ينظر مسؤولون عن الاقتصاد في إسرائيل بقلق إلى ارتفاع مستويات التضخم، في ظل انتقاد للوضع الديمغرافي القائم حالياً، إذ يمتنع الحريديم، وهم اليهود المتشددون دينياً، عن الالتحاق بسوق العمل ويعطون الأولوية للانخراط في المجال الديني على الاقتصادي.
وحذر محافظ بنك إسرائيل المركزي أمير يارون، الخميس، من زيادة مستويات التضخم خلال الفترة المقبلة؛ وقال في تصريحات بثتها النشرة الاقتصادية في موقع "والا" إن الوضع الراهن "يستدعي زيادة الضرائب عن نسبة 16%، ما لم يتحسن دخول المجتمع الديني المتشدد إلى سوق العمل وتحسين مهاراته المهنية".
وانتقد يارون الحلول التي تحاول الحكومة إيجادها للنهوض بالواقع الاقتصادي في المدن الفقيرة والأكثر فقراً، ومنها إنشاء صندوق ضريبة الأملاك، والذي يقوم على اقتطاع أموال من ميزانية المجالس المحلية الأكثر دخلاً.
وقال يارون: "صندوق ضريبة الأملاك، الذي تم إقراره كجزء من قانون المستوطنات، لا يساهم في حل أزمة الإسكان، ويجب إعطاء السلطات المحلية حافزاً لزيادة كفاءتها".
وحذر المحافظ، الذي قرر رفع سعر الفائدة بنسبة 0.25%، الثلاثاء الماضي، من أن التضخم في إسرائيل سيرتفع بشكل كبير إذا لم تتخذ الحكومة خطوات حاسمة لضبطه، مؤكداً أن قرارات بنك إسرائيل تستند فقط إلى معطيات واعتبارات مهنية. ورفض التعهد بعدم رفع هذه الفائدة مرة أخرى هذا العام، بعد رفعها 10 مرات على التوالي.
الأكثر نمواً
ويعتقد يارون أن دخول الحريديم إلى سوق العمل من شأنه أن يحسن الواقع الاقتصادي في إسرائيل.
وتشير إحصائيات دائرة الإحصاء المركزية في إسرائيل إلى أن عدد الحريديم يصل إلى 1.28 مليون نسمة، ويشكلون 16% من مجموع تعداد السكان الإسرائيليين، وهم الأسر الأكثر نمواً في إسرائيل، إذ يبلغ متوسط عدد أفراد العائلة الواحدة نحو عشرة أشخاص. وتصل نسبة النمو السكاني في صفوف الحريديم إلى 4%، بينما النسبة العامة للإسرائيليين 2.3%.
وبحسب إحصائيات نشرها المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، العام الماضي، فإن نسبة الفقر في صفوف الحريديم تصل إلى 50%. ويعزي المعهد ذلك إلى عدم انخراطهم في سوق العمل والاعتماد على مخصصات الدولة والأحزاب الدينية.
وتشير الإحصائيات، التي نشرت العام الماضي، إلى أن نحو نصف ذكور الحريديم لا يعملون، وبلغت نسبتهم نحو 46.5%، وهي نسبة تزيد ثلاث مرات عن بقية الإسرائيليين.
وانتقد المحلل الاقتصادي أوري مسجاف في مقال له في صحيفة "هآرتس"، الأحد، ما يفعله الحريديم بالاقتصاد الإسرائيلي، مشيراً إلى الميزانية التي أقرها الكنيست وخصص جزءاً منها للأحزاب الدينية.
وقال مسجاف: "إسرائيل ببساطة لا يمكنها مواصلة العيش بهذه الصورة؛ كل شيء سينتهي بعد بضعة عقود؛ هذا موضوع يتعلق بأرقام ورسومات بيانية، وليس آراء. تطوير وتشجيع مجموعة كبيرة من السكان، غير إنتاجية وليس لها أي دافعية أو قدرة على الاندماج في سوق العمل، سيؤدي إلى نهايتها".
واعتبر مسجاف السياسيين الحريديم والحريديم القوميين "تهديداً وجودياً على إسرائيل"، مضيفاً أن الجمهور المنتج في إسرائيل "مطلوب منه تمويل شبكات تعليم خاصة بالحريديم بالمليارات، وتقديم كوبونات الغذاء وعدد كبير من المدارس الدينية ورواتب لطلابها، بدلاً من إعالة أنفسهم وغيرهم. كل هذا يضاف إليه مخصصات الأولاد بدون قيد، وكذلك إعفاء من الخدمة العسكرية والمدنية، هكذا تقرر دولة ديمقراطية وحديثة الانتحار".