة مكتب الاستخبارات والأمن التابع لـ"البنتاجون"، إضافة إلى وزارة العدل، وفقاً لما نقلته شبكة "سي إن إن" الأميركية عن 3 مسؤولين أميركيين، مشيرة إلى أنَّ التحقيق في التسريبات قد يستغرق شهوراً حتى يكتمل.

اختراق المصادر والأساليب

ونقلت الشبكة الأميركية عن مسؤول في "البنتاجون"، قوله إن الوزارة "لا تركز على مصدر التسريب بالقدر الذي تركز فيه على أساليب وطرق توزيع الوثائق السرية التي حمل الكثير منها تصنيف "سري للغاية"، على منصة وسائط اجتماعية في وقت سابق من هذا العام.

وأوضحت "سي إن إن" نقلاً عن مسؤولين أنَّ ميلانسي هاريس، نائبة وكيل وزارة الدفاع للاستخبارات والأمن، ستمثل البنتاجون في هذه الجهود المشتركة.

ويحاول التحقيق أيضاً تحديد نطاق التسريب، خصوصاً وأنَّ المسؤولين لا يعرفون بعد ما إذا كان قد تم احتواؤه، أو ما إذا كان هناك المزيد من الوثائق السرية التي لا تزال متداولة على الإنترنت.

تكهنات أولية

وأشارت الشبكة الأميركية، إلى أن كبار مسؤولي وزارة الدفاع ليس لديهم فكرة، عمّن قد يكون وراء التسريب، إلا أن البعض تكهن أخيراً بأنه ربما يكون طفل والده مسؤول في البنتاجون كان يريد التباهي أمام أصدقائه على منصة "ديسكورد"، وهي منصة لوسائل التواصل الاجتماعي والألعاب، ظهرت فيها الوثائق لأول مرة في وقت سابق هذا العام.

لكن هذا لا يفسر سبب إخراج الوثائق من البنتاجون في المقام الأول، حسبما قال المسؤولون. ويبدو أنَّ المواد المسربة هي صور لوثائق تم تجعيدها وطيها، كما لو كانت مطوية ومحشوة في جيب.

وقال مسؤول أميركي: "في حين أنَّ العديد من المسؤولين يميلون إلى أخذ معلومات سرية إلى المنازل، فإنَّ حقيقة كون الأوراق مطوية تنم عن أن هذا الشخص لم يكن لديه تلك السلطة"، بحسب ما ذكرته "سي إن إن".

تتبع قوائم التوزيع

بدوره، قال مسؤول دفاعي إن هيئة الأركان المشتركة، التي تضم أكبر قادة وزارة الدفاع تقدم المشورة للرئيس، تدرس قوائم التوزيع الخاصة بها للنظر في الأشخاص الذين يمكنهم الحصول على هذه التقارير. 

وكانت العديد من الوثائق تحمل علامات تصنيف تشير إلى أنه تم إنتاجها من قبل ذراع الاستخبارات لهيئة الأركان المشتركة، والمعروفة باسم (جيه 2).

وقال مسؤولون إنَّ "المحققين سيفحصون سجلات الطابعات خلال الأشهر الماضية، مما قد يحد من نطاق مجموعة المشتبه بهم"، وفقاً لـ"سي إن إن".

وذكر أحد كبار المسؤولين الأميركيين أنه "يمكن طباعة وثائق سرية، ولكن فقط من طابعة متصلة بأجهزة حاسوب سرية للغاية"، مشيراً إلى أن "كل طابعة لها سجل تتبع، لذلك كل شيء يمكن تتبعه".

وقال مسؤول أميركي آخر، إن "صور الوثائق المطبوعة التي ظهرت على الإنترنت ستخضع أيضاً للتدقيق عن كثب بحثاً عن أي علامات يمكن أن تحدد الطابعة التي طبعت منها".

الكونجرس يتابع التحقيقات

ويبحث المشرعون الأميركيون أيضاً عن إجابات بشأن التسريبات، فيما قالت مصادر لـ"سي إن إن"، إنَّ "البنتاجون أخطر لجان الكونجرس ذات الصلة بالتحقيق الذي يجريه، بما في ذلك لجنتي الاستخبارات والقوات المسلحة داخل مجلس الشيوخ".

وذكر متحدث باسم لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ في بيان، أنَّ "رئيس اللجنة يتابع هذه القضية عن كثب، مع بدء وزارة الدفاع والوكالات الأخرى التحقيقات"، مشيراً إلى أنَّ اللجنة "تتوقع أن يتم اطلاعها بشكل كامل على تحقيق البنتاجون أثناء تقدمه".

بدوره، قال النائب الديمقراطي جيم هيمز، وعضو لجنة المخابرات بمجلس النواب: "نحن بحاجة إلى أن يعرف الجمهور وحلفاؤنا، على وجه الخصوص، التغييرات التي يتم إجراؤها لتجنب حدوث ذلك مرة أخرى".

تطمينات لإسرائيل

ووسط التداعيات التي أثارها التسريب على علاقات واشنطن بحلفائها، فقد تم اختيار نائبة وزير الخارجية ويندي شيرمان لقيادة الرد الدبلوماسي على التسريب، وفقاً لما نقلته "سي إن إن" عن مسؤول أميركي مطلع على الأمر.

وكشفت بعض الوثائق المسربة مدى تنصت الولايات المتحدة على الحلفاء الرئيسيين، بما في ذلك إسرائيل وكوريا الجنوبية وأوكرانيا.

وقال مسؤولان إسرائيليان إنَّ "إدارة جو بايدن حاولت طمأنة المسؤولين الإسرائيليين في الأيام الأخيرة بأنَّ واشنطن ملتزمة بعلاقتها الأمنية مع إسرائيل"، حسب ما نقل موقع "أكسيوس" الأميركي، الثلاثاء.

ويأتي ذلك بعدما أشارت فقرة صغيرة داخل التسريبات بشأن إسرائيل والتورط المزعوم لمسؤولي "الموساد" في الاحتجاجات ضد التعديلات القضائية للحكومة، الأمر الذي فُسّر على أنه تجسس من واشنطن على تل أبيب.

وقال مسؤول إسرائيلي إنَّ "مسؤولين في البنتاجون حثوا نظراءهم في وزارة الدفاع الإسرائيلية على عدم المبالغة في رد الفعل"، فيما ذكر مسؤول آخر، أنَّ "مسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية تحدثوا أيضاً مع نظرائهم الإسرائيليين وحاولوا طمأنتهم".

وكشف مسؤولون إسرائيليون إن إيال زامير، المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية، سيزور واشنطن، الخميس، ومن المتوقع أن يناقش القضية مع نظرائه في "البنتاجون".

"غضب" في سول

وبحسب "سي إن إن"، ردَّ مسؤولون في سول علناً بغضب على الوثائق المسربة، التي وصفت، بتفصيل ملحوظ، محادثة بين اثنين من كبار مسؤولي الأمن القومي في كوريا الجنوبية بشأن مخاوف مجلس الأمن القومي في البلاد بشأن طلب الولايات المتحدة للحصول على الذخيرة.

وتحدث أوستن ونظيره الكوري الجنوبي لي جونج سوب، الاثنين، وفقاً لمسؤول في البنتاجون وبيان من مكتب الرئاسة في كوريا الجنوبية. 

وقال مسؤولون كوريون جنوبيون إنَّ "أوستن وسوب اتفقا على أن كمية كبيرة من المعلومات الواردة في وثائق البنتاجون المسربة ملفقة".

وأشار أحد الدبلوماسيين إلى أن سول تتوقع إحاطة من المسؤولين الأميركيين في الأيام المقبلة، لافتين إلى أنَّ "عطلة عيد الفصح أبطأت وتيرة المناقشات".

قلق في بريطانيا

من ناحيتها، اعتبرت وزارة الدفاع البريطانية، الثلاثاء، أن تسريب المعلومات الأميركية السرية ينطوي على "مستوى خطير من عدم الدقة".

وقال متحدث باسم وزارة الدفاع البريطانية عبر "تويتر": "تسريب المعلومات الأميركية السرية الذي تنقله التقارير على نطاق واسع يظهر مستوى خطيراً من عدم الدقة".

وأضاف المتحدث أنه "يتعين على القُراء توخي الحذر قبل تصديق مزاعم من المحتمل أن تنشر معلومات مضللة".

"إحراج" في واشنطن

ومع بدء التحقيقات، قال مسؤولون أميركيون إنه "تم تحذير مسؤولي البنتاجون من أن أي شيء يقولونه عن الوضع يمكن استخدامه كجزء من التحقيق الجنائي"، لذلك فإنَّ "المسؤولين لديهم حذر كبير في كيفية وصفهم للوثائق المسربة". 

ومع ذلك، كشف مسؤولون مطلعون على الوضع لشبكة "سي إن إن"، أنَّ الوثائق تبدو جزءاً من مجموعة إحاطة استخباراتية يومية يتم إعدادها لكبار قادة البنتاجون، بمن فيهم رئيس هيئة الأركان المشتركة، مارك ميلي.

ونقلت "سي إن إن" عن مسؤول دفاعي كبير قوله "إنه أمر محرج"، مضيفاً أنَّ هناك ملاحظات صارمة من مكتب الاتصال بالبيت الأبيض التابع لوزارة الدفاع ليكون أكثر حذراً بشأن وسائل التواصل الاجتماعي وتتبع المواد السرية.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات