
تشارك الولايات المتحدة والصين وروسيا، الاثنين، في تدريبات بحرية متعددة الجنسيات تستضيفها إندونيسيا، في لحظة تعاون نادرة تأتي في وقت تتراجع فيه الجهود الدبلوماسية وتحتدم المنافسة الدفاعية في جميع أنحاء منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
ورغم الخلافات بين القوتين، أرسلت الولايات المتحدة والصين سفناً حربية للمشاركة في المناورات البحرية التي تعرف باسم "كومودو"، وبدأت في المياه الشرقية لإندونيسيا قبالة جزيرة سولاوسي، الاثنين، وتستمر حتى الخميس.
وقال ناطق باسم السفارة الأميركية في جاكرتا لـ"فرانس برس"، الأحد، إن البحرية الأميركية أرسلت سفينة قتالية شاطئية للمشاركة في المناورات التي ستركز على عمليات غير عسكرية.
وأضاف المصدر أن التدريبات ستسمح للولايات المتحدة "بالانضمام إلى صفوف بلدان متشابهة بالتفكير وحلفائنا وشركائنا للعمل على حل التحديات المشتركة" مثل الاستجابة للكوارث وتقديم المساعدات الإنسانية.
بدورها، ذكرت وزارة الدفاع الصينية، الأسبوع الماضي، أنها سترسل مدمّرة وفرقاطة بدعوة من البحرية الإندونيسية.
ويتوقع أيضاً أن ترسل أستراليا وروسيا سفناً حربية، بحسب قائمة للجيش الإندونيسي اطلعت عليها "فرانس برس".
وقال الناطق باسم البحرية الإندونيسية أي ميد ويرا هادي، في بيان، إن "المناورات البحرية متعددة الأطراف MNEK هي تدريب غير حربي يعطي أولوية للتعاون البحري في المنطقة".
وذكرت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست"، أن إندونيسيا، التي تعاملت بذكاء مع قمة مجموعة الـ20 التي عُقدت العام الماضي في جزيرة بالي بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، ستشارك في تدريبات "كومودو" البحرية التي تضم 49 دولة، بينها دول متنافسة مثل الكوريتين الشمالية والجنوبية والهند وباكستان.
وستشمل تدريبات "كومودو" عمليات إنقاذ بحري واستجابات لحالات الطوارئ الإنسانية مثل الكوارث الطبيعية.
إندونيسيا.. وسيط محايد
ويرى خبراء، بحسب الصحيفة، أن إندونيسيا، التي ترأس رابطة دول جنوب شرق آسيا "آسيان"، تلعب دور "الوسيط المحايد" في منطقة مليئة بالمطالب المتعارضة بالسيادة على المياه والأراضي.
ونقلت "ساوث تشاينا مورنينج بوست" عن براشانث باراميسواران من مؤسسة "مركز ويلسون" البحثية الأميركية قوله: "هذه التفاعلات تميل إلى التركيز أكثر على المشاركة، لكن الواقع الجيوسياسي يراه الجميع".
وأضاف: "إندونيسيا لعبت دوراً رئيسياً في إدارة هذه التوترات على مدى العامين الماضيين من خلال رئاستها لمجموعة العشرين العام الماضي ولرابطة آسيان هذا العام".
بدوره، قال فريجا ويناس، الأستاذ في جامعة الدفاع الوطني الإندونيسية، إن عدد الدول المشاركة في التدريبات البحرية يتماشى مع المكانة الدولية لإندونيسيا، مُوضحاً أن أحد الدوافع المحركة للدبلوماسية الدفاعية للبلاد يتمثل في "تعزيز صورتها وسمعتها الدوليتين".
ويرى ويناس أن مشاركة قوى عظمى، مثل الولايات المتحدة والصين، والعديد من الدول الأخرى سيسهم في أن توفر التدريبات فرصة للحوار، مشيراً إلى أن قادة القوات البحرية سيجتمعون بالتزامن مع التدريبات البحرية.
وعند سؤاله عما إذا كانت التوترات مع روسيا والصين قد تؤدي إلى احتكاكات خلال التدريبات، قال متحدث باسم البحرية الأميركية للصحيفة: "نحن نحترم قدرة حكومة إندونيسيا على اختيار المشاركين بصفتها الدولة المضيفة. فالولايات المتحدة ستواصل العمل مع شركائها، مثل إندونيسيا، لضمان أن تظل المنطقة مفتوحة ويمكن الوصول إليها وأن تُستخدم وفقاً للقانون الدولي".
ويبدو أن إندونيسيا عازمة على لعب دور دولي أكبر يتناسب مع مكانتها كأكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا ورابع أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، حسبما ذكرت الصحيفة.




