تعليق سقف الدين.. تفاصيل جديدة عن اتفاق بايدن ومكارثي

time reading iconدقائق القراءة - 12
الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث إلى إعلاميين في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض بواشنطن. 29 مايو 2023 - Bloomberg
الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث إلى إعلاميين في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض بواشنطن. 29 مايو 2023 - Bloomberg
دبي -الشرق

كشف نص الاتفاق المبدئي بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس مجلس النواب كيفين مكارثي، والمتعلق بتعليق سقف الدين عن تفاصيل جديدة ومهمة بشأن الاتفاق، الذي يتوقع أن يُصوّت عليه المشرعون، هذا الأسبوع.

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز"، إن محور الاتفاق يظل متمثلاً في تعليق سقف الدين لمدة عامين، وتحديد المبلغ الإجمالي للأموال التي يُسمح للحكومة باقتراضها.

ويسمح تعليق هذا السقف المحدد الآن عند 31.4 تريليون دولار، للحكومة بمواصلة الاقتراض وسداد فواتيرها في الوقت المحدد حال أقر الكونجرس الاتفاق قبل 5 يونيو، وهو الموعد الذي قالت وزارة الخزانة إن السيولة النقدية لدى الولايات المتحدة ستنفد فيه.

وفي مقابل تعليق سقف الدين، طالب الجمهوريون بمجموعة من التنازلات المتعلقة بسياسات الرئيس الأميركي، وعلى رأسها فرض قيود على زيادة الإنفاق الفيدرالي على مدى العامين المقبلين.

كما وافق بايدن على "متطلبات جديدة لبعض المستفيدين من قسائم الطعام وبرنامج المعونة المؤقتة للأسر المعوزة".

واتفق الجانبان على تقليل الجهود التي تستهدف تسريع وتيرة منح الموافقات لبعض مشروعات الطاقة، وفي إجراء مفاجئ، تسريع مسار بناء خط غاز طبيعي جديد من ولاية ويست فرجينيا إلى فرجينيا والذي كان محط إشادة المشرعين الجمهوريين، وأحد كبار الديمقراطيين الوسطيين.

ما الذي يعنيه تعليق السقف؟

وذكرت "نيويورك تايمز"، أن الاتفاق يُعلّق سقف الدين الأميركي حتى يناير 2025. وأوضحت أن تعليق سقف الدين لفترة زمنية محددة "يختلف تماماً" عن وضعه عند مستوى ثابت جديد، إذ يمنح هذا التعليق وزارة الخزانة "حرية اقتراض ما تحتاج إليه" لسداد التزامات البلاد خلال هذه الفترة، إضافة إلى أشهر قليلة بعدها حيث تستخدم الوزارة "مناورات حسابية" لمواصلة الدفع.

ويختلف ذلك عن مشروع القانون الذي مرره الأعضاء الجمهوريون في مجلس النواب، والذي رفع سقف الدين بمقدار 1.5 تريليون دولار أو حتى مارس 2024، أيهما أقرب.

وبموجب التشريع الجديد سيتحدد سقف الدين عند المستوى الذي وصل إليه بحلول نهاية فترة التعليق. ولأسباب سياسية يميل الجمهوريون إلى تفضيل تعليق سقف الدين بدلاً من رفعه، ما يسمح لهم بالقول إنهم لم يمنحوا الضوء الأخضر عملياً، لزيادة سقف الدين.

وتوقعت الصحيفة أن يؤدي التعليق إلى اشتعال فتيل "معركة محتملة مقبلة" بشأن الأعباء التي تفرضها الديون على الولايات المتحدة حتى عام 2025، بعد الانتخابات الرئاسية القادمة.

حدود قصوى وخفض في الإنفاق

مشروع القانون يخفض ما يسمى بـ"الإنفاق غير الدفاعي"، الذي يتضمن إنفاذ القانون المحلي وإدارة الغابات والبحث العلمي وغير ذلك، للعام المالي 2024. كما يحصر جميع أوجه الإنفاق التقديري في إطار نمو بنسبة 1% في عام 2025، ما يمثل فعلياً خفضاً في الموازنة، وتوقعت الصحيفة أن يكون ذلك المعدل "أبطأ من معدل التضخم".

ويطرح النص التشريعي ومسؤولو البيت الأبيض روايات مختلفة بشأن حجم التخفيضات.

وأشارت الصحيفة إلى أن "هناك أجزاء واضحة في ما يتعلق بهذا البند"، إذ سترتفع ميزانية الإنفاق العسكري المقترحة إلى 886 مليار دولار في العام المقبل، ما يتماشى مع ما طلبه بايدن في مقترحه للموازنة لعام 2024، فيما يرتفع إلى 895 مليار دولار عام 2025.

وسيتم تمويل الإنفاق على الرعاية الصحية للمحاربين القدامى، بما في ذلك التدابير المعتمدة أخيراً لمساعدة قدامى المحاربين الذين يتعرضون لمخاطر التخلص من النفايات السامة بالحرق، عند المستويات الواردة في الميزانية المقترحة من قبل الرئيس الأميركي.

ويشير النص التشريعي إلى أنه "سيتم خفض الإنفاق غير الدفاعي خارج برامج المحاربين القدامى في عام 2024 إلى مستويات الإنفاق في العام الماضي".

"اتفاقات جانبية"

لكن مسؤولي البيت الأبيض قالوا إن سلسلة من الاتفاقات الجانبية مع الجمهوريين، ومن بينها اتفاق متعلق بتمويل دائرة الإيرادات الداخلية، "ستسمح للتمويل الفعلي بأن يكون أقرب إلى مستويات هذا العام".

ورغم مطالبة الجمهوريين في البداية بوضع حد أقصى للإنفاق لمدة 10 سنوات، يتضمن هذا التشريع وضع سقف لمدة عامين فقط، قبل أن يتحول إلى أهداف الإنفاق غير الملزمة قانوناً، إذ تمثل مجرد اقتراحات.

وأشارت تقديرات البيت الأبيض إلى أن الاتفاق "سيحقق وفراً بقيمة تريليون دولار خلال عقد من الإنفاق التقديري المخفض".

وأشار تحليل أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" للمقترح، باستخدام تقديرات البيت الأبيض لمستويات التمويل الفعلية في الاتفاق، وليس فقط للمستويات الواردة في النص التشريعي، إلى أن هذا المقترح "سيقلل حجم الإنفاق الفيدرالي بنحو 55 مليار دولار في العام المقبل، مقارنة بتوقعات مكتب الموازنة في الكونجرس، وبنحو 81 مليار دولار أخرى في 2025".
 
وفي حال عاد الإنفاق إلى النمو بحسب توقعات مكتب الميزانية، فسيبلغ إجمالي الأموال الموفرة خلال عقد نحو "860 مليار دولار".

دعم إدارة الضرائب

ويستهدف التشريع، وفقاً لـ"نيويورك تايمز"، إحدى أهم أولويات بايدن، وهي دعم إدارة الإيرادات الداخلية لتعقب الغش الضريبي، وللتحقق من سداد الشركات والأفراد الأثرياء ما عليهم من ضرائب مستحقة.

أضافت الصحيفة أن الديمقراطيين ضمنوا 80 مليار دولار لمساعدة إدارة الإيرادات الداخلية على تعيين آلاف الموظفين وتحديث تقنياتها القديمة من خلال قانون الحد من التضخم الصادر العام الماضي.

وسيحجب اتفاق الحد من الديون على الفور مبلغ 1.38 مليار دولار عن إدارة الإيرادات الداخلية، وإعادة تخصيص 20 مليار دولار أخرى من 80 مليار دولار كانت تلقتها عبر قانون الحد من التضخم.

وقال مسؤولون في الإدارة، الأحد، إنهم وافقوا على إعادة تخصيص 10 مليارات دولار من أموال إدارة الضرائب الداخلية الإضافية في العامين الماليين 2024 و2025، للحفاظ على التمويل من أجل بعض برامج الإنفاق غير الدفاعي.

وحذرت "نيويورك تايمز" من أن هذا الاسترداد "سيؤثر على جهود إدارة جمع الضرائب في القضاء على الغش الضريبي للأثرياء"، لكنه في الوقت نفسه يمثل انتصاراً سياسياً للجمهوريين الذين شعروا بالغضب بسبب "احتمال تعزيز إدارة الإيرادات الداخلية والموافقة على تشريع في مجلس النواب لسحب مبلغ  80 مليار دولار بالكامل". 

الإعانات الحكومية

"نيويورك تايمز" لفتت إلى أن هذا التشريع سيفرض "متطلبات عمل جديدة" على الأميركيين الأكبر سناً، الذين يتلقون قسائم طعام من خلال برنامج المساعدة الغذائية التكميلية، والذين يتلقون معونة من برنامج المساعدة المؤقتة للأسر المعوزة.

ويفرض مشروع القانون متطلبات عمل جديدة على قسائم الطعام على البالغين، الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و54 عاماً، وليس لديهم أطفال يعيشون في منازلهم.

وبموجب القانون الحالي، تنطبق متطلبات العمل هذه فقط على الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و49 عاماً، وسيجري تطبيق الحد العمري على مراحل على مدى 3 سنوات، بداية من العام المالي 2023.

ويتضمن تغييراً فنياً لصيغة تمويل برنامج المساعدة المؤقتة للأسر المعوزة ما قد يتسبب في قيام بعض الولايات بتحويل الأموال إلى أوجه إنفاق أخرى بعيداً عن البرنامج.

وأضافت "نيويورك تايمز" أن مشروع القانون الجديد "سيعفي أيضاً المحاربين القدامى والمشردين والأشخاص الذين قضوا طفولتهم في دور رعاية التبني من متطلبات قسائم الغذاء". 

ومع ذلك، أثار إدراج متطلبات العمل الجديدة غضب المدافعين المساعدات الممنوحة في إطار شبكات الأمان، الذين قالوا إنها "تعاقب البالغين الضعفاء المحتاجين إلى طعام".

السماح بالإصلاح

الاتفاق تضمن تدابير جديدة للحصول على الموافقة على مشروعات الطاقة "بوتيرة أسرع" عن طريق "إنشاء وكالة رائدة للإشراف على المراجعات والمطالبة باستكمالها في غضون عام أو عامين".

وأضافت "نيويورك تايمز" أن هذا التشريع يتضمن أيضاً "انتصاراً للسيناتور جو مانشين" من ويست فرجينيا، وهو ديمقراطي وسطي، بالموافقة على مطالباته بإنشاء خط أنابيب "ماونتين فالي"، وهو مشروع خط غاز طبيعي في ويست فرجينيا.

ويهدف المشروع، الذي تبلغ تكلفته 6.6 مليار دولار، إلى نقل الغاز مسافة نحو 300 ميل من حقول مارسيلوز الصخرية في ويست فرجينيا عبر ما يقرب من 1000 مجرى مائي، وأراض رطبة قبل أن ينتهي في فرجينيا.

وعارض مدافعون عن البيئة ونشطاء حقوق مدنية والعديد من مشرعي الولاية الديمقراطيين المشروع لسنوات.

قروض الطلاب وأموال "كورونا"

ويضع مشروع القانون نهاية رسمية لتجميد بايدن سداد قروض الطلاب بحلول نهاية أغسطس، ويحد من قدرته على إعادة هذا التجميد.

وأشارت الصحيفة إلى أن مشروع القانون "لا يتماشى مع الإجراء الذي أراد الأعضاء الجمهوريون في مجلس النواب إدراجه"، والذي من شأنه أن يوقف سياسة بايدن بالعفو عن ما بين 10 آلاف و 20 ألف دولار من ديون القروض الطلابية لمعظم المقترضين. 

وتخضع هذه المبادرة التي أطلقتها إدارة بايدن، العام الماضي، للمراجعة من قبل المحكمة العليا، وربما يتم حظرها في نهاية المطاف. 

كما يسترد مشروع القانون 30 مليار دولار من الأموال غير المنفقة من مشروع قانون الإغاثة من جائحة كورونا الذي وقعه بايدن، ما كان يمثل أولوية جمهورية قصوى للدخول في مفاوضات. وسيتم إعادة تخصيص بعض هذه الأموال لتعزيز الإنفاق غير الدفاعي. 

منع إغلاق الحكومة

أشارت "نيويورك تايمز" إلى أن الاتفاق "يضع معايير الإنفاق للعامين المقبلين"، وأنه يتعين على الكونجرس تلبيتها عن طريق تمرير حزمة مشروعات قوانين إنفاق في وقت لاحق من هذا العام.

وحذرت من أن ثمة "معارك طاحنة تلوح في الأفق" بشأن تفاصيل هذه القوانين، ما يزيد احتمالية عدم موافقة المشرعين على خطط الإنفاق في الوقت المحدد، وإغلاق الحكومة.

ويحاول الاتفاق بين بايدن ومكارثي حض الكونجرس على تمرير جميع قوانين الإنفاق، وتجنب الإغلاق بالتهديد بخفض الإنفاق المهم لكلا الحزبين.

وفي حال لم يوافق المشرعون على جميع مشروعات القوانين العادية الـ12 بحلول نهاية العام الجاري، سيقلل الاتفاق الحدود القصوى للإنفاق. وسيتم تحديد الإنفاق التقديري غير الدفاعي عند 1% دون مستويات العام الجاري، ومن المحتمل ألا يتم إعادة تخصيص مبلغ التمويل الخاص بإدارة الضرائب الداخلية للعام المقبل، الذي تبلغ قيمته 10 مليارات دولار، لبرامج أخرى.

وستنطبق المستويات نفسها على الإنفاق الدفاعي وعلى المحاربين القدامى، الذي سيمثل في واقع الأمر "خفضاً جذرياً لهذه البرامج مقارنة بالحدود القصوى التي تم الاتفاق عليها".

ويرى الديمقراطيون الخفض العسكري الذي يلوح في الأفق باعتباره "حافزاً قوياً للجمهوريين لإبرام صفقة لتمرير مشروعات قوانين المخصصات بحلول نهاية العام الجاري". 

ما لم يتضمنه الاتفاق

يتضمن الاتفاق النهائي خفضاً أقل بكثير في الدين المستقبلي مما اقترحه الطرفان، بحسب الصحيفة الأميركية.

يأتي ذلك رغم رغبة الجمهوريين في الوصول إلى مستوى أكبر من الخفض في الإنفاق ومتطلبات عمل أكثر صرامة، كما سعوا إلى إلغاء مئات المليارات من الدولارات من الحوافز الضريبية التي وقعها بايدن لتسريع وتيرة التحول إلى مصادر الطاقة منخفضة الانبعاثات ومكافحة تغير المناخ.

في المقابل، أراد بايدن زيادة الضرائب على الشركات وأصحاب الدخول المرتفعة واتخاذ خطوات جديدة لخفض إنفاق برنامج "ميديكير" على العقاقير التي تستلزم وصفات طبية، لكن "أحداً من الطرفين لم يتمكن من إدراج ما أراده في الاتفاق".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات