صحيفة أميركية تكشف هوية "مُسرّب الوثائق": عضو بالحرس الوطني

time reading iconدقائق القراءة - 9
صورة جوية لمبنى وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" في فيرجينيا. 3 مارس 2022 - REUTERS
صورة جوية لمبنى وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" في فيرجينيا. 3 مارس 2022 - REUTERS
دبي-الشرق

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، الخميس، هوية مسرّب الوثائق العسكرية السرية الأميركية، موضحة أنه عضو في جناح استخبارات الحرس الوطني الأميركي، ويدعى جاك تيكسيرا، ويبلغ من العمر 21 عاماً.

وأضافت الصحيفة، أن مُسرب الوثائق هو قائد لمجموعة دردشة صغيرة للألعاب الإلكترونية عبر الإنترنت، عمل في جناح المخابرات في الحرس الوطني الجوي لولاية ماساتشوستس، وكانت المجموعة تحوي حوالى 30 شخصاً، معظمهم من الشباب والمراهقين، وتُدعى "Thug Shaker Central"، ما وصفته بأنه تجمع لمحبي ألعاب الفيديو.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين أن المحققين سيتحدثون في أقرب فرصة مع تيكسيرا، بشأن تسرب الوثائق الحكومية إلى المجموعة الخاصة عبر الإنترنت، فيما أشار أحد المسؤولين إلى أن تيكسيرا قد يكون لديه معلومات ذات صلة أو مفيدة للتحقيق.

"مجموعة مغلقة"

صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، قالت الأربعاء إن المسؤول عن التسريبات الضخمة، تشارك الوثائق السرية مع مجموعة مغلقة من أصدقائه على الإنترنت.

وأوضحت أن المجموعة المغلقة التي تتكون من نحو عشرين شخصاً وتضم رجالاً وفتياناً، ويتم الانضمام إليها عبر دعوة فقط، تشكلت على منصة "ديسكورد" وهي منصة للدردشة لممارسي الألعاب الإلكترونية في 2020.

وأجرت "واشنطن بوست" مجموعة من الحوارات المطولة مع أصدقاء العضو المسؤول عن التسريب، وأحدهم لم يبلغ السن القانوني بعد، ووفقاً لشهادات أعضاء المجموعة، فإن العضو المسؤول عن التسريب والمعروف باسم "OG"، يهوى جمع الأسلحة، وذلك قبل الكشف عن اسمه ووظيفته.

وانضم المسؤول عن التسريبات بحسب "واشنطن بوست"، إلى المجموعة المغلقة على منصة "ديسكورد" في عام 2020، وكتب رسالة مشفرة العام الماضي، للأعضاء زعم فيها أنه على علم بأسرار حكومية محجوبة عن العامة.

وعلى مدار الأشهر التي تلت، واصل "OG" كتابة مئات الرسائل التي بدا أنها عبارة عن تفريغ حرفي لوثائق استخباراتية حساسة، قال الشاب المذكور إنه أخذها معه إلى المنزل من القاعدة العسكرية التي كان يعمل فيه، وفقاً لأحد أعضاء المجموعة الذين تحدثوا إلى "واشنطن بوست" مشترطاً عدم ذكر اسمه.

وثائق بخط اليد

وزعم "OG" أنه يمضي بعضاً من يومه في العمل داخل منشأة محمية يحظر إدخال الهواتف إليها، أو أي أجهزة إلكترونية يمكن استخدامها لتصوير المعلومات السرية الموجودة على أجهزة الكمبيوتر ، أو التي تخرج من الطابعات الموجودة هناك.

وقدم  "OG" شرحاً لمضمون بعض الوثائق التي نقلها بخط يده، وترجم بعض المصطلحات الاستخباراتية الواردة في تلك الوثائق للمجموعة مثل كلمة "NOFORN" والتي تعني أن المعلومات الموجودة في وثيقة ما حساسة للغاية ويجب عدم مشاركتها مع أي مواطنين أجانب.

وقال "OG" للمجموعة إنه يعمل لساعات طويلة في كتابة تلك الوثائق بخط يده ليستطيع مشاركتها مع أعضائها على خادم "ديسكورد" الذي يديره.

ملاذ من الجائحة

وأصبحت منصة "ديسكورد" ملاذاً للكثيرين خلال فترة جائحة كورونا والعزل الصحي الذي رافقها منذ 2020، وخاصة المراهقين من ممارسي الألعاب الإلكترونية العالقين في منازلهم منقطعين عن أصدقائهم في العالم الحقيقي.

وتبادل أعضاء المجموعة النكات والدردشة الخفيفة، وشاهدوا الأفلام سوياً، ولكن "OG" أعطاهم محاضرات أيضاً عن شؤون دولية وعن عمليات حكومية سرية.

وقال أحد أعضاء المجموعة لـ"واشنطن بوست": "كان يريد أن يبقينا مطلعين، وكان يبدو أنه يظن أن المعلومات السرية التي يقدمها لنا ستحمينا من العالم المضطرب من حولنا".

وأضاف: "هو شخص ذكي. كان يعرف ما كان يفعله حين كان ينشر تلك الوثائق على المجموعة بالطبع. هذه لم تكن تسريبات عرضية أو بالخطأ".

معلومات حساسة

وشملت الوثائق المكتوبة طيفاً واسعاً من المعلومات السرية عن موضوعات حساسة، لا يطلع عليها إلا أشخاص خضعوا لأشهر طويلة من الفحص الأمني للحصول على إذن بالإطلاع على مضمونها.

وكانت  الوثائق المذكورة عبارة عن تقارير عالية السرية، تتضمن أماكن وتحركات قادة سياسييين، وتحديثات تكتيكية عن القوات المسلحة، وتحليلات جيوسياسية، ومعلومات بشأن جهود الحكومات الأجنبية للتدخل في الانتخابات الأميركية".

وقال عضو المجموهة لـ"واشنطن بوست": "أياً كان ما يمكنك أن تفكر فيه، كان في تلك الوثائق".

وفي المنشورات الأولية أعطى "OG" لأصدقائه في المجموعة جرعة صغير من سيل الأسرار الذي كان على وشك أن ينهال عليهم، إذ أنه بعد أن اكتشف مدى صعوبة كتابة مئات الوثائق الاستخباراتية بخط اليد، بدأ في نشر مئات الصور للوثائق ذاتها، والتي تسربت للجمهور عبر الأسبوع الماضي، وتسببت بغضب حلفاء الولايات المتحدة.

وتظهر رواية عضو المجموعة كيف وصلت وثائق استخباراتية مفصلة معدة لاطلاع دائرة خاصة من القادة العسكريين وصناع السياسات والقرارات في الولايات المتحدة، إلى مجموعة "OG" المغلقة على الانترنت، ومنها إلى العلن.

مراهقون

وأجرت "واشنطن بوست" حوارات مطولة  عدة مع عضو في المجموعة عمره أقل من 18 عاماً، اضطرت الصحيفة إلى الحصول على موافقة والدته على إدلائه بتصريحات.

وقالت الصحيفة إن رواية المراهق المذكور تتطابق مع رواية عضو آخر في لمجموعة، اطلع على عدد من الوثائق السرية المسربة، وتحدث أيضاً بشرط عدم ذكر اسمه.

وقالت "واشنطن بوست" إن كلا العضوين يعرفان الاسم الحقيقي للعضو "OG"، ومكان إقامته ولكنهما رفضا مشاركة تلك المعلومات مع الصحيفة، فيما يسعى مكتب التحقيقات الفيدرالي وراء مصدر التسريب.

ولا يزال التحقيق في مراحله الأولى،فيما بدأت وزارة الدفاع الأميركية مراجعة قواعد الاطلاع على الوثائق، بقيادة مسؤول كبير بالوزارة.

منصة "ديسكورد" من جهتها، قالت إنها تتعاون مع هيئات إنفاذ القانون، ولكنها رفضت الإدلاء بالمزيد من التفاصيل.

"قوي ومسلح"

وراجعت الصحيفة أكثر من 300 صورة للوثائق المسربة، أغلبها لم يتم تداوله علناً، بعضها مكتوب بخط يد العضو المسؤول عن التسريب، بالإضافة إلى مقاطع صوتية بين عضوين من المجموعة المغلقة، أحدهما العضو المسؤول عن التسريب. ما راجعت سجلات للمحادثات على المجموعة وصوراً شاركها المسرب على خوادم "ديسكورد".

وقال أحد الأعضاء إنه كان مفتوناً بقدرة "OG" على التنبؤ بأحداث عالمية كبيرة قبل حدوثها، والتي أصبحت بعد حدوثها عناوين رئيسية للصحف، وقال إن شخصاً مطلعاً للغاية على معلومات سرية فقط يمكنه معرفة تلك الأشياء.

وأضاف أن العضو المسؤول عن التسريب في منتصف العشرينات. ووصفه بأنه "رياضي، وقوي، مسلح، ومدرب. كل شيء يمكنك توقعه من فيلم مجنون".

إهانات عنصرية"

وفي مقطع فيديو، قال أحد الأعضاء إنه يصور العضو المسؤول عن التسريب، يظهر "OG" في ساحة رماية، مرتدياً نظارات حماية ويغطي أذنيه، بينما يحمل بندقية قنص ضخمة، وبدأ في الصراخ بعبارات عرقية مسيئة ومناهضة لليهود أمام الكاميرا قبل أن يطلق النار من البندقية.

وقالت الصحيفة إن أعضاء المجموعة انجذبوا لشخصية "OG" "الذكورية" ومهارته في استخدام الأسلحة، وشعروا بدفء قربهم من رجل وصفوه على أنه بمثابة "عم أو خال"، وفي بعض الأحيان "رمز أبوي".

وقال عضو تحدث للصحيفة: "كنت أحد الأعضاء القليلين الذين فهموا أن هذه الوثائق أصلية"، نائياً بنفسه عن أغلب الأعضاء الذين تجاهلوا منشورات " OG".

وتابع: "شعرت وكأني على قمة جبل إيفرست. شعرت وكأنني فوق كل شخص وكل شيء. كنت أعرف أموراً لا يعرفونها".

أسلحة ومعدات عسكرية

وكان "OG" التقى قبل أربع سنوات مجموعة مختلفة مخصصة لمعجبي اليوتيوبر الشهير "Oxide"، والمعروف بمقاطع الفيديو المخصصة للأسلحة، والدروع والمعدات العسكرية.

وقال إن عدداً من الأعضاء وجدوا المجموعة مزدحمة للغاية وأرادوا مكاناً هادئاً للحديث عن تكتيكات الألعاب الإلكترونية، لذا قرروا إنشاء مجموعة أخرى خاصة بهم.

وهكذا، كوّن الأعضاء مجموعة خاصة جديدة، باتت تعرف باسم “Thug Shaker Central” كان يديرها  "OG"فعلياً بصرامة، وتوّقع الأخير من الأعضاء قراءة المعلومات السرية التي كان يرسلها، وكان يغضب بشدة حين يحيد انتباههم عن تلك المعلومات.

تصوير الوثائق

وعلى مدار العام الماضي، كان "OG" يمضي ساعة يومياً يكتب للأعضاء منشورات طويلة تشرح المعلومات الاستخباراتية، ولكن "تلامذته كانوا مهتمون أكثر بمقاطع فيديو على يوتيوب بشأن المعدات الحربية". وهو ما أغضب "OG"، وأجبره على تغيير تكتيكه، فبدلاً من إرسال رسائل مكتوبة بدأ في التقاط صور للوثائق الأصلية وإرسالها إلى المجموعة، وهو ما لفت انتباه أعضائها.

الوثائق والصور "الآسرة"بحسب "واشنطن بوست" احتوت على مخططات مفصلة لأوضاع ساحة المعركة في أوكرانيا، وصور شديدة الوضوح بالأقمار الصناعية لما بعد ضربة صاروخية استهدفت منشأة كهرباء أوكرانية.

وبعضها الآخر، احتوى على مسارات متوقعة للصواريخ الباليستية لكوريا الشمالية، والتي يمكنها أن تصل إلى الولايات المتحدة. كما تضمنت الوثائق صوراً ملتقطة للمنطاد الصيني أثناء تحليقه في سماء الولايات المتحدة من مستوى رؤية العين في فبراير الماضي.

وأشارت الصحيفة إلى أنه فيما كان التقاط الصور أسهل، ويستغرق وقتاً أقل، إلا أنه كان أكثر خطراً، إذ بدأ الأعضاء في ملاحظة قطع أثاث في خلفية الصور تعرفوا عليها من محادثاتهم السابقة بالفيديو مع "OG"، قد تكون بمثابة أدلة مفيدة للمحققين الفيدراليين.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات