أطلق الصومال عملية إصلاح شاملة لنظامها السياسي باتفاق تم توقيعه، الأحد، بين الحكومة والولايات الفيدرالية، ينصُّ على إجراء الانتخابات بناء على الاقتراع العام اعتباراً من العام المقبل، والانتقال إلى نظام رئاسي.
ويُعد هذا الاتفاق تجسيداً لوعد غالباً ما يتكرّر من دون أن يُطبق، بالتصويت بناء على مبدأ "شخص واحد صوت واحد" اعتباراً من العام المقبل، للانتخابات المحلية المقرّر إجراؤها في 30 يونيو 2024، قبل انتخابات لاختيار أعضاء البرلمانات ورؤساء المناطق في 30 نوفمبر 2024.
وباستثناء منطقة أرض الصومال، لم تجرِ انتخابات في الصومال وفقاً لمبدأ "شخص واحد صوت واحد" منذ عام 1969 وتولي سياد بري السلطة.
"القرار إلى الشعب"
وقال الرئيس حسن شيخ محمود خلال مؤتمر صحافي الأحد، إلى جانب عدد من رؤساء الولايات "قررنا إعادة القرار إلى الشعب حتى يصبح صوت المواطن الصومالي ذا قيمة في الأمور المتعلقة بمستقبله".
وأضاف "يجب أن نخرج من الخوف المتمثل في أننا محاصرون منذ 20 أو 30 عاماً، والانتقال إلى إجراء انتخابات ديمقراطية في هذا البلد، انتخابات (شخص واحد صوت واحد) على المستوى الفيدرالي وعلى مستوى الولايات".
وحتى الآن، تجري الانتخابات وفق نظام معقّد غير مباشر، محوره عدد لا يُحصى من العشائر التي تُشكل المجتمع الصومالي.
ولطالما كان هذا النظام مصدراً للتوتر والصراع على السلطة وعدم الاستقرار، الأمر الذي خدم تمرد حركة الشباب المتطرفة، الذي تشهده البلاد منذ عام 2007، وفقاً للعديد من المراقبين.
وكان الرئيس الصومالي الذي انتُخب في مايو 2022، وعد في مارس الماضي بأن الانتخابات الوطنية والإقليمية المقبلة ستجري بناء على مبدأ "شخص واحد صوت واحد".
واتُخذت الخطوة الأولى في هذا الاتجاه الأسبوع الماضي في ولاية بونتلاند شبه المستقلة، حيث أُجريت انتخابات مجالس المقاطعات وفق هذا المبدأ. وتم الترحيب بهذه الانتخابات والاستشهاد بها كمثال من قبل المجتمع الدولي.
وفي العاصمة مقديشو، استقبل السكان هذا الإعلان بأمل. وبالنسبة إلى عبد القادر عبد الرحمن يوسف "هذا الاتفاق السياسي خطوة إلى الأمام".
وقال محمد علي عبدي "في الماضي، كانت مجموعة صغيرة تنتخب قادتنا خلف أبواب مغلقة، وكان علينا أن نقبل بهم سواء أحببنا ذلك أم لا"، مشيراً إلى أنه "إذا كان لدى الناس إمكان انتخاب قادتهم، فسيكون بإمكانهم مساءلتهم".
نظام رئاسي
وجرى التوصل إلى هذا الاتفاق بعد اجتماع استمر 4 أيام للمنتدى الاستشاري الوطني، التقى خلاله خصوصاً الرئيس حسن الشيخ محمود، ورئيس الحكومة حمزة عبدي بري، ورؤساء الولايات الفيدرالية.
غير أن رئيس ولاية بونتلاند سعيد عبداللهي دني، لم يكن موجوداً لتوقيع الاتفاق، رغم أنه عضو في المنتدى.
وإلى جانب طريقة التصويت، فإن هذا الاتفاق يضع أُطر إصلاح أوسع للنظام السياسي الصومالي، عبر إنشاء نظام رئاسي بدلاً من النظام البرلماني الحالي.
وينص الاتفاق على أنه "من أجل مواءمة انتخابات جمهورية الصومال الفيدرالية، ستتبنى البلاد نظام رئيس ونائب رئيس. وسينتخب الرئيس ونائب الرئيس في اقتراع واحد.. على أساس التعددية الحزبية".
ويضع نظام "البطاقة الرئاسية" حداً بشكل ضمني لمنصب رئيس الوزراء. ومن المقرر إجراء الانتخابات المقبلة في مايو 2026.
وستكون انتخابات المجالس المحلية بمثابة أساس للانتخابات على المستوى الوطني، والتي ستجري على "أساس نسبي مع قائمة مغلقة".
ويوضح الاتفاق أن "الحزبَين السياسيَين اللذين يحصلان على أغلبية الأصوات (في الانتخابات المحلية) سيصبحان حزبين سياسيين وطنيين يتنافسان على مقاعد البرلمان والرئاسة".
تمرّد المتشددين
ويشهد الصومال عدم استقرار مزمناً منذ عقود، إذ بعد سقوط الديكتاتور سياد بري في عام 1991، انزلقت البلاد إلى حرب أهلية، تلاها تمرّد دام بقيادة "حركة الشباب" المتطرفة منذ عام 2007.
وتُقاتل هذه المجموعة التابعة لـ"تنظيم القاعدة"، الحكومة الفيدرالية المدعومة من المجتمع الدولي منذ أكثر من 15 عاماً، وذلك من أجل تطبيق الشريعة في الصومال.
وبعد طرد "حركة الشباب" من المدن الرئيسية في عامي (2011-2012)، بقيَت حاضرة في مناطق ريفية شاسعة.
وأعلن الرئيس حسن الشيخ محمود "حرباً شاملة" ضد هذه الحركة، كما شن هجوماً عسكرياً بمساندة قوة الاتحاد الإفريقي وضربات جوية أميركية.
وسمحت هذه العمليات باستعادة مساحات واسعة في ولايتين واقعتين في وسط البلاد.
لكن مسلحي حركة الشباب يواصلون شن هجمات دامية انتقاماً. واستهدف هجومهم الأخير في 26 مايو قاعدة أتميس التي يديرها جنود أوغنديون.
كذلك، تشهد البلاد ظروفاً مناخية قاسية، مع جفاف تاريخي بدأ نهاية عام 2020، وفيضانات خلال الأسابيع الماضية تسبّبت في نزوح مئات الآلاف من الأشخاص.
اقرأ أيضاً: