تركيا.. رابحون وخاسرون في عهد أردوغان

time reading iconدقائق القراءة - 5
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال تجمع لحزبه في أنقرة. 29 مارس 2023 - REUTERS
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال تجمع لحزبه في أنقرة. 29 مارس 2023 - REUTERS
أنقرة-أ ف ب

يهيمن الرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه "العدالة والتنمية" على الحياة السياسية في تركيا منذ عشرين عاماً، شهدت الكثير من الأحداث والإنجازات والاضطرابات أيضاً.

واستفادت بعض فئات المجتمع من عهد أردوغان، في حين خسر البعض الآخر في بلد يستعد لخوض انتخابات رئاسية وتشريعية في 14 مايو، يعتبرها البعض بمثابة استفتاء على حكم الرئيس التركي، الذي يقر محيطون به بأنهم على وشك مواجهة اختبار صعب.

الرابحون:

1. المتديّنون

تحوّلت إدارة الشؤون الدينية المعروفة باسم "ديانت"، إلى قوة اجتماعية نافذة في ظلّ حكم أردوغان، الذي تحدّى حزبه الإسلامي المحافظ الأسس العلمانية لتركيا ما بعد السلطنة العثمانية. 

لدى هذه الإدارة قناتها التلفزيونية الخاصة، التي تؤدي دوراً في النقاش السياسي كما تستفيد من ميزانية مماثلة لميزانية وزارة متوسّطة الحجم، وقد جعلتها صلاحياتها الواسعة هدفاً لخصوم الرئيس العلمانيين، الذين يشتكون من زيادة عدد المساجد ودروس حفظ القرآن وتأثير الأخويات الدينية. ووجد الرئيس السابق لـ"ديانت"، محمد جورمز، نفسه متورّطاً في فضيحة بسبب أسلوب حياته الباذخ.

2. قطاع العقارات والبناء

بقيادة أردوغان، تطوّرت العقارات والمشاريع الكبرى في جميع أنحاء تركيا، ممّا أدى إلى تحفيز النمو. غير أنّ بعض المجموعات ورجال الأعمال الذين يعتبرون مقرّبين من الحكومة حصلوا على عقود عامّة مثيرة للجدل. 

وأعادت هذه الطفرة تشكيل البلد، عبر منح مساكن جديدة لملايين الناس بينما عدّلت بشكل كبير صورة مدينة مثل اسطنبول، التي باتت فجأة مليئة بناطحات السحاب. 

ورافقت طفرة التنمية هذه شهية رئيس الدولة للمشاريع والاستثمارات الضخمة الطموحة بمليارات الدولارات، تشمل جسوراً وطرقاً سريعة ومطارات، بما في ذلك قناة اسطنبول المصمّمة لمضاعفة حجم مضيق البوسفور لكنّها لم ترَ النور إلى الآن.

3. النساء المحافظات

دافع أردوغان عن حقوق المسلمين المحافظين بعد عقود من نظام علماني قوي. وهكذا، سُمح بشكل تدريجي للنساء المتديّنات بارتداء الحجاب، الذي كان محظوراً في السابق، في الجامعات والوظائف العامّة والشرطة والبرلمان. 

والواقع أن رئيس الدولة جعل من الأمر شأناً شخصياً لأنّ ابنتيه، اللتين ترتديان الحجاب مثل والدتهما، "لم يُسمح لهما بارتداء الحجاب" في الجامعة.

الخاسرون:

1. الإعلام

شهد المشهد الإعلامي التركي، الذي كان يعتبر مثالاً للتعدّدية، تقلّصاً بشكل تدريجي في عهد أردوغان. ويلاحظ المراقبون أنّ 90% من وسائل الإعلام التركية أصبحت تحت سيطرة الحكومة أو مؤيّديها. فقد فضّل الرئيس المنتهية ولايته أن تُمتلك الصحف والقنوات التلفزيونية من رجال أعمال مقرّبين من السلطة مُنحوا قروضاً عامّة. 

في موازاة ذلك، تلقى نظام أردوغان اتهامات بقمع الأصوات المعارضة، خصوصاً تلك الصادرة عن وسائل إعلام كردية، الأمر الذي تعزّز بشكل أكبر بعد الانقلاب الفاشل في عام 2016.

ووفق الجمعية التركية "بي 24"، يقبع 64 صحافياً حالياً في السجن.

2. الجيش

خسر الجيش التركي، العلماني والذي شهد العديد من الانقلابات، تأثيره تدريجاً على الساحة السياسية. وتسارع ذلك بعدما قام فصيل في الجيش بمحاولة انقلاب في عام 2016 نسبت الى الداعية فتح الله جولن المنفي إلى الولايات المتحدة.

وردّ أردوغان على ذلك بعمليات تطهير أدت الى سجن آلاف الجنود، صدر بحق المئات منهم حكم بالسجن مدى الحياة. 

كما تمّ التخلّص من العسكريين أصحاب الرتب العليا، ممّا أضعف قدرات القوة الرئيسية في الجناح الشرقي لحلف الناتو. وفقدت القوات الجوية خصوصاً، العديد من طياريها وضبّاطها.

حصيلة متفاوتة 

الأكراد

بعدما قمعت الحكومات العلمانية الأكراد، على غرار غالبية الأقليات في تركيا، ساعد هؤلاء في انتخاب أردوغان ودعموه في أيامه الأولى. وحاول رئيس الدولة تعزيز حقوقهم الثقافية واللغوية، وباشر مفاوضات لوضع حدّ للنشاط المسلّح لجزء منهم ومنحهم قدراً أكبر من الحكم الذاتي في الجنوب الشرقي. 

ولكن بعد فشل هذه المحادثات واندلاع العنف في عامي 2015 و2016، وجد المجتمع الكردي (15 إلى 20 مليون شخص) نفسه يخضع لضغوط متزايدة. فسُجن عشرات من القادة الأكراد أو عُزلوا من مناصبهم المنتخبين فيها.

كما يتعرّض الحزب الرئيسي المؤيّد للأكراد "حزب الشعوب الديموقراطي" الذي سُجن زعيمه، لخطر الحظر مثل أحزاب كثيرة قبله اتُهمت بـ"الإرهاب".

الطبقة الوسطى

شهدت تركيا طفرة اقتصادية خلال العقد الأول من حكم أردوغان، ممّا أدّى إلى تكوين طبقة وسطى جديدة مزدهرة. لكن منذ عام 2013، ينتقل الاقتصاد من أزمة إلى أخرى. 

وفقاً للبنك الدولي، فإنّ الناتج المحلّي الإجمالي لتركيا، الذي يعدّ مقياساً لثروة أي بلد، انخفض إلى مستوى السنوات الخمس الأولى لوصول أردوغان إلى الحكم. ومع وصول نسبة التضخّم الرسمية إلى أكثر من 85% العام الماضي، تبددت مدّخرات ملايين الأُسر، وبالكاد تتمكن عائلات كثيرة من تأمين مصادر إنفاقها حتى نهاية الشهر.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات