أعلنت شبكة "فوكس نيوز" الأميركية الاثنين، إنهاء خدمات أحد أشهر مذيعيها تاكر كارلسون ما تسبب في خسارة في قيمة الشركة فاقت 500 مليون دولار، قبل أن تعلن شبكة "سي إن إن" بدورها الانفصال عن مذيعها البارز دون ليمون، بعد أسابيع من إصداره تعليقات "مسيئة" ضد المرشحة الجمهورية للرئاسة نيكي هيلي.
وجاء الإعلان عن إقالة كارلسون وليمون بشكل مفاجئ، وبعد يوم واحد من إقالة أخرى مفاجئة طاولت جيف شيل، الذي كان يشغل منصب الرئيس التنفيذي لشبكة "إن بي سي يونيفرسال" الإعلامية.
وفيما لا يبدو أن هناك علاقة مباشرة بين الإقالات باستثناء تزامن إعلانها، فإن مجلة "فوربس" أكدت أن كلاً من تاكر كارلسون، ودون ليمون أوكلا محامي المشاهير المعروف براين فريدمان للدفاع عنهما.
نجم "خارج عن السيطرة"
ولدى إعلانها الاثنين إنهاء علاقتها بمقدم البرامج تاكر كارلسون، الذي جلب إلى القناة ملايين المشاهدات، فقدت الشركة نحو 590 مليون دولار من قيمتها، بحسب مؤشر "بلومبرغ" لتداول الأسهم.
وجاء القرار بعدما وافقت "فوكس نيوز" الأسبوع الماضي على دفع 787.5 مليون دولار لشركة "دومينيون" الأميركية المصنّعة لآلات التصويت، لتسوية قضية رفعتها الشركة ضد "فوكس نيوز" بالتشهير، بسبب مزاعم تزوير الانتخابات والتي روجت لها "فوكس نيوز" على شبكتها، وشملت القضية برنامج كارلسون.
ومن ضمن الادعاءات أن ماكينات "دومينيون" كانت تمنح أصوات دونالد ترمب إلى جو بايدن في انتخابات 2020.
وبعد أن وافقت "فوكس" على تسوية قضية التشهير "قررت عائلة مردوخ أن الوقت حان للانفصال عن نجم Fox المتألق"، على حد وصف "بلومبرغ".
واتخذ لاكلان مردوخ، الرئيس التنفيذي لشركة "فوكس"، وسوزان سكوت، رئيسة قناة "فوكس نيوز" التلفزيونية قرارهما بالاستغناء عن كارلسون مساء الجمعة، وفقاً لما قاله "شخص مطلع على الأوضاع" للوكالة الإخبارية الأميركية.
وجاء إنهاء "فوكس نيوز" علاقتها بكارلسون "مفاجئاً" للعاملين في الشبكة، الذين كانوا يروجون حتى صباح الاثنين للمقابلة مع المرشح الرئاسي فيفيك راماسوامي، والتي كان مقرراً لها تلك الليلة، وفقا لما أوردته "بلومبرغ".
وقال الشخص المطع على الأمر لـ "بلومبرغ"، والذي طلب عدم الكشف عن هويته لمناقشته مداولات داخلية، إن "كارلسون نفسه لم يُخطر مسبقاً بتلك الخطوة حتى أنه ختم برنامجه مساء الجمعة بعبارة "نراكم الاثنين".
ووفقاً لـ"بلومبرغ"، فإن كارلسون وضع "فوكس نيوز" في "مآزق"، بدءًا من ترويج مزاعم على الهواء حول تزوير الانتخابات الرئاسية الأميركية 2020، برغم أنه وصف ضيوفاً من قبيل سيدني باول، محامية ترمب التي روجت لنظرية المؤامرة بشأن تزوير الانتخابات، في جلسات خاصة بأنها "كاذبة"، وصولاً إلى تقديمه حلقات Patriot purge، وهي سلسلة من 3 أجزاء تم عرضها على خدمة "Fox Nation"، وأظهرت تعاطفاً مع مثيري الشغب في أحداث اقتحام الكابيتول في 6 يناير.
وأشارت وكالة "بلومبرغ" إلى أن كارلسون كان "خارجاً عن السيطرة ولا يمكن التعامل معه"، حتى في تعاملاته مع رئيسي الشركة روبرت مردوخ ونجله لاكلان.
ووصف أنجيلو كاروسون، رئيس مؤسسة "Media Matters"، وهي مجموعة غير ربحية تنتقد الشبكة، كارلسون بأنه كان "خارجاً عن السيطرة"، مضيفاً أنه "في مرحلة ما تصبح واثقاً في نفسك أكثر من اللازم".
دعاوى قضائية
ويواجه كارلسون دعوى قضائية رفعها المنتج السابق في "فوكس" آبي جروسبرج، تتهمه بـ"كراهية المرأة وخلق بيئة عمل عدائية".
وبرغم "عجرفته وعناده وإثارته للجدل"، على حد وصف "بلومبرغ"، حظي كارلسون بالشهرة الأوسع والشعبية الأكبر في "فوكس نيوز".
ووفقاً لأحدث تقييمات "Nielsen"، جاء برنامج "Tucker Carlson Tonight "ضمن أكثر 10 برامج مشاهدة في وقت الذروة بعد تصفيات دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين"، حيث تجاوز عدد المشاهدين الليليين لحلقاته في بعض الأحيان "3.7 مليون مشاهد".
ورغم ذلك، رجحت تقييمات "Nielsen" أن تسترد القناة النسبة الأكبر من إجمالي المشاهدة بمجرد إعلانها عن مقدم برامجها الجديد.
دون ليمون.. إقالة وسط اتهامات
وبعد دقائق من إعلان "فوكس نيوز" خبر إقالة كارسلون، أعلنت شبكة "سي إن إن" مغادرة أحد أشهر مذيعيها دون ليمون، إذ نشرت بياناً جاء فيه أن "سي إن إن ودون انفصلا"، من دون ذكر تفاصيل الأسباب التي تقف وراء وراء ذلك.
من جانبه، قال دون في بيان نشره على تويتر إنه "مذهول"، مشيراً إلى أنه علم بأمر الإقالة صباح الاثنين، عندما أخبره وكيله بذلك.
وأضاف: "بعد 17 عاماً في سي إن إن، كنت أتوقع أن مسؤلاً بالإدارة قد يتحلى باللياقة ليخبرني بشكل مباشر. وتابع: "لم أتلق أي إشارة في أي وقت من الأوقات بأنني لن أكون قادراً على الاستمرار في العمل الذي أحب القيام به في الشبكة الإخبارية".
وردت الشبكة على بيان ليمون، قائلةً إن تصريحاته "غير دقيقة". ولفتت في بيان إلى أنها "عُرضت عليه فرصة لقاء الإدارة، لكنه أصر على إصدار بيان على تويتر".
وربطت تقارير إعلامية أميركية إنهاء القناة خدمات مذيعها المخضرم بتعليقات له اعتُبرت منحازة ضد النساء، أبرزها ضد المرشحة الجمهورية للرئاسة نيكي هيلي وسلوكه المعادي للنساء داخل القناة.
وقال ليمون في فبراير الماضي على الهواء إن نيكي هيلي، البالغة من العمر 51 عاماً، تجاوزت "ذروة عمرها"، خلال حلقة من برنامجه "سي إن إن هذا الصباح" كان يناقش فيها اقتراح هيلي بأن السياسيين الذين تزيد أعمارهم عن 75 عاماً يجب أن يخضعوا لاختبارات الكفاءة العقلية الإلزامية.
ووصفت هايلي التعليقات بأنها متحيزة جنسياً واستخدمت الحلقة لجمع التبرعات، فيما أصدر ليمون بياناً في اليوم ذاته قال فيه إنه يأسف لتعليقاته "غير المهذبة وغير ذات الصلة" .
ووفقاً لصحيفة نيويورك تايمز، فإن الرئيس التنفيذي للشبكة كريس ليكت "وبخ ليمون واعتبر أن تصريحاته (بشأن هايلي) مزعجة وغير مقبولة وغير عادلة".
وكتب ليكت في مذكرة لاحقاً: "جلست مع دون وأجريت محادثة صريحة وذات مغزى". وأضاف: "لقد وافق على المشاركة في التدريب الرسمي، وكذلك الاستمرار في الاستماع والتعلم. نحن نأخذ هذا الوضع على محمل الجد".
ورغم أن ليمون عاد إلى العمل، فإنه ظل تحت ضغوط كبيرة بسبب تداعيات تلك التصريحات بالإضافة إلى شهبات تورطه في توجيه رسائل معادية لزميلاته داخل القناة.
وبحسب مجلة "فارايتي"، فإنه يُزعم أن ليمون لديه تاريخ طويل من كراهية النساء في مكان العمل وكان منخرطًا في رسائل تهديدية من أرقام مجهولة إلى زميلته المذيعة كيرا فيليبس، بحسب ما كشف تحقيق أجراه فريق الموارد البشرية في القناة ولم تُنشر تفاصيله.
"علاقة غير لائقة"
ودون ليمون هو ثالث إسم بارز في وسائل الإعلام الأميركية الذي تتم إقالته في أقل من يومين بعد كارلسون، الاثنين وجيف شيل، الذي أقالته شركة "كومكاست" الأحد من منصبه كرئيس تنفيذي لشركة "إن بي سي يونيفرسال".
وقالت شركة "كومكاست" إن شيل، الذي شغل منصب المدير التنفيذي في الشبكة الإعلامية منذ يناير 2020 ، تم فصله بعد تحقيق في إقامته "علاقة غير لائقة مع امرأة في الشركة". وأضافت أن قرار الطرد تم اتخاذه عقب تحقيق أجراه محامٍ خارجي.
وخلافاً لما ورد في بيان الشركة أن شيل كان في "علاقة غير لائقة"، تبين في وقت لاحق الاثنين أن المذيعة في الشبكة الإعلامية وكبيرة المراسلين هادلي جامبل قدمت شكوى ضده بالتحرش الجنسي.
وأكدت محاميتها سوزان ماكاي أنها قدمت للمحققين رسائل وحالات موثقة لتحرش جيف شيل بها.
وبحسب "نيويورك تايمز"، فإن شخصاً مطلعاًَ على التحقيق أكد أن شيل طُرد بعد تقديم أدلة تدعم شكوى التحرش الجنسي، مضيفاً أنه لن يحصل بسبب ذلك على تعويضات إنهاء الخدمة.
وقالت الصحيفة إن محامي شيل رفض التعليق على مزاعم التحرش الجنسي.
اقرأ أيضاً: